يمضي الحاج سالم جلَّ ساعات النهار جالساً أمام بوابة مكتب البريد في مديرية الشيخ عثمان على أمل أن يفتح البريد أبوابه ليستلم راتبه المتأخر منذ أشهر عديدة. ولم يفارق الحاج سالم مكانه المعتاد منذ أشهر بجانب بوابة بريد الشيخ عثمان ومعه العشرات من كبار السن المتقاعدين المنتظرين رواتبهم المتأخرة. يقول الحاج سالم انا من سكان الشيخ عثمان ولا أتعب كثيراً في القدوم الى البريد فالمسافة التي تفرق بين بيتي والبريد لا تتعدى الخمس دقائق. ويضيف الحاج سالم أن الكثير من المتقاعدين وهم من كبار السن يأتوا من مناطق ومدن أخرى بعدن الى للانتظار امام بريد الشيخ عثمان لإستلام رواتبهم، وهو ما يكبدهم مشقة كبرى ويتحملوا الكثير من الصعوبات والخسائر المادية. ويأتي العديد من المتقاعدين من المحافظات المجاورة لعدن مثل لحج وأبين ليبدؤون رحلة البحث عن رواتبهم في مكاتب بريد العاصمة عدن. ويعيش عشرات الآلاف من المتقاعدين العسكريين والمدنيين في عموم المحافظات أوضاع مأساوية نتيجة تأخر رواتبهم لأشهر عديدة، مما أدى لمعاناة أسرهم وتضر الكثير من فئات المجتمع. وتتبادل الحكومة الشرعية بعدن وحكومة الانقلابيين بصنعاء الاتهامات عن المسؤول الأول في تأخير رواتب المتقاعدين. وتتهم حكومة الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي الحوثيين بنهب الاحتياط النقدي الذي كان بالبنك المركزي اليمني بصنعاء قبل نقله الى العاصمة عدن والمقدر بحوالي خمسة مليارات دولار. وقال رئيس الحكومة الشرعية الدكتور أحمد عبيد بن دغر أن ميليشيات الحوثي قامت بنهب الاحتياط النقدي لدى البنك المركزي في صنعاء، والبالغ نحو 55 مليارات دولار. وأتهم بن دغر الحوثيين بالتسبب بأزمة السيولة النقدية في الأسواق اليمنية وذلك بنهبهم وإخفائهم أكثر من 400 مليون ريال يمني من البنك المركزي. وكان الرئيس هادي قد أصدر قرارا في الثامن عشر من سبتمبر من العام الماضي قضى بنقل المقر الرئيس للبنك المركزي اليمني من صنعاء الى مدينة عدن التي تتخذها حكومته كعاصمة للبلاد. وأكد رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر أن المرتبات ليست للاستخدام السياسي ولا للكسب والحشد ولا للمتاجرة بقوت الناس، مشيراً إلى أنه لا يوجد حكومة بالعالم تلتزم بدفع المرتبات وما زال نصف موارد الدولة بيد خصومها، في اشارة لرفض الحوثيين توريد الإيرادات الى البنك لمركزي بعدن. وذكّر بن دغر ميليشيات الحوثي وصالح بالتزام الشرعية بتوريد إيرادات المحافظات المحررة إلى البنك المركزي عندما كان مقره الرئيسي بصنعاء. وفي حين وصلت أكثر من 200 مليار ريال يمني بعد طبعها بروسيا إلا أن الحكومة الشرعية عجزت عن دفع الرواتب للمتقاعدين بالمحافظات المحررة. وفيما ترسل حكومة بن دغر مليارات الريالات للمحافظات التي مازالت تحت سيطرة الانقلابيين يتسأل المتقاعدين بالمحافظات الجنوبية المحررة عن مصير رواتبهم المتأخرة. وسافر العشرات من المتقاعدين الجنوبيين الى صنعاء لاسلتام رواتبهم من مكاتب البريد صنعاء بعد أنباء صرف حكومة الانقلابيين نصف راتب شهر أكتوبر من العام الماضي. وقالت مصادر خاصة ل"عدن الغد" أن متقاعد جنوبي توفي بينما كان واقفا في طابور البريد لإستلام مرتبه. وأكدت المصادر أن المتقاعد الجنوبي أحمد مسعود قد توفى في صنعاء الأحد الماضي، جراء تعرضه لأزمة قلبية بينما كان واقفا في طابور لإستلام راتبه في أحد مكاتب البريد بصنعاء. ونفذ مئات العسكريين الجنوبيين من متقاعدي وزارتي الدفاع والداخلية وقفة احتجاجية أمام بوابة قصر المعاشيق صباح الأحد الماضي، وطالب المتقاعدين العسكريين الرئيس هادي والحكومة الشرعية بصرف مستحقاتهم المالية المنقطعة منذ عدة اشهر. ويقوم العشرات من المتقاعدين المنتظرين امام مكاتب البريد بعدن بقطع الشوارع الرئيسي لعل أن ينظر لحالهم المسئولين بالشرعية. ويتسأل المتقاعدين عن الجهة المسئولة عن تسليم الرواتب المتأخرة في ظل تنصل حكومتي صنعاءوعدن وتبادل الاتهامات في ما بينهما عن من يتحمل مسئولية الرواتب المتأخرة للمتقاعدين. وتبقى شريحة المتقاعدين بشقيها العسكري والمدني هي الفئة المعيلة للكثير من الفئات الأخرى بالمجتمع حيث ينتظر مئات الآلاف من المواطنين راتب المعاش آخر الشهر لسد رمق إحتياجهم. وفيما ينتظر عشرات المتقاعدين بشكل يومي امام مكاتب البريد لإستلام رواتبهم الضائعة بين سلطتي الشرعية والانقلاب يلتزم المسئولين الصمت تجاه هذه القضية التي أدت للكثير من المشاكل للمتقاعدين وأسرهم.