عدن ام الدنيا.. تلك الفترة التي عشناها في عدن فتره لا تنسى..عدن محطة لكل العاشقين والسياسيين والفنيين ونجوم الرياضة والفنون والمسارح ودور السينما ورحلات الأهل والعائلات الى تلك السواحل والشواطئ الذهبية التي منحها الله لهذه المدينة الساحرة الجمال والعشق..
عدن بيتنا..وحارتنا.. وهويتنا وبصمتنا.. وبحرنا..وهوائنا.. عدن جاءها الانكليز ليس اعتباطا جاءتها اكبر امبراطورية في العالم حينها لعلمهم ان هناك اناس مثقفون متعلمون وميناء ومطار وسواحل ومضايق عالميه وتجاره واسواق وسحر وبيئة مدنية ثقافية..
حينما كنا صغارا..كنا نلهو ونمرح في الطويلة وحافة القاضي وحافة حسين وحوافي خور مكسر والشيخ عثمان والمنصورة والقاهرة ودار سعد والتواهي والمعلا والقلوعة ومدينة الشعب والبريقة الشعب.. كنا نذهب الى ملعب الحبيشي ونشاهد اجمل المباريات الكروية.. نذهب للسينما بلقيس وريجل والحرية..
كانت حياتنا ملائكيه لا يعكر صفوها حاذق ولا سياسي ولا بلطجي ولا قبيلي..كنا مجتمع حي تربطنا روابط المحبة والصدق والاخوة..
في شهر رمضان تصدح اصوات المآذن من مسجد العيدروس ومسجد ابان ومسجد النور في الشيخ عثمان وخور مكسر كنا نذهب لصلاة التراويح ونتبادل الدعاء والذكر و الزيارات..
ما اجمل تلك البنت الصغيرة هويدا وهي رابطه شعرها عمبورة وخارجة من بيتها معها صحن كبير ملان بالفطور( شربه باجيه سمبوسه لبنيه وحلويات وعتر وماكرونه.....الخ) تتمخطر هويدا في مشيتها في الحافة وتقابل الاولاد يلعبون وهي ذاهبه الى بيت الجيران لتعطيهم فطور رمضان..
مشاهد سادت واصبحت سلوكا طبيعيا.. يااااااه ما اجمل وما اروع ذلك الزمن النقي.. نفطر ونصلي التراويح ونتبادل الدعاء والذكر وتلاوة القرآن..
حياة هادئة وفي وقت الظهيرة نفتح الراديو ونسمع الحان واشجان وفنون اساتذة المرشدي ومحمد سعد والزيدي واحمد قاسم وبلفقيه وفيصل علوي والعطروش وعوض احمد واحمد علي قاسم وصباح منصر ورجاء باسودان وامل كعدل وفرقة الإنشاد الرائعة والحان لحجيه وحضرميه وعدنيه.. كانت عدن هوية اغنية بكل الثراء والادب والفنون..
العائلات تذهب الى الساحل الذهبي وخليج الفيل والكبجان والبريقة وسواحل خور مكسر وقلعة صيره..هذه عدن الجمال والسحر والفن والدين ومدارس القرآن والبنوك والمجالس البلدية ومكاتب البريد والمتاحف والحرف اليدوية والعطور والبخور...
كانت عدن سوق غني للتجار والسواح والعلم والتربية.. كنا طلابا في ثانوية الجلاء وعثمان عبده ولطفي..كانت هناك استاذات فاضلات جليلات تعلمنا منهن كيف نسطر الحرف وننهل العلوم..فوزيه عميران والاستاذة نجيبه علبي..الاستاذة عايدة واساتذة كبار الاستاذ مجدوب وعباس رحمة الله عليهما والاستاذ انور والاستاذ عبدالجليل وعلي محمد يحي اطال الله في عمره
كنا في الثانوية مثل كتيبة للرحمة والمحبة لم يخترقنا قاتل ولا مؤذي ولا حاقد ولا ضغينة..كنا نتعامل كأخوة بصفاء قلب وطهارة..كان مجتمع عدني علمي وثقافي ورياضي وعالم مدني متطور سبق كل البلدان في المنطقة التي كانت متخلفة عنا في كل شي..
تلك الجبال البركانية التي تحيط بعدن كانت تحميها من الامراض والأوبئة الدخيلة..هناك صهاريج فنيه ثقافيه مبنية في احدث بناء هندسي نال اعجاب المؤرخين والمهندسين والسواح..هذه الصهاريج بنيت ايام العثمانيين(حسب معلوماتي) لتحفظ المدينة من مياه الامطار المتساقطة من اعالي الجبال وكانت وكانت المياه تسير في منافذ وممرات مائية دقيقه تم التخطيط لها بدقه ونظام...
هذه عدن.هبه ربانيه يسودها الحب والرحمة والتعايش فكانت عدن محطة لاستقبال كل الوافدين من المحافظات الاخرى ففتحت لهم قلبها وبيتها وترابها فصارت عدن ارض الملوك..
زارها الفنان الكبير فريد الاطرش واقيمت احتفالات في منزل السيد خدابخش في خور مكسر فاندهش فريد الاطرش من هذه المدينة الجميلة..
عدن قبلة المسلمين الصائمين والساجدين والراكعين وكانت بيوت عدن ومقاهيها العتيقة تجمع الأدباء والرياضيين ورجال الفن والشباب والكبار
عدن ارض الارخبيل والجزر ومقرا وموطنا للطيور المهاجرة والبحع التي كانت تأتي من الشرق والغرب وتستقر في جزيرة العمال حيث المياه الرطبة والمواقع المائية الجميلة..
البريقة ومدينة الشعب والحسوه كانت ارض للريفيين العدنيين البسطاء وكانا مدينة الشعب عاصمة حينذاك والانكليز اتخذوا منها موقعا هاما..
كانت الجامعات والثقافة والعلوم والمعاهد العلمية وابداعات لا تعد ولا تحصى... مستشفى الملكة كان صرحا شامخا يشهد على روعة هذه المدينة..وكان مركزا عملاقا لعلاج الناس كافه.. مؤسسة المياه كانت اول مؤسسة في المنطقة والخليج تنقل الماء من الابار في الريف الى عدن عبر أنظمة الشبكات والخطوط والخزانات العملاقة.. ممرات السيول ومياه الصرف الصحي والمخلفات تم انشاء لها شبكات وخطوط ارضية تنقلها الى البحر.. محطات الكهرباء والتوليد كانت عدن السباقة في قضايا الطاقة.. الإذاعة كانت لها الريادة في المنطقة..
نستحلفكم بالله خذوا بنادقكم ودباباتكم واحزابكم وهرطقتكم وشعاراتكم الرنانة خذوها الى اي بقعه في الارض واعيدوا لنا عدن حيث الهواء النقي.. عدن حكاية عشق كبيره وسرمديه لا تنتهي سطورها.. لك كل الحب والولاء ايتها المدينة الساحرة.