كالحرباء يتلون الفاسدون، فهم يمتلكون أسلحة كثيرة يستخدمونها في تلميع إفرادهم.. و حتى ينجحون في تبيض سواد أفعالهم و تجميل قبح إعمالهم و تعفيف سرقاتهم و عبثهم بمقدرات عدن، فليس هنالك اقوى من ثوب التقوى و العفاف و الوطنية..
فيتم استغلال و استثمار الرصيد النضالي للبعض، و تزوير رصيد نضالي لشخصيات لم تقم بأي دور إيجابي إثناء التصدي للعدوان، بل ان وجود بعض هولاء كان مدمرا، و كاد ان يمزق تماسك الجبهات الداخلية، فلولا لطف الله في نصرنا لكانوا سبباً رئيسياً في الهزيمة،
فقد كانوا يستغلون انشغالنا بمواجهة الأعداء في خطوط التماس، بيننا هم كانوا ينتشرون في شوارع المدينة و تقاطعاتها و مؤانيها و مرافقها كالوباء،
يفتكون بالجبهة الداخلية، من خلال التقطعات و فرض الإتاوات و نهب المرافق و الاعتداء المسلح على التجار و الاستيلاء على أموالهم و سياراتهم و اقتحام المصارف و غيرها..
و حين القت الحرب أوزارها، قفزوا إلى الواجهة و بدئوا بالمساومات،
فلم يتم تسليم مرفق إلا بتسوية أوضاعهم، و ذهب البعض لأن يتقلد وظائف اكبر من حجمه و غير مؤهل لها.. فأصبح من نهب مرفق و استخدمه ك لوكندة للنوم و التخزين إثناء الحرب أصبح إما مالكا له او مديراً عليه..
و من نهب أثاث البنك و مكيفاته و شاشاته و خزائنه يطالب بحقوق حماية تتجاوز الملايين ،
و من كان يتاجر يستولي على إيرادات الجمارك و الضرائب في الموانئ، لم يسلم المواقع التي أصبحت مرعى الأشباح إلا بعد ان دفع له الملايين...
و من استولى على الأطقم العسكرية و الأسلحة لم يعيدها بل كون له عصابة للتقطع و النهب بعد ان كني ب أبي فلان و أبي زعطان و أصبح قائداً بطلا..
و للأسف ان هولاء المتطفلين لم يكونوا لايستطعون النجاح لولا أنهم استقووا و وجدوا سند و حاضن شعبي مشوش الفكر غير مدرك لمأربهم الخبيثة،
فهم يتمترسون بلباس الوطنية خلف خط دفاعي مكون من عامة الشعب المطحون..
استغلوا مشاعر الناس و استغلوا الغضب ضد الظلم الذي عانينا منه بسبب وحدة الفيد و الفساد،
فحملوا شعاراته بعد إن أفرغوها من قيمتها و مبادئها الإنسانية فأصبح من يلوك تلك الشعارات ذات الوميض الوطني و الديني مقدساً لا يمس،
و لحماية تلك المافيا كان لابد من تسوير فسادهم بسياج إعلامي يدافع عن أفرادها الفاسدين، فالويل لمن تجرأ و حاول النبش في عش الدبابير.. سينقلب بين عشية و ضحاها الى مجرم كافر عميل خائن.. و سيبدأ النبش في سيرته الشخصية و العائلية،
و فيما يملك من مال و من اين حصل عليه، و لن يغادروا صغيرة و لا كبيرة إلا و يعرضونها على الملأ..
و ليس الغرض من ذلك هدفاً نبيلا ساميا و بحثا عن حقيقة، بل إنهم يبحثون عن ثغرات يستغلونها لشراء الذمم، فجوات يستطيعون من خلالها إدخال نصل خناجرهم المسمومة و الطعن في شرف و عرض و أخلاق و دين المتمرد الذي تجرأ و قرر التصدي لعبثهم .. و ان رضخ لهم فليس هناك من مشكلة لديهم ان يجعلوه مرة أخرى وطني و من اجدع الناس! و أصبحت تلك الشخصيات الكرتونية الفارغة المحتوى خطوط حمراء، لا يمكن الإشارة إلى سوء جرائرها...
و إن تجرءا أحد على الاقتراب منها يا ويله و يا سواد سيدفع الثمن غاليا..
فإن انتقدنا صفقة مشبوهة او ممارسات خاطئة انبرت اقلام المطبلين..
لا يجوز التعرض لهذا و لا لذاك... فهذا قائد للمقاومة الذي صال و جال و أرهق الاحتلال، و هذا قاتل إلف و آسر إلف، و هذا ورع نظيف من التقاة الطاهرين..
خطوط حمراء محرم تجاوزها، و خلفها يتم نخر الحبيبة عدن كمثل صريح لباقي مناطق الجنوب، و نحر ابناء عدن كعينة لشعبنا من المظلومين.. خلف الوطنية، تنشط مافيا الفساد، فتبسط على الأراضي و العقارات و تحتكر الوظائف،
و تمرر الصفقات المشبوهة و تقبض العمولات.. خلفها تمارس المحسوبية و المناطقية..
و هناك أمر أخر يثير الشبهة و الشكوك.. لمصلحة من لم يتم تفعيل المحاكم حتى هذا اليوم؟! فلا يخشى القضاء إلا من على رأسه كومة من الجرائم و الخروقات القانونية..
و من أراد إن يستمر الانفلات و الاستفادة منه إلى أطول فترة ممكنة.. بالله عليكم..إلا تشعرون بالخجل، عندما نسمع بان المتخلف الجاهل بائع القات، محمد علي الحوثي، يلجأ الى المحكمة ليستدعي رجال عفاش، حتى و ان كان ذلك تمثيلاً ، و حتى و نحن نعرف بانهم دخلوا قاعات المحكمة كل برفقة قبائله المدججة بالأسلحة..
فنحن هنا لا نجعل من اولئك الكائنات قدوة، بل ك مقارنة باشد الخلق سوء حتى يخجل أصحابنا من افعالهم..
لا مزيد من المزايدات و التهاون.. فعدن حبيبتنا التي ستفديها قبل اي مصالح دنيوية أخرى.. عدن في وضع ينكي الجراح و يحرق القلب و يبكي العين.. لقد حاولنا عدم بث اليأس و عدم قطع شريان الأمل الذي يغذي قلوب الناس لفترة طويلة، طالبناهم بالصبر، لعلى و عسى، و لكن لا حياة لمن تنادي... الوضع لا يحتمل المزيد من الخوف و المجاملات، مدينتنا الحضارية تنهار و المواطن في موت سريري ينتظر إن ينعش و يعود الى الحياة.. الدولار يعربد مجنونا، الوظائف تشح، السفر يتصعب و الخيارات فيه معدومة أمام باص اليمنية... الخدمات الأساسية تتهاوى.. و تعالوا الى الأهم و هو الجانب التعليمي.. طلابنا بدون دراسة حقيقية، معظم المدرسين غير مؤهلين، الغش أصبح ظاهرة ضرورية و قد أصبح أحد أركان التربية و التعليم..
و اين الحرص و الواجب الوطني إمام غول الجهل الذي يقدم إلينا بخطواته العملاقة؟!
قريباً سيسحقنا تحت إقدامه، فأين التحرك الجاد لإفشال هذا التأمر في تجهيل جيل الشباب و من المسئول عن كل هذا الضياع؟! نحن فعلاً ملينا الوعود،
نسمع الجعجعة، و لكن لا نلمس و لانرى أي خطوات جدية للخروج من الأزمات،
نشعر إن كل مسئول ليس له إلا شعار واحد و هو نفسي نفسي.. بينما نحن على حافة الهاوية في سقوط جماعي لن ينجو منه احد، حتى أولئك المناضلون و المتقاومون.. فبسبب الفساد قد تهاوت أمم خلت.. فهل من معتبر؟!