بروز خطة أمريكية سعودية إماراتية رغم محاذير استراتيجية وإنسانية بعد أعوام من انتقاد التدخل الأمريكي في الشرق الأوسط، صدم الرئيس دونالد ترمب العالم الأسبوع الماضي بتصعيد التدخل العسكري في الحرب السورية التي تدور رحاها منذ ستة أعوام. لكن كان ترمب أيضا يحضر بهدوء لدعم دور أمريكي في الحرب على الجانب الاخر من المنطقة المضطربة- اليمن على وجه التحديد، وهي الدولة الفقيرة التي لا يعلم 17 مليون مواطن فيها من أين ستأتي الوجبة القادمة والتي تتورط فيها كل أطراف الحرب في مزاعم جرائم حرب. وضمنا لمصادر حكومية ومناصرين ومحللين، تقوم إدارة ترمب بدعم التحالف الذي تقوده السعودية لمحاربة المليشيات المدعومة من إيران. ويعتقدون أن يقوم ترمب في الأسابيع القادمة بإقرار صفقة كبيرة من القنابل للسعودية وضوء أخضر محتمل للتحالف لاقتحام الحديدة، وهي الميناء الرئيسي لاستيراد الغذاء. ومثل هذه الخطوة ستزيد من حدة الأزمة الانسانية وستدمر جهود الولاياتالمتحدة في التفاوض على حل سياسي. ويقول سكوت باول، وهو مستشار كبير للشئون الانسانية في منظمة أوكسفام الأمريكية عن حركة الميناء:" بدى الأمر حتمي ووشيك. ويبدو وكأن خليط من الهموم الانسانية والهجمات الأخيرة على سوريا قد حولت اهتمامات الادارة لكن سيأتي وقت تلتفت فيه الانظار إلى اليمن." وتقول كاثرين زايمرمان، وهي خبيرة في معهد المبادرة الأمريكي تابع للجمهوريين، ذهب مندوبون للتحالف إلى الاجتماعات الأخيرة وكأنهم في قمة بين ترمب ووزير الدفاع السعودي ودخلوا في جدل هدف ترمب في إضعاف النفوذ الإيراني. وجلبوا معهم مقترحات واضحة من أجل الدعم التكتيكي، بما في ذلك إلغاء الاجراءات التي اتخذتها ادارة أوباما في إيقاف صفقات السلاح وتقديم معلومات استخباراتية ومساعدات لوجاستية والمزيد من التدخل الأمريكي في البحار المحيطة باليمن التي استهدفت فيها الجماعات الحوثية المرتبطة بإيران قطع بحرية أمريكية وسعودية وإماراتية. وتقول زايمرمان :" أتوا باستراتيجية انضمام وتفهم ممتازين في أن الولاياتالمتحدة تجاوبت مع المقترحات." وتقول التقارير أن وزير الدفاع جيم ماتيس يريد تقديم مساعدة ما للسعوديين وحليفهم المقرب في التحالف الامارات العربية المتحدة في جهود لهم للسيطرة على الحديدة رغم التوقف قليلا حول عرض نشر قوات أمريكية للعمليات الخاصة. وتتقدم قوى التحالف نحو المدينة في الأيام الأخيرة أملا في الوصول إلى ضواحي المدينة قبل دخول شهر رمضان الكريم للمسلمين الذي سيصادف أوائل يونيو ثم الهجوم على المدينة بعد شهر رمضان. وامتنع متحدث باسم البنتاجون ادم استامب من الاجابة على سؤال أرسلته لبريده الالكتروني عن التدخل الممكن لوزارة الدفا في خطط السيطرة على الحديدة مستشهدا بقلق حماية القوات. ورفض أيضا التعليق على سؤال فيما إذا كانت الولاياتالمتحدة قد بدأت باستهداف مليشيات الحوثي. وقال استامب أن الوضع الحالي للانتشار الأمريكي لازال كما كان أيام إدارة أوباما مع إقرار مساعدات كبيرة للتحالف الذي تقوده السعودية فيما يخص تزويد الطائرات بالوقود في الهواء يمكن التحالف من استمرار حملة القصف الدامي ومساعدات لوجاستية أخرى. وقال ستامب للموقع:" يستمر أربعة خبراء عسكريين والذين عينوا لمساعدة السعودية كأعضاء فريق دفاعي في تقديم وظائف قليلة تتعلق بالصراع في اليمن وتحوي هذه الوظائف تنسيق التمويل وقائمة تدقيق الأهداف وكذا الشراكة في الاستخبارات تتعلق بأمن الحدود اليمنية السعودية." ويضيف قائلا:" يبقى الدعم الأمريكي العسكري في حالة اللاهجوم ومقتصر على التنسيق." وتحدث مصدر في الكونجرس والذي يجب أن يحصل على تنبيه عن تأييد ترمب في تحويل أسلحة للسعودية للموقع أن التنبيه لم يصل بعد رغم مباركة الحركة من قبل وزارة الخارجية الشهر الماضي. لكن لا تمنع الموازين في واشنطن التحالف المدعوم أمريكيا واخرين من التحرك قدما بطرق قد تقيد قدرة ترمب على تشكيل الأحداث- ومن ثم تهديد كل من الأهداف الأمريكية الطويلة الأمد في اليمن والسكان المدنيين التعساء في البلاد. ويثق السعوديون على سبيل المثال بدعم أمريكي أوسع عما كان في بداية الحرب. ويقول علي شهابي، وهو المدير التنفيذي للجنة المؤسسة العربية في واشنطن والتي تعتبر قريبة من التوجه السعودي :" النية موجودة وتوافق العقول موجود أيضا. لكن تبقى التفاصيل وما الذي ستفعله أمريكا بالضبط سيكون أكثر مما فعلته سابقا وهي المشكلة الرئيسة التي قد حلت سابقا هي الموقف العام." ويبدو أن وجهة نظر السعودية عن الحديدة والتي طالبت الأمم المتحد مرارا في تأمينه قد حلت. ويضيف شهابي، مستشهدا بمخاوف من التحالف من شحنات الأسلحة الإيرانية التي تصل عبر الميناء وسيطرة الحوثيين على مؤن الغذاء التي تصل هناك لحرمان المدنيين الذين يعيشون في المناطق خارج سيطرتهم:" لقد قالت السعودية عن ذلك الميناء بما أن أخذه أو كما تقولون أن السيطرة عليه ستشكل مشكلة إنسانية كبيرة، فلتقم الأممالمتحدة بالإِشراف عليه وهو الأمر الذي تراجعت عنه الأممالمتحدة." وأضح المتحدث باسم البنتاجون استامب أن الدور الإيراني في المنطقة ينال حيزا مركزيا في التوجهات الأمريكية:" إذا ما استمرت إيران في نشاطات تخريب وزعزعة المنطقة ستقوم الولاياتالمتحدة مع شركائها بالرد." ومن غير المرجح أن يبقى امر تحويل الأسلحة قضية شاغلة. فبينما يدفع بعض الحقوقيون من أجل شفافية أكبر عن الجرائم المزعومة قام به التحالف الذي تقوده السعودية قبل استمرار صفقات الأسلحة، فإن العمل ضد إيران يعتبر هدفا عاما في كابتول هيل ( مبنى البرلمان الأمريكي) وحقق السعوديون نجاحا في الحصول على تصويت الشيوخ في الحصول على شحنات دبابات العام الماضي رغم انتقادهم في البيت الأبيض بسبب سلوكهم وحماسهم في الحرب. ويمكن أن ينمو الدعم الأمريكي- مثل مشاركة أوسع في العمليات الاستخباراتية والتنسيق لإفادة التحالف كجزء من النشاطات الأمريكية في مواجهة الإرهاب في اليمن- رغم الجدال في الكونجرس. وكتب ستامب:" علاوة على كبح خطر القاعدة في شبه الجزيرة العربية للولايات المتحدة، دعمت العمليات الأمريكية الأخيرة ضد الإرهاب على القاعدة في اليمن الحكومة اليمنية وقوات أمريكية شريكة." حيث أن الطرف الذي تدعمه السعودية في اليمن يضم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا. وقالت زيمرمان في مقال لها:" لا يجب على الولاياتالمتحدة أن تفشي سياستها عن اليمن للسعودية أو الامارات العربية المتحدة ولا يقتضي أن تؤمن المصالح الأمريكية كاملة في اليمن بينما تنحرف عن قضايا هامة قد تزيد فترة عدم الاستقرار." وتقول تظل استراتيجية التحالف في ضرب خصومه أملا في إضعافهم وإجبارهم على المفاوضات هي نفسها منذ أن بدأ الصراع عام 2015 وقد فشل في تقديم نتائج. وتقول زيمرمان:" أفضل مساهمة تقدمها الولاياتالمتحدة في هذا القتال هو القيادة لتخليص شركائنا من اليمن." وتحث الإدارة على إجراء تسوية سياسية بأسرع ما يمكن لأن ذلك سيجبر الجماعة الموالية لإيران بالاعتراف بتصدعها الداخلي مما سيساعد التخفيف من القلق السعودي من وجود وكلاء لإيران على حدودها. وتحث أن الجانب المدعوم من السعودية واضح في أهدافه البعيدة الأمد. ومن غير المرجح أن الاستمرار في الحرب في وضعه الحالي سيثمر عن فوائد استراتيجية حتى وان استخدمت جهود عالية الكفاءة مثل الهجوم على الميناء. وفي تلك الغضون ستستمر اليمن في نزيف الدماء. وقال المستشار الكبير في منظمة أوكسفام سكوت باول " كل أطراف الصراع تعمل بشكل غيرملائم وتظهر لا مبالاة واضحة لحياة المدنيين، وغير ملتزمة بمواثيق القانون الدولي الانساني لحقوق الانسان. لعل أحد هذه المهام هو إقناع التحالف أن أخذ الميناء غير عملي ولن يؤدي إلى حل سياسي." ويستمر قائلا:" لن يكون ذلك سلوكا صائبا. وعوضا عن ذلك، ما سيحدث هو أننا سنتحرك أبعد وأبعد عن طريق احتلال الحديدة كل يوم في مكان لا يوجد فيه بداية لسلوك عام ومرن وواقعي في عمليات السلام." • الكاتب هو محرر الشئون الخارجية في هوفنجونبوست.