من الصعب أن يتحدث المرء أو يكشف عن جانب من جوانب علاقته بالله عز وجل خصوصاً ما يتعلق بالبذل والعطاء في سبيله ، ولعل الخشية من الوقوع في الرياء هو أحد أهم الأسباب المانعة من التحدث في ذلك ، والشيخ محمد بن علي الحاج بانافع هو أحد رموز العمل الخيري والإنساني في محافظة شبوة على وجه العموم ومنطقة يشبم والصعيد خصوصاً ، وصمته وذوقه يمنعانه من التحدث عن تلك الصنائع الخيرية والأعمال الجليلة التي يقدمها ، ولكننا معشر الكتاب مجبرون على التحدث عنها وفصحها لحث رجال المال والأعمال على انتهاج سبيله والاقتداء بنهجه . إن إظهار الأعمال الخيرية والصنائع الإنسانية يبدو في بعض الأحيان واجباً إذا كان الرجاء منه تحقيق المصلحة العامة ، فالله سبحانه وتعالى يقول في محكم التنزيل ( إن تبدو الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ) ، فإبداء الصدقات إذن ليس محرماً ولا مكروها ، ما دام يحقق المصلحة العامة ويكون حافزاً لغيره في فعل الخير وبذل المال والمعروف وتحقيق التنمية الاجتماعية في المنطقة . إن الإنفاق والعطاء في سبيل الله سبب من أسباب الغنى ولكن القليل من يعي ويدرك ذلك ، ولذا فكثير من أصحاب المال يصابون بحب الثروة وتكدس الأموال ، ولكن الرواد ورجال الخير ومحبيه يبذلون المال والوقت والجهد في سبيل تحقيق التنمية الاجتماعية ، فقد علموا أن الإستثمار الأكبر هو الإستثمار مع الله عز وجل كما في قوله تعالى ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة ، والله يضاعف لمن يشاء ، والله واسع عليم ) . شخصية الشيخ محمد بن علي الحاج بانافع ، شخصية أصيلة ، تربت على معنى الوفاء ، الوفاء للقرية وللقبيلة وللمكان الأول الذي رأى نور الحياة فيه ، وبالرغم من كونه هاجر مبكراً القرية البكر ( يشبم ) وقضى جل حياته في المملكة العربية السعودية إلا أن معنى الوفاء النبيل ظل متجسداً وشامخاً في شخصيته المتواضعه وكيانه المحبوب ، وأصبحت آلام الناس ومتاعبهم في القرية هي همه الأول وشاغله الأكبر ، فبذل الغالي من الوقت والمال لأجل إسعادهم وتخفيف آلامهم ومتاعبهم . كثير من أبناء يشبم المهاجرون نجحوا في أعمالهم وامتلكوا من الأموال والعقارات والأرصدة ولكن القليل منهم – وللأسف الشديد – من التفت إلى آلام قومه في القرية وأحس بأوضاعهم أو استشعر حاجاتهم ، فسعى بتوفيق من الله عز وجل إلى تقديم العون لهم وبذل المال لمحتاجيهم وإعانة ضعفاءهم على شظف العيش وسوء الحال كوالدنا وشيخنا الفاضل محمد بن علي الحاج بانافع . وأخيراً ، أهل الفضل الذين قدموا وساهموا في فعل الخيرات هم أولى برد الفضل إليهم ، وبهذه العبارات البسيطة نقدم النزر اليسير من رد الفضل إلى شيخنا الفاضل ، وإن كان أبو علي لا يحب الحديث عن أفعاله وصنائعه إلا أنني التمس العذر لنفسي لأن الواجب تجاهه أقوى بهذا الحديث المتواضع ، فوفقه الله حيثما ارتحل ، وأيده أينما قام أو نزل .