مناخ جنوبنا العربي بشكل عام هو حار صيفاً ومعتدل شتاءً. كما يسود المناطق الساحلية منه صيف شديد الحرارة مع نسبة رطوبة مرتفعة. في أيام الأربعين والتي تبدأ من 10 يوليو (تموز) وحتى العاشر من أغسطس يشتد الحر وترتفع نسبة الرطوبة، وتقل حركة الهواء فيه مما يزيد الجو سوءاً، وتزيد نسبة العرق المتصبب من أجساد العاملين والسائرين، بل وحتى الجالسين تحت الظلال. ولتنبيه الغافلين، ووضعهم أمام الحقيفة التي لا بد لهم من مواجهتها في فصل الصيف فقد أطلق العامة القول السائر (تموز يُفُِور الماي في الكوز).
منذ أن عرفنا أنفسنا ونحن نعيش تلك الأيام القائظة في تموز، غير أن احتمالنا لها يختلف باختلاف ظروف حياتنا وأعمارنا.
عندما كنا صغاراً، وذلك هو الحال بالنسبة لصغار السن منا هذه الأيام، كنا لا نعبأ بتموز وهو يفور الماي في الكوز، بل كنا نتحداه ونلعب الكرة في عز الظهر، وبل ونمشي حفاةً. وإذا أحسسنا بحرارة الأرض تلسع أقدامنا ترانا نقفز من ظل إلى ظل حتى نصل إلى المكان الذي نريد بلوغه.
لا زلنا نرى البعض من صغار السن والشباب لا ينتعلون أحذية ويمشون في الشوارع المرصوفة بالإسفلت والحجارة طول النهار وفي عز الظهر .
أذكر أننا عندما كنا في سن المراهقة كنا نلعب الكرة في المساحة المكشوفة بجانب بئر المغلس، خلف مسجد الدولة، حيث كان يبدأ لعبنا في وقت متأخر من الظهر ويستمر حتى يأتي من كل بيت داعٍ يدعو ولدهم إلى العودة لتناول طعام الغذاء مع أسرته.
كنا نتوقف عن اللعب في ذلك المكان عندما يمر الشيخ كامل صلاح ،رحمه الله، قاضي محكمة لحج حينها، وذلك احتراماً وتقديراً له. وبينما هو يمر بيننا نراه ينفخ الهواء من فمه، ووجهه تكاد تتفجر الدماء من عروقه من شدة الحر.
أعاننا الله وإياكم على حر تموز، وأبقى لنا مياهنا في أكوازنا في درجة الاعتدال، حتى لا تفور.