قرأت مؤخراً موضوع الرئيس السابق علي ناصر محمد في الموقع الالكتروني عدن الغد بعنوان (ولكن من يسمعني !) ومقابلات أخرى سابقة حول دورة السياسي على مستوى الدولة الجنوبية السابقة , وعلى مستوى الدور الحالي في ماهي اقتراحات حلول للمشكلة اليمنية بشكل عام والجنوب وقضيته السياسية بشكل خاص . بدايتاً لاشك أن علي ناصر يعتبر أفضل الموجود في مراحل الحكم السابقة لدولة الجنوب , ولكن هناك عيوب كبيرة كانت تشمل منظومة الحكم في الدولة الجنوبية منذ عام67 مما يعني أنها كانت تحمل بذور انهيارها الناتج عن خطأ المسار على المستوى الإيديولوجي والتسمية (يمننة الجنوب العربي) كما لم يستطع علي ناصر والرؤساء من قبلة ومن بعده أن يحددوا مسار بنائي حقيقي لهذه الدولة الناشئة , وفي مجمل الحال النظام الشمولي كان فاشل حيث بنا أمنة من خلال قتل الناس وتشريدهم , وليس من خلال تشريع ديمقراطي حقيقي .. والجنوب بثرواته الهائلة وسكانه المنخفض في حينها كان على حكامة أن يجعلوا من معيشته جنة عدن . النظام الاشتراكي في حد ذاته كان يحمل مأساة لشعب الجنوب لأن إدارته للثورة والنظام كان وفق فكر سياسي ذات بعد ثوري شمالي مما جعل العاصمة عدن في حينها منطلق لهذا الهدف السياسي الثوري الشمالي , وهذا ما يدل على طبيعة وحقيقة الاختراق لهذه الدولة الجنوبية من قبل دولة الشمال .. ضياع دولة الجنوب مسئولية الجميع أي كل من كان لدية سلطة الحكم والسيطرة في ظل نظام ديكتاتوري اعتمد على القمع لتحقيق إيديولوجية في جوهرها لم تكن تحمي بقاء الدولة الجنوبية وملكية الإنسان الجنوبي , وقانون التأميم مثالاً واضحاً لانحراف هذه الإيديولوجية عن الصالح الجنوبي , وأهداف ثورته الجنوبية الأولى التي تم تحريفها هي الأخرى . تاريخ العهد الشمولي بقيادة الحزب الاشتراكي الهجين معروف للإنسان الجنوبي , ولهذا قد لا نستذكر الكثير من سلبياته التي تفوق إيجابياته ... لأن هذا ليس موضوع النقاش , ولكن نحن بصدد تحديد موقف الرئيس السابق علي ناصر محمد من القضية الجنوبية اليوم وهي المحك الرئيس والأهم لأنها تحمل مواقف الفعل السياسي تجاه مستقبل القضية الجنوبية المتعلقة بهذا الشخص السياسي المخضرم . ظل علي ناصر ولازال في دائرة المنطقة الرمادية سياسياً تجاه القضية الجنوبية , والمنطقة الرمادية للشخصيات السياسية الهامة في وجود صراع سياسي تبقى منطقة جاذبة , وعلي ناصر أفضل من سخر هذه المنطقة لنفسة وجاذبيته السياسية , وليس للوطن الجنوبي .توضيح أكثر حول المنطقة الرمادية سياسياً .. ففي فترة الصمت التي التزمها الرئيس السابق علي سالم البيض اثناء ظهور ثورة الحراك الجنوبي عندما دقت هذه الثورة الجنوبية ناقوس الخطر حول الاحتلال الشمالي اخذت مقولات سياسي الشمال ومقالات كتابة تتغنى بالبيض بكونه الوحدوي العظيم هدفها من ذلك أن يظل البيض في المنطقة الرمادية إلى الأبد , مدركه للرصيد وقوة الدفع للثورة الحراكية في حينها اذا ما أخذ البيض اتجاه تأييد هذه الثورة , وعندما فعل ذلك وأخذ طريق الثورة ودعمها لم تعد تلك ابواق المجاملات السياسية الشمالية تعرف طريق إلى الرجل بل على العكس من ذلك تحول المدح إلى ذم . كذلك علي ناصر يحتل المنطقة الرمادية في الشأن السياسي اليمني بأحكام , وسيظل هذا الشخص ذا أهمية لأن السياسي الشمالي يحرص على بقاءه في المنطقة الرمادية أن لم يكن هناك حيلة لجذبة كلياً , والسياسي الجنوبي يحاول جذبه إليه بقوة والحاح على اعتبار أن ذلك يرفع من رصيد القضية الجنوبية بشكل أقوى . خسارة السياسي الجنوبي تكمن بموجب الهوية الجنوبية وطموحة في وجوب أن يقف علي ناصر مع مشروع قضية الجنوب بشكل مطلق كما هو الحال في اجماع سياسي الشمال حول رفضهم لمشروع الجنوب التحرري , ومن هنا نستدل أن وجود علي ناصر في المنطقة الرمادية سياسياً يضر بالقضية الجنوبية أو على أقل تقدير لا يخدمها بشكل تام . إضافة إلى ذلك أن الرئيس السابق علي عبدالله صالح دائماً ما يحرص على ابقاء علي ناصر في المنطقة الرمادية يتضح ذلك من خلال مقابلاته التي تحمل المجاملات حول مدح علي ناصر , وقد يصل الأمر إلى دعمة مالياً , علي عبدالله يجد في علي ناصر خطر عظيم اذا ما دعم القضية الجنوبية بشكل مطلق , والدال على خوف علي عبدالله من شخص علي ناصر واقعة الحديث بين علي عبدالله وسنان بن لحوم ذكرها الأخير في مذكراته في قول علي عبدالله : (ما بلا ع يؤكلنا كلنا ) قاصداً علي ناصر , كل ذلك يدل على الثقل السياسي الذي يمتلكه علي ناصر مما يرفع مستوى الحرص عند السياسي الشمالي حتى يظل في المنطقة الرمادية سياسياً التي لا توفر الانحياز الكامل لأحد الأطراف المتصارعة . في تقديري الشخصي لا يمكن خروج علي ناصر من المنطقة الرمادية والتحول في دعم الثورة الجنوبية بعمقها الوطني الخالص والمطلق لأسباب عديدة منها : 1 ) عدم التوافق الجنوبي على شخصية جنوبية في صورة اجماع تام بما في ذلك شخصية علي ناصر محمد . 2 ) علي ناصر ذا عقيدة قومية (قومي) , وهذا ينصدم مع هدف الجنوب في فض الوحدة لأن الأفكار القومية وشعاراتها هي سبب ضياع دولة الجنوب , ومفهوم اليمننه وشعار تحقيق الوحدة اليمنية من نتائجها . 3 ) نجاح الرجل في المنطقة الرمادية قد لا يوفره الواقع في حالة مساندة القضية الجنوبية بشكل مطلق. 4 ) يأخذ من حالة البيض عبرة في ذوبان نجمة السياسي . 5 ) العمل على الوحدة اليمنية جزء من تاريخه السياسي الذي عمل علية اثناء حكمة السابق , ولهذا لا يرى الوحدة بعين الإنسان العادي المعذب , بل بعين الحنين السياسي للقديم ومبادئه المثالية . 6 ) يتجاهل أو لا يتنبه للفارق في ميزان القوى بين الشمال والجنوب , ويظهر ذلك في طلبة للوحدة الوطنية في إجراءات الحل السياسي في ظل غياب الندية , وكذا رأيه في تسليم السلاح للجيش الذي هو شمالي بامتياز دون ذكر استثناء سلاح المقاومة الجنوبية التي تحل بدلاً عن الجيش الجنوبي الذي تم تدميره نهائياً . (7 هروب الرجل في بعض المقامات من الوقت المزمن الذي تضمنه مشروعة في البداية وعدم التأكيد علية بقوة . 8 ) غياب روح الصدام في سياسته مع الظلم الشمالي الواقع على الجنوب مما يجعله في مثالية سياسية لا يقبلها الواقع في ظل وجود حكام تعتمد ثقافة العنف . 9 ) تأييده للأحزاب اليمنية التي هي معول هدم للقضية الجنوبية بحكم تعاضد جميع هذه الأحزاب في أيديولوجيتها ضد مشروع القضية الجنوبية بشكل واضح وحقيقي , ومعروف عدم تفعيل هذه الأحزاب اليمنية يعطي للقضية الجنوبية مساحة للتحرك نحو تحقيق أهدافها الوطنية المنشودة . 10 ) المشروع الفيدرالي المزمن للأخ | علي ناصر محمد مقبول جداً , ولكن تطبيقه واقعياً مستحيل لأن تحقيقه ينبني على موافقة السياسي الشمالي المتشيطن , ولهذا كان المفترض من علي ناصر يأخذ بروح التغير السياسي وتوابعه في ميدان الثورة الجنوبية ليعمل على مطالبة تطبيق مشروعة وفق ضغط إقليمي ودولي وسيطرة الميدان المقاوم .