كما حدث في السودان وكما يحدث الآن في كردستان وكما سيحدث في بلدان أخرى وهكذا هي النهاية لأي شعب تحرك باتجاه هدف معين وما المعوقات إلا لتأخير الوصول ويترتب عليها خسائر فادحة لكل طرف سواء للذين هم مع أو ضد. مصالح هادي الضيقة ورغباته هو وجماعته وكل الفاسدين المتطفلين الذين ينخرون مؤسسات الدولة ويشفطون ثروات الشعب لن تكون عائقا أمام الجنوبيين إذا ما أرادوا الانفصال. ولن يكون من يقفون بالجانب الآخر عائقا أيضا إذا كان الجنوبيين يرغبون ببقاء الوحدة. ومهما حاول الشمال بكل قواه السياسية لن يقدر على إيقاف شعب أراد أن يستعيد مكانته وحقوقه وقد عجزت هذه القوى بعز قوته وجبروتها إن تضع حدا للحراك الجنوبي منذ انطلاقته قبل عقد من الزمان، فكيف لها اليوم إن تعود لممارسة حقارتها كما كان يحدث وهي بهذه الهششاشة والضعف؟ من يحاول أن يضفي على واقع اليمن السياسي والجغرافي بعدا تاريخيا أو قومي أو عرقي فهو إنسان موهوم يعيش خارج الزمن وبعيد جدا عن روح هذا العالم الذي يمجد الإنسان وخياراته ويدعم حرياته. لو أن ماليزيا مثلا أصرت على بقاء سنغافورة جزء منها كما كانت تجمعهما دولة واحدة وسيادة واحدة، لو أنها تمسكت بهذا الخيار وقاتلت لكي لا تمنح سنغافورة استقلالها لربما ظلت إلى الآن غارقة بالفوضى والصراعات ولم تخرج من هذه الدوامة ولم تجد فرصة للتفكير بالتعليم والنهضة الاقتصادية. أنا هنا لا أقارن الجنوب بسنغفورة فهناك فارق كبير بالوعي بين الشعبين وكما هو الفارق كبير أيضا بين الشعبين في الشمال وماليزيا التي تركت الشعب السنغافوري دون فرض رغباتها بالقوة. ولا أنا هنا كذلك أبشر بمستقبل مفروش بالورود، لربما يحدث في جنوباليمن ما حدث في جنوب السودان، ولكن الترهيب بهذا الكابوس لن يقف عائقا ويحل القضية بل سيستمر الشعب بالمضي قدما وليس أمامه خيار آخر وهكذا هي الشعوب دائما عنيدة وبالاخير تنتصر لأهدافها مهما كانت كارثية ومدمره وكما انتصر الجنوبيين لرغبتهم بالوحدة رغم المعوقات سينتصرون لرغبتهم بالانفصال. كلما في الأمر وما اود قوله إن الصراع الذي يجري حول الوحدة والانفصال عبثي ومكلف سيتحمل الجميع هذه الفاتورة ولن يسلم منها أحد سواء في الشمال أو الجنوب بمن فيهم جنوبيي الانفصال وجنوبيي الوحدة. هل هناك رجل رشيد ليحسم هذا الصراع ويختصر الطريق ويخفف الكلفة فالحل الوحيد هو الاستفتاء وما دونه مجرد عبث وأستهلاك للوقت؟