مر على عدن هذا العام صيف قاسي جداً ، ومن الملاحظ هو ان كل صيف تزداد فيه معدل الانقطاعات عن سابقه ، وبمقياس فصول السنة المتعارف عليها في العالم هي اربعة فصول ولكن في عدن وبلادنا بشكل عام لا احد يعرف غير فصل صيف وأخر شتاء ، اما الربيع والخريف لا وجود لهما الا في الكتب المدرسية وكتب الادب من شعر ونثر، او عند من سمحت له الظروف بالسفر ومشاهدة فصل الربيع حين تتفتح الازهار ويذوب الجليد فتخضر الاشجار وكذلك مشاهدة فصل الخريف حين تنخفض درجة الحرارة بعد انتهاء الصيف وتجف اوراق الاشجار ثم تتساقط بفعل الرياح . مايهمنا هنا هو طقس عدن بفصليه الصيف والشتاء فكليهما حار ولكن الشتاء اقل حرارة من الصيف، وطبعاً توقيت دخول فصل الشتاء في عدن تقديري ، حيث يجمع الغالبية على انه في النصف الاخير من شهر اكتوبر وتحديد ذلك ليس بناء على معلومة من الارصاد الجوي أو من الجدول الزمني للفصول الاربعة، ولكن حدد من خلال مجسات اجسام الناس في عدن الذين يستشعرون من خلالها بانخفاض درجة الحرارة وتحول في الطقس في ذلك الوقت من كل عام . كما أنه من الطبيعي أن يطمح الناس مع دخول الشتاء الى حدوث انفراج في هموم و عذاب ومشقة الحر في الصيف وينخفض معدل الانقطاعات الطويلة للكهرباء ، فمن المؤكد ان الاحمال تقل بشكل كبير عند حلول فصل الشتاء نتيجة انخفاض الاستهلاك المنزلي للكهرباء وتوقف عمل مكيفات الهواء الذي يفوق استهلاك الواحد منها من الطاقة الكهربائية ثلاثة اضعاف الاستهلاك المنزلي وبعملية حسابية بسيطة يكون الناتج انخفاض في استهلاك الطاقة الكهربائية من قبل عموم سكان المحافظة يؤدي ذلك الى انخفاض في احمال المنظومة الكهربائية في عدن فيقل العجز وتزداد فترة استمرار تدفق الطاقة الكهربائية وهذا أمر طبيعي ومنطقي ، ولكن لا يمكن تفسير ما يحدث في عدن هذه الايام من انقطاعات للطاقة الكهربائية والتي لم يشهد لها مثيل من قبل . فليس القصد هنا تحويل هذه العملية الحسابية البسيطة التي سبق ذكرها الى عملية معقدة وصعب حلها!. فنحن الآن في بداية الشتاء بتوقيت عدن وما حولها فالمفروض ان يستمر تشغيل الكهرباء ساعات طويلة تقابلها انقطاعات قصيرة جداً وهذا في حدود النظريات الفيزيائية والعمليات الحسابية البسيطة ولكن القضية تختلف تماماً وتخرج عن هذه الحدود الى حد نظريات سياسة تعسفية وقهرية وعمليات عقابية عسيرة في حق شعب لا حول له ولا حيلة. فاياً كانت الاسباب والمبررات لحدوث هذا العجز الكبير، فهي لا تدخل ضمن الاسباب الرئيسة كحدوث عطل في المنظومة الكهربائية ولا في زيادة الاحمال فالطاقة التوليدية كما هي والاحمال هبطت بشكل كبير ، فهل من الضروري حشر عوامل اخرى كالوقود الذي يفترض استمرارية توفره بشكل تلقائي وتزويد المحطات به كما كان الحال في فصل الصيف ، فسكان عدن يكفيهم ما حل بهم، وقد انتظروا انتهاء الصيف بفارغ الصبر على امل تحسن الجو والاستمتاع بتوفر الكهرباء لوقت طويل حتى ينسوا العناء المادي وكذلك العناء المعنوي من جراء تلك الانقطاعات المرهقة لأجسادهم ونفسياتهم طوال فصل الصيف الحار . فغرابة هذه الانقطاعات اليوم غير معقولة حيث وصلت الى عشر ساعات انقطاع متواصل مقابل تشغيل لساعتين فقط، وهي دليل على مدى الظلم والعبث بسكان عدن الطيبين.