الجيش الوطني يدك مواقع المليشيات الحوثية بالسلاح الثقيل    صاعقة رعدية تنهي حياة شاب يمني    محمد المساح..وداعا يا صاحبنا الجميل!    صورة ..الحوثيون يهدّون الناشط السعودي حصان الرئيس الراحل "صالح" في الحديدة    آية في القرآن تجلب الرزق وفضل سورة فيه تبعد الفقر    العليمي يتحدث صادقآ عن آلآف المشاريع في المناطق المحررة    العليمي يكرّر كذبات سيّده عفاش بالحديث عن مشاريع غير موجودة على الأرض    رفع جاهزية اللواء الخامس دفاع شبوة لإغاثة المواطنين من السيول    نصيب تهامة من المناصب العليا للشرعية مستشار لا يستشار    مقتل مغترب يمني من تعز طعناً على أيدي رفاقه في السكن    انهيار منزل بمدينة شبام التأريخية بوادي حضرموت    على الجنوب طرق كل أبواب التعاون بما فيها روسيا وايران    وفاة الكاتب والصحفي اليمني محمد المساح عن عمر ناهز 75 عامًا    ما هي قصة شحنة الأدوية التي أحدثت ضجةً في ميناء عدن؟(وثيقة)    صورة تُثير الجدل: هل ترك اللواء هيثم قاسم طاهر العسكرية واتجه للزراعة؟...اليك الحقيقة(صورة)    صور الاقمار الصناعية تكشف حجم الاضرار بعد ضربة إسرائيل على إيران "شاهد"    عاجل: انفجارات عنيفة تهز مدينة عربية وحرائق كبيرة تتصاعد من قاعدة عسكرية قصفتها اسرائيل "فيديو"    الدوري الايطالي: يوفنتوس يتعثر خارج أرضه ضد كالياري    وزير سابق يكشف عن الشخص الذي يمتلك رؤية متكاملة لحل مشاكل اليمن...من هو؟    نادي المعلمين اليمنيين يطالب بإطلاق سراح أربعة معلمين معتقلين لدى الحوثيين    مبنى تاريخي يودع شبام حضرموت بصمت تحت تأثير الامطار!    رئيس الاتحاد العربي للهجن يصل باريس للمشاركة في عرض الإبل    شبوة.. جنود محتجون يمنعون مرور ناقلات المشتقات النفطية إلى محافظة مأرب    شروط استفزازية تعرقل عودة بث إذاعة وتلفزيون عدن من العاصمة    تظاهرات يمنية حاشدة تضامنا مع غزة وتنديدا بالفيتو الأمريكي في مجلس الأمن    لماذا يموتون والغيث يهمي؟    اليمن تأسف لفشل مجلس الأمن في منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة مميز    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    تعز.. قوات الجيش تحبط محاولة تسلل حوثية في جبهة عصيفرة شمالي المدينة    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    لحظة بلحظة.. إسرائيل «تضرب» بقلب إيران وطهران: النووي آمن    اقتحام موانئ الحديدة بالقوة .. كارثة وشيكة تضرب قطاع النقل    العثور على جثة شاب مرمية على قارعة الطريق بعد استلامه حوالة مالية جنوب غربي اليمن    بعد إفراج الحوثيين عن شحنة مبيدات.. شاهد ما حدث لمئات الطيور عقب شربها من المياه المخصصة لري شجرة القات    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    الأهلي يصارع مازيمبي.. والترجي يحاصر صن دوانز    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إدارة الأزمات الطارئة لانقطاع الكهرباء.. الدروس المستفادة من معالجات الدول الأخرى

انقطاع الكهرباء مشكلة تحصل في اجزاء مختلفة من العالم وستظل هذه المشكلة تحصل بسبب العقبات السياسية , التنظيمية والمالية التي تجعل من الصعوبة على الحكومات ومرافق الكهرباء استثمار ما مقداره 16.6 ترليون دولار اللازمة لتلبية نمو 2 % من الطلب المتوقع على الكهرباء للخمسة وعشرين سنة القادمة (وكالة الطاقة الدولية 2010d). وانقطاع الطاقة الكهربائية يحصل عندما يتجاوز الطلب على الطاقة الكهربائية الطاقة المتاحة للمستهلكين بسبب العجز في امدادات قدرات التوليد او عدم الكفاية في شبكات النقل والتوزيع او تأخر إضافة قدرات جديدة ناهيك عن تقادم العمر الافتراضي للقدرات القائمة وعدم القدرة حتى على تنفيذ برامج الصيانة الدورية الكافية في الوقت المحدد.
والكل يدرك ان استمرار الانقطاعات الكهربائية يمكن ان يقوض النشاط الاقتصادي لما يمكن ان ينشا عنه من شكوك حول امدادات الطاقة الكهربائية وارتفاع اسعارها واستثمارات اضافية للمستهلكين في تغطية طلبهم من مصادر ذاتية.
إن آثار انقطاع الطاقة الكهربائية على الاقتصاد يمكن أن تكون عالية جدا فلقد كلف انقطاع الكهرباء الاقتصاد الباكستاني عدة مليارات من الدولارات في عام 2007 (Burki, 2009), بينما كلف أثيوبيا في عام 2009و2010 ما مقداره انخفاض 1.5 % من الدخل القومي (Tsehayeet al., 2010) بينما هبط الدخل القومي الكندي 0.7 % في اغسطس 2003جراء الإظلام الشامل في صيف 2003 في اونتاريو (Statistics Canada, 2003) وبينما انقطاع الطاقة الكهربائية في خط مارب صنعاء وحده كلف المؤسسة العامة للكهرباء 24,482,315,000 ريال للفترة من يناير 2011 الى ديسمبر 2011 (التقرير السنوي لعام 2011 لقطاع النقل والتحكم ) بينما بلغت تكاليف الانقطاع لنفس الخط في الربع الأول من عام 2012 مبلغ وقدره 6,952,475,000 ريال (التقرير الربع السنوي لعام 2011 لقطاع النقل والتحكم )ان هذه التكلفة تخص المؤسسة وحدها وبمعدل مليار وعشرين مليون شهريا لعام 2011 واثنين مليار وثلاثمائة وسبعة عشرة مليون شهريا للربع الأول لعام 2012 ولم يتم احتساب التكاليف على مجمل الاقتصاد الوطني. إلى جانب الآثار الاقتصادية فإن للانقطاعات الكهربائية آثار بيئية عديدة جراء استخدام مولدات طوارئ موقعية تعمل بوقود ملوث للبيئة مثل الديزل والبترول. وهذا المقال سيوضح افضل الممارسات لبرامج ترشيد الطاقة الطارئة التي سعت للتخفيف من الأثار السلبية للانقطاعات التي حصلت في اليابان , نيوزلندا ,جنوب إفريقيا وتشيلي و الألسكا, عبر تنفيذ برامج طارئة لتوفير الطاقة باستخدام طيف واسع من الادوات والوسائل مثل الأسعار والتقنين وبرامج التوعية التي تحفز وتمكن المستهلك من كبح جماح التبذير في استخدام الطاقة , وتأجيل انشطة الاستهلاك الى اوقات خارج الذروة واستبدال الأجهزة المسرفة في استهلاك الطاقة بأجهزة اكثر كفاءة واقل استهلاكاً للطاقة . وهذه الإجراءات حققت توفير في استهلاك الطاقة يتراوح بين 0.5 % (فرنسا) و20 % (البرازيل).
خلفية عامة عن انقطاعات الكهرباء في البلدان المختارة
عانت اليابان في منتصف 2011 من ازمة انقطاع قاسية في الكهرباء وغير مسبوقة على مر التاريخ, حيث تسبب الزلزال والتسونامي الذي ضرب شرق اليابان في 11 مارس 2011 في خروج العديد من المحطات النووية والحرارية بقدرة اجمالية 27 الف ميجا وات من الخدمة حتى 21مارس 2011 (IEEJ, 2011) مما فرض على شركة طوكيو تنفيذ اظلام مبرمج بكلفة اقتصادية واجتماعية كبيرة ومع تحسن الطقس في ابريل عادت المحطات الحرارية للخدمة .
بينما نيوزلندا تعتمد في انتاج الطاقة على المحطات الكهرومائية وقد واجهت انقطاعات في الطاقة الكهربائية في عام 2008 بسبب الجفاف والذي تسبب في البداية في رفع اسعار الكهرباء في سوق بيع وشراء الكهرباء بالجملة .وكذلك عانت تشيلي في عامي 2007 و2008 انقطاعات كهربائية بسبب الجفاف (انخفضت قدرات المحطات الكهرومائية 70 % في عام 2006 الى 53 % في عام 2007 (ESMAP, 2010) وانقطعت امدادات الغاز المستورد من الأرجنتين (9 % من الكمية المتعاقد عليها 25 مليون متر مكعب يوميا) الى جانب مشاكل فنية (بسبب التحول الى وقود بديل –الديزل – والذي ضاعف تكاليف الصيانة ). عانت جنوب افريقيا من انقطاعات حادة في الطاقة الكهربائية ابتداء من يناير 2008 بسبب التأخر في اضافة اية قدرات توليدية جديدة والذي فاقم الوضع اكثر هو الصيانة السيئة والأعطال الطارئة في المحطات بسبب التسرب في انابيب الغلايات والخروج الغير مبرمج للمولدات بسبب التوريدات السيئة للفحم الحجري. خلال السنوات التي قادت الى ازمة الكهرباء كانت جنوب افريقيا تعيش نمو اقتصادي مدعوم بطاقة كهربائية موثوقة وكافية. خلال سنوات النمو الاقتصادي زاد استهلاك الطاقة الكهربائية بمقدار 60% منذ عام 1994-2006.اكثر من 80% من إمدادات الكهرباء لمدينة جونيو- الأسكا –الولايات المتحدة الأمريكية مصدرة محطة كهرومائية وتبعد 60 كم من المدينة . غمرت المياه العديد من خطوط نقل الطاقة في عام 2008 مما دفع السلطات الى اخراج المحطة من الخدمة وتشغيل محطات الديزل الاحتياطية في المدينة لتلبية الطلب في المدينة حتى اصلاح العطل والذي تطلب 6 اسابيع. ان حالات الانقطاعات الطارئة تلك تم معالجتها بتطوير برامج لترشيد الطاقة بثلاث خطوات وهي (1) تحليل سبب الانقطاعات ومدتها (2) تحديد فرص توفير الطاقة, تشتمل على القطاعات والمستهلكين الذين يمكن توفير الطاقة لديهم بكلفة أدنى اقتصاديا ,اجتماعيا وسياسياً. (3) تنفيذ حزمة من إجراءات إدارة الطلب يمكن أن تشمل تقنين الكهرباء ورفع الأسعار وحملات توعية واستبدال الأجهزة الأقل كفاءة بأخرى أكثر كفاءة وآليات للسوق. وتم تحقيق نتائج ملموسة.
طرق التخفيف من الانقطاعات الكهربائية الطارئة
الخطوة الأولى: تحليل سبب الانقطاعات ومدتها:ان تحليل سبب ومدة الانقطاع حاسم لتحديد إجراءات الترشيد التي يجب اتباعها. في بعض الحالات (خروج خطوط النقل -الألسكا) سيمكن مؤسسة الكهرباء من تخمين الوقت اللازم للإصلاح اما في حالة الجفاف(نيوزلندا -تشيلي) فسيكون من الصعوبة توقع متى يتحسن مستوى المياه وبالتالي عودة المحطات الكهرومائية الى الخدمة بكامل قدراتها .فالبلدان التي عانت من عجز في قدرات التوليد (انقطاعات وقت الذروة) ركزت على الإجراءات التي تخفض الاستهلاك وقت الذروة و هذا ما تم تنفيذه في اليابان حيث نقلت الكثير من المصانع عملها الى الليل والعطل الأسبوعية حيث الطلب على الطاقة الكهربائية في حدة الأدنى. ونقل هذه الأحمال ساعد في خفض الطلب وقت الذروة لكنه لم يخفض استهلاك الكهرباء بشكل عام. في حالة انقطاع الكهرباء بسبب الجفاف او العجز في امدادات الوقود كما في تشيلي 2007 و2008 عمدت الكهرباء الى تخفيض استهلاك الكهرباء الكلي بإطفاء الإضاءة غير الأساسية وإعادة معايرة الثيرموستات للأجهزة الكهربائية. إن تخمين مدة الانقطاعات الكهربائية يساعد في تحديد السياسة المناسبة . يمكن للكثير من الإجراءات ان تخفض بسرعة الطلب لكن لفترة قصيرة من الزمن واجراءات اخرى تتطلب وقتاً طويلاً لتنفيذها لكنها تقود الى توفير طويل الأجل. المختصين في كهرباء تشيلي ونيوزلندا لم يكن لديهم اية سلطة على الجفاف لهذا ركزوا على الإجراءات قصيرة ومتوسطة الأجل لمنع الانقطاعات. في اليابان وجنوب افريقيا كانت الانقطاعات بسبب قيود طويلة الأجل بسبب العجز الكبير في القدرات المركبة وتطلب الأمر سلسلة من الحلول في جانب العرض (التوليد) والطلب. وهناك اجراءات متنوعة معروفة يمكن ان تكون فعالة على المدى القصير( اطفاء الإضاءة , فصل الأجهزة الكهربائية واستخدام الكهرباء في اوقات مختلفة من اليوم) ,متوسط الأجل ( الانتقال الى اللمبات الاقتصادية والطويل الأجل (تطبيق كود البناء او الأبنية الخضراء , تبني مواصفات ولصقات على الأجهزة ) .
الخطوة الثانية : تحديد فرص توفير الطاقة: كان على المختصين في الكهرباء تحديد الانقطاعات التي يمكن توفير الطاقة فيها بكلفة ادنى اقتصاديا ,اجتماعيا وسياسياً. ففرص توفير الطاقة تتغير الى حد بعيد ويعتمد ذلك على البنية الاقتصادية للبلد , المناخ والعادات الاجتماعية.على سبيل المثال البنية الاقتصادية لنيوزلندا وجنوب افريقيا مختلفة فبينما القطاع الصناعي والمنزلي في نيوزلندا يشكلا 37 % و33 % على التوالي بينما في جنوب افريقيا يشكلا القطاع الصناعي والمنزلي58 % و20 % على التوالي (وكالة الطاقة الدولية 2010 c) .بناءا على ذلك برامج ترشيد الطاقة في كلا البلدين يجب بالضرورة ان يكونا مختلفتين. وان توفر البيانات التفصيلية للاستهلاك القطاعي سيكون حاسم لتحديد فرص التوفير. وهنا تظهر اهمية البيانات التفصيلية للاستهلاك النهائي في قطاعات الاستهلاك الرئيسية بما فيها تغير الاستهلاك بحسب الوقت. وبما ان جمع هذه البيانات قد يتطلب سنوات فسيكون مهم جدا جمع هذه البيانات بصورة دورية .على سبيل المثال توفر هذه البيانات هو ما ساعد السلطات التشيلية في ازمة 2007و2008 في اختيار القطاعات التي يجب استهدافها واي اجراءات يجب الأخذ بها اثناء الانقطاعات الكهربائية. على العكس من ذلك كان الوضع في اليابان فلم يكن هناك بيانات مجمعة حول منحنى الأحمال لقطاعات الاستهلاك فلقد كان مصدر الطاقة هو الطاقة النووية فكم قطاع واي قطاع يحتاج الى توفير الكهرباء كان غير معروف, فلو كانت تلك البيانات متوفرة في وقت حادثة فوكوشيما ,فأن تنفيذ حملة الترشيد كان سيكون اسرع.عندما يكون الاستهلاك القطاعي وللمستهلكين معروفة للمختصين فكان يمكنهم التركيز على الإجراءات النوعية. لقد قدر المختصين في تشيلي ان استهلاك الإضاءة والثلاجات يمثل 60 % من الاستهلاك في القطاع المنزلي ولهذا السبب تم استهداف هاتين الفئتين في برامج الترشيد. ان الاستهلاك بحسب زمن الاستخدام مهم جدا خاصة للبلدان التي تعاني من عجز في التوليد. في جنوب افريقيا مستهلكي القطاع المنزلي يستهلكوا كهرباء اكثر خلال فترة الصباح الباكر والمساء المتأخر (ESMAP, 2010) وهذا النمط من الاستهلاك يتزامن مع العجز في القدرات المركبة ( التوليد).ان استهداف اوقات الذروة هذه لترشيد الطاقة معالجة فعالة لعجز التوليد.لكن قبل تنفيذ أية إجراءات واعدة لترشيد الطاقة في القطاعات المحددة ذات الأولوية يجب ان تخضع تلك الإجراءات للغربلة عبر دراسة الجدوى وقابليتها للتطبيق.
الخطوة الثالثة : تنفيذ حزمة من اجراءات ادارة الطلب: يؤكد تحليل الانقطاعات الكهربائية اهمية مقاربة الإدارة الشاملة للآزمة متضمنة اجراءات توجه للعرض (البنية التحتية للتوليد) والطلب. فالإجراءات التي تخص العرض تتضمن تخفيض الفاقد والعجز في شبكات النقل اما بالنسبة للإجراءات التي تخص الطلب فهناك خمس أدوات هي 1) التسعيرة فزيادة الأسعار الى الضعف على المدى القصير يمكن ان تؤدي الى توفير الطاقة بمقدار 10 % الى 20 % (Neenan and Eom 2008), ويجب التأكد من ان تركيبة ومستوى اسعار التجزئة للكهرباء (التعرفة) تحض المستهلكين على استهلاك الكهرباء بعقلانية واستخدام الأجهزة الأكثر كفاءة. وهذه الزيادات في الأسعار ستشجع تخفيض استهلاك الكهرباء في اوقات مختلفة من اليوم والسنة عندما يكون الطلب الأعلى و فترة الانقطاعات يمكن ان تستمر. وهناك العديد من خيارات التسعيرة التي يمكن ان تخفض الطلب خلال ساعات الذروة مثل التسعيرة حسب زمن الاستخدام: والتي تتغير فيها التعرفة طبقا للوقت في اليوم ,أو يوم الأسبوع أو الفصل. ويمكن استخدام الدعم المباشر والغير مباشر بالتزامن مع زيادة الأسعار والتقنين للحث على ترشيد الكهرباء مادام سيتم ضمان الحد الأدنى من الكهرباء للفقراء. ففي تشيلي سمحت الحكومة التشيلية لأسعار الكهرباء ان تزيد لكنها قدمت دعم مباشر لحماية الشرائح الفقيرة من المستهلكين في القطاع المنزلي. 2)تغيير سلوكيات الاستهلاك: تؤكد الخبرة ان الإجراءات التي تتطلب تغيير السلوكيات يجب ان تكون في الغالب عبر ادوات مثل حملات التوعية التي تؤدي الى وفورات كبيرة في الطاقة, خصوصا الانقطاعات الكهربائية القصيرة. يجب تذكٌر ان المستهلكين سيكونون اكثر استجابة لتقبل هذه الإجراءات اوقات الانقطاعات الكهربائية عنه في الأوقات العادية. ففي البلدان التي تواجه عجزاً في قدرات التوليد , فأن طلب تخفيض الاستهلاك في اوقات معينة من اليوم او مواجهة الإظلام الشامل يمكن ان يكون اجراء فعالاً. على سبيل المثال جنوب افريقيا نفذت انذاراً مبتكراً لنظام رسائل الطاقة لتوفير معلومات في الوقت الحقيقي حول الانقطاعات واوصت باتخاذ اجراءات معينة يجب وضعها موضع التنفيذ فوراً. وهذه الرسالة يتم اذاعتها كل نصف ساعة في الأنترنيت والتلفزيون بين الساعة 17:30 و20:30 وهدف هذه الرسالة هو تزويد المستهلكين بالإجراءات العاجلة التي تمكن المستهلكين من تخفيض ازمة الأحمال. وطبقا لمؤسسة الكهرباء الجنوب افريقية فإن رسالة انذار الطاقة خفضت الطلب بمقدار 500 ميجا وات. 3) المواصفات واللصقات: عبر استبدال الأجهزة القديمة كثيفة الاستهلاك للطاقة بأجهزة كفوءة يمكن ان تكمل زيادة الأسعار وحملات رفع الوعي . وهذا الإحلال إجراء جوهري واستراتيجية مستدامة لتطوير قطاع الكهرباء. ونشر تكنولوجيات معينة عالية الأثر مثل لمبات الإضاءة (الاقتصادية والليدLED) يمكنها أن تكون حجر الزاوية في إدارة أزمة انقطاعات الكهرباء. على سبيل المثال انقطاع الكهرباء في اليابان عام 2011 ادى الى مبيعات غير مسبوقة للمبات إضاءة الليدLED حيث وصلت مبيعاتهاإلى 40 % ,أي ضعف المبيعات قبل الأزمة ولأول مرة تجاوزت مبيعات لمبات إضاءة الليد مبيعات اللمبات الوهاجة، اللمبات الاقتصادية وهذا ما يجعلها مناسبة للتخفيف من معوقات عجز التوليد وقت الذروة , لأن ساعات الإضاءة غالباً تتوازى ووقت ذروة الطلب.إن توفر برامج لإحلال اللمبات الاقتصادية له فوائد أخرى ,بالإضافة إلى فاتورة اقل للمستهلك وتجنب التوليد المكلف اثناء الذروة. فإن متوسط سعر اللمبات الاقتصادية يمكن ان يصل الى 201 من اضافة مولد ديزل (Limaye, Sarkar and Singh, 2009).
4) و التقنين: يتيح للسلطات التأثير في استهلاك الكهرباء بطريقة مباشرة, عبر التحكم بمقدار ووقت امدادات الطاقة او إلزام المستهلك بالتحكم باستهلاكه مالم فسيكون معرضا للغرامات. والتقنين يمكن ان يكون نوعيا فالسلطات تحدد اي مستهلك يجب ان يخفض استهلاكه ومتى وكم او اكثر عمومية يمكن استهداف منطقة جغرافية كاملة , نشاط اقتصادي بعينه او نوعية محددة من الأحمال . والتقنين يمكن ان يكون طوعياً بالرغم من انه عادة اجباري و يمكن استخدام مقاربات مختلفة لمستهلكين مختلفين ولتعظيم كفاءة وكلفة فاعلية, التقنين يجب ان يزود المستهلكين بحوافز لتخفيض استهلاكهم الحدي.. استهلاك التقنين اثبت مرونته وقابليته للتكيف في الكثير من الانقطاعات الكهربائية. ففي اليابان اعلنت الحكومة مخططاً لتقنين الاستهلاك في صيف 2011 واعلنت هدفاً لتوفير الكهرباء بمقدار 15 % في معظم القطاعات. هدف صغير للتخفيض بنسبة 5 % الى 10 % كان مطلوب من مستهلكين معينين مثل المستشفيات , منازل الممرضات , المواصلات العامة والمياه والمجاري. آما مستهلكي القطاع الصناعي الذين يستهلكوا أكثر من 500 ك.و فستسري عليهم المادة 27 من قانون الأعمال الكهربائية والتي تخول السلطات تقييد استهلاك الكهرباء في الفترة من 9:00 صباحا وحتى 20:00 مساءا ويجب عليهم ان يخفضوا استهلاكهم بنسبة 15 % مقارنة بنفس الفترة للعام الماضي (1 يوليو الى 22 سبتمبر) – او انه سيفرض عليهم غرامة تصل الى 1 مليون ين ياباني (12500 دولار) لكل ساعة لا يتم تحقيق الخفض فيها. اما البرازيل فقد نفذت في عام 2001 “نظام الحصص” والذي يلزم كل شرائح المستهلكين بتخفيض الاستهلاك الشهري سنة عن سنة بالنسبة لسنة الأساس. وبهذا اصبح المستهلكين معرضين للعقوبة عن كل شهر لا يتم تحقيق هذا الخفض ونظام الحصص وادوات ادارة الطلب كانا مسئولان عن 20 % من تخفيض استهلاك الكهرباء خلال 9 اشهر(Maurer, Pereira and Rosenblatt, 2005). 5) تفعيل آليات السوق: التي يمكن مكاملتها مع بعض اجراءات إدارة الطلب لتخفيض الكلفة , وتحسين الفاعلية وتخفيض الآثار الاقتصادية لإدارة الانقطاعات الكهربائية. على سبيل المثال ,مخطط استهلاك التقنين يمكن مكاملته وتحسينه بإضافة وسائل التجارة الثنائية أو السوق الثانوي لتخويلات بيع وشراء الكهرباء. سوق كهذا يسمح لكبار مستهلكين الكهرباءان يستعملوا الأفضلية النسبية لتخويلات بيع وشراء الكهرباء. ان برنامج 20 /20 للتخفيضات اثناء ازمة الطاقة في كاليفورنيا عام 2001. هو آلية بسيطة ورائعة تمنح 20 % خصم على سعر الكيلو وات ساعة لأي مستهلك يخفض من استهلاكه الشهري وقت الصيف من الكهرباء سنة عن سنة بمقدار 20 % او اكثر. والبرنامج كان فريد من نوعه من ناحيتين الأولى بساطته و الثانية ان المشاركة فيه كانت أتوماتيكية ولكل الشرائح. أجمالا تقريبا ثلث المستهلكين تلقوا خصم لشهر واحد على الأقل.
كيف تتم إدارة أزمة انقطاعات الكهرباء في اليمن ؟على مستوى دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعتبر اليمن أدنى دولة في تغطية الكهرباء بنسبة تصل إلى 50 % فقط ولهذا الطلب على الطاقة في ازدياد عاما بعد عام حيث بلغ 12 % عام 2010 . لهذا تعمل المؤسسة العامة للكهرباء جاهدة وبالإمكانيات المتوفرة لها لمواكبة الطلب تارة بشراء الطاقة من القطاع الخاص بداية منذ عام 2006 و أخرى عبر استثمارات جديدة في مشاريع التحسين للشبكة و التوليد. مع هذا فالمؤسسة مضطرة إلى الفصل المبرمج على المستهلكين للعجز الكبير في التوليد جراء الطلب المتزايد كما أسلفنا. إلا إن المؤسسة بحكم وضعها لم تفْعل أيا من إجراءات إدارة الطلب واكتفت بالفصل المبرمج. إننا ننظر إلى موضوع انقطاعات الكهرباء من ناحية مجردة من أية اعتبارات أيا كانت ونعلم مدى حساسية الموضوع في ظل الوضع العام في اليمن وقد قاربنا الموضوع من ناحية فنية بحتة تهدف إلى الوصول إلى أفضل النتائج وبما يخدم المصلحة العامة .فالمؤسسة العامة للكهرباء مؤسسة خدمية محايدة تقدم الخدمة متى توفرت البيئة الملائمة والممكنة لها لتقديم خدماتها (تشغيليا , تمويليا وامنيا).
الدروس المستفادة :لا يوجد اي بلد مستثنى من الانقطاعات :فالانقطاعات يمكن ان تحصل في أي وقت واسبابها مختلفة. ومع ذلك فإن الآثار الاقتصادية والاجتماعية لهذه الانقطاعات يمكن ان تُخفض إلى الحد الأدنى عبر تنفيذ برنامج لترشيد الطاقة ومن هنا تنبع الحاجة الى رسم استراتيجيات جيدة للتوفير قبل ظهور هكذا ازمات تبدأ بدراسة سيناريوهات معقولة لفترة الانقطاعات وتطوير خطة طارئة لإدارة الطلب حتى انتهاء الأزمة. فهم طلب المستهلك النهائي مهم جدا لتحديد الفرص الطارئة لترشيد الطاقة. وان جمع بيانات الاستهلاك في القطاعات بانتظام يمكنه ان يكون ذو فائدة كبرى على المدى الطويل لساسة الطاقة ويعجل بوضع الحلول المناسبة وقت الأزمات. اضف الى ذلك ان مشاريع العدادات الإلكترونية الريادية تظهر ان التسعيرة المختلفة بحسب زمن الاستخدام يمكنها ان تخفض طلب الذروة بمتوسط 15 %. ومن هنا نصل الى نتيجة ان انقطاعات الكهرباء يمكن ان تتسبب في مصاعب اقتصادية وهي بحاجة الى تضحية من المستهلكين. و الجدل السياسي في المجتمع المدني بين المعنيين حول أسباب وطرق معالجة انقطاعات الكهرباء قد يكون واحدة من النتائج. وهذا الجدل او الإشارة بأصابع الاتهام يخلق خصومة ويؤخر اتخاذ القرار ويقلل المبررات لترشيد الطاقة في المجتمع او المسئولية المجتمعية. لهذه الأسباب يجب على منظمات المجتمع المدني قيادة حملة توعية لترشيد استهلاك الكهرباء ويمكن لها ان تكون بديل فعال للجهود الحكومية في هذا الشأن. فقد تولى مجلس تنمية جنيو في الألسكا تنظيم حملة لترشيد الكهرباء. وهذا المجلس اخذ على عاتقة الدور القيادي لنشر الموقف السياسي الحساس والسماح للمرافق الخاصة بالاستمرار والتركيز على اصلاح خطوط نقل الكهرباء. و تخفيض استهلاك الطاقة الناجح في الألسكا مدين جزئيا للرسالة الإيجابية والمتفائلة لحملة التوعية “جينيو خارج الشبكة الوطنية” التي وصفت ان ترشيد الطاقة ما هو الا جزء من صفات المواطنة الجيدة. وهذه دعوة للناشطين ومنظمات المجتمع المدني للانضمام إلى مبادرة وطنية شاملة لبدء حملة توعية لترشيد استهلاك الطاقة والطاقة الكهربائية وإيميلي مذيل أسفل المقال لتنسيق هذه الجهود معا.
التوصية التي نرى انه قد تحدث فرقاً في المستقبل هي استصدار تشريع يقضي بتحفيز المستهلكين على الترشيد بطريقتين الأولى بالترغيب وهي منحهم 20 % تخفيض على الفاتورة اذا خفضوا استهلاكهم بنفس النسبة . الثانية لوقت الازمات باستحداث الغرامات على حد معين من الاستهلاك.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.