تدخل عاصفه الحزم عامها الثالث على التوالي دون تحقيق الاهداف التي اقيمت من اجلها ,عوده الشرعية الى صنعاء ,ودحر الانقلابيين منها . لكن ارتداداتها على الجنوب الذي غدى ساحتها الوحيدة كارثيه ,اذ اصبح كل شئي مرهون ومتوقف على ما ستسفر عنه معركه الجنوب المصيرية ,الذي سيتحدد في ضوء نتائجها مستقبل الشمال والجنوب وربما المنطقة . في معركه الجنوب المستعرة بين اطراف عديده ,تتداخل فيها العوامل المحلية والإقليمية والدولية ,حيث الصراع المحتدم بعد انحسار وتراجع الأحادية الأمريكية ,لصالح قوى صاعده ابرزها الصينروسياالهند ,الامر الذي يزيد من عمق الازمه بتفاصيلها وتعقيداتها الكثيرة . بيد اننا نلاحظ اصرار لاحدود له ,يصل درجه الجنون والعناد ,في مقاربه الحلول والمعالجات للازمه المحلية في الشمال والجنوب ,من خلال احتوائها على شرط تعجيزي ,يتم الترويج له كمسلمات طبيعية ,والمتمثلة في اعاده انتاج الصيغة اليمنية القديمة ,وكانه المفتاح السحري لحل مشاكلنا المستعصية ,التي تسعى القوى المؤثرة دوليا واقليميا الى ترميمها واعاده الروح فيها ,عبر التسويق الممل ,لما يسمى بمخرجات الحوار والاقاليم السته ,الذي يعني بالنسبة للجنوبيين ,استنساخ منظومه 7 يوليو البائدة من جديد لحكم الجنوب ,بعد اجراء عمليات تجميل وتزيين لها ,بما يتماشى مع المتغيرات الطارئة . وهنا يتبادر الى اذهاننا السؤال المشروع ,لماذا هذا التمسك الجنوني بالصيغة اليمنية القديمة ؟!لماذا التعامي عن حقائق الواقع ,الذي تكرست في كلا من الشمال والجنوب ؟ لماذا جل الجهود الدولية لمعالجه المشكل الداخلي ,محصورة في هذه الادبيات ,ولاتريد الخروج منها ,رغم عقمها وعدم جدواها ,ونتائجها السلبية على ارض الواقع ؟ ففي هذه المقاربة هناك قطبه خفيه ,تسعى بعض الاطراف للحفاظ على اجنداتها الاقتصادية في بلادنا ,ولاسيما في الجنوب ,حيث الثروات الهائلة في محافظات شيوه وحضرموت ,وخليج عدن ,بالإضافة الى الموقع الجيو استراتيجي .. واذا عدنا الى الخلف قليلا وتحديدا بعد اجتياح الجنوب في صيف العام 94 ,دخلت على اثره بلادنا تحت الهيمنة الشمالية ,وهو مايعني انتقال السيطرة على موارده الطاقة النفط والغاز الى القوى القبلية النافذة في صنعاء ,يمثلها نظام الرئيس السابق عفاش وادواته وتوابعه في الجنوب والشمال ,ولان العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ,اصبح يرزح تحت النفوذ الامريكي المطلق ,وبلادنا جزء من هذه التركيبة ,فعمد نظام عفاش ,الى تسليم وبيع ثروات البلاد ,بما فيها ثروات الجنوب ,الى الشركات الغربية العابرة للقارات ,من امبراطوريات النفط والغاز في العالم ,من امثال شركات توتال ,وكنديان نكسن ,واكسون موبايل ,وهنت وغيرها من الشركات الغربية ,الذي استحوذت على ثروات وموارد البلد ,عبر صفقات مشبوهة ,بعيدا عن اي رقابة او شفافية ,لحقت باضرار بالغه باقتصاد البلاد ,من خلال عموله الفساد والعطاءات التي تمنح للنافذين من منظومه الفساد في صنعاء . فلا احد يعلم ,طبيعة العقود والصفقات المبرمة ,ولا بالاحتياطات الفعلية ,ولا بكميه الانتاج المستخرجة ,ولا بالمبالغ المتفق عليها بين الطرفين ,فلنأخذ على سبيل المثال شركه توتال ,الذي توصف بانها اخطبوط ودوله داخل دوله في اليمن ,فهي شريك في مشاريع كثيره ,في مجالات توليد الطاقة ,والنقل البحري ,والنفط والغاز والصناعات المختلفة . فالعقود الذي ابرمتها شركه توتال مع الجهات السياسيه ,عليها علامات استفهام وتعجب واسترابة ,ولعل فضيحه الغاز الشهيره الذي تفجرت في مجلس النواب ,قبل احداث العام 2011 خير شاهد على مظاهر الفساد المستشري في البلد . فشركه توتال هي من اعطت لنفسها الحق الحصري ,في الانتاج والتسويق والبيع ,دون اجراء مناقصات واضحه وشفافه كما هي العاده ,فتوتال حددت سعر ثابت للغاز لايتغير بحوالي دولارين ,بينما السعر العالمي في ذلك الوقت يقدر باكثر من 12 دولار ,في ايسط مخالفه لقواعد وقوانين اقتصاد السوق ,الذي يفترض بانه من ايجديات الاساسيه للنشاط الاقتصادي للشركات الغربيه .. ووصلت درجه الفساد ,الى اعفاء الشركه من ضريبه الانتاج لمده 15 سنه ,وكل هذه الصفقات المشبوهه ,تتم بعلم ودرايه القوى النافذه في صنعاء ,المستفيده من العمولات الهائله الذي تقدم لها ,حتى انهم اصبحوا مساهمين ومشاركين غير معلنيين في العقود والصفقات المشبوهه ,وباتوا على علاقه عضويه غرائزيه ,بين منظومه الفساد من الطبقه السياسيه الحاكمه ,وبين الشركات الاجنبيه المتحكمه بالثروه وموارد الطاقه . انطلاق من هذه المعطيات ,يتضح لنا بوجود مصلحه حقيقيه للقوى الدوليه المؤثره ,الذي تعد الشركات العابره للقارات ,ممثلها الفعلي ,التمسك بالصيغه اليمنيه القديمه ,دون المساس بجوهرها ,حتى صياغه الاقاليم السته ,جاء من منظور هذه الحسابات ,بحيث تتقاسم الشركات والدول التابعه لها مناطق النفوذ والسيطره في اليمن ,كلا وفق مصالحه وعلى مقاسه .. وراينا المحاولات المحمومه مؤخرا ,في بث الروح الى نظام الرئيس عفاش او نجله احمد ,كلها لغرض وهدف وحيد ,الحفاظ على الثروه المستباحه ,وعدم المس بها ,والكشف عن اسرارها الخطيره ,وهذا مايفسر لنا سر المطالبه بعوده النظام السياسي السابق ,دون الاكثراث بالحقائق والمتغيرات الجديده في صنعاءوعدن . لكن كما يقال تاتي الرياح ,بما لاتشتهي السفن ,فمسار الاحداث في الشمال والجنوب ,جاء مخالفا لطموحات وامال ,القوى الدوليه الفاعله ,فالحوثي استولى على السلطه في معظم محافظات الشمال ,اما المقاومه الجنوبيه وطليعتها المجلس الانتقالي ,اصبحت ذات حضور سياسي وعسكري قوي في الساحه الجنوبيه ,هذا المعطى قطعا لايروق لصانع القرار الدولي والاقليمي ,الذي صمم وهندس الواقع المحلي ,على اساس الصيغه السياسيه القديمه ,الذي هي توليفه من فاسدي المؤتمر والمشترك ,الذي يقودها ويديرها المركز القبلي المقدس . ففي تغير واقع الشمال والجنوب ,يعني حكما وحتما اعاده فتح ملف الثروات ,ومعرفه اسرارها وبواطنها ,وهذا امر تدركه جيدا القوى الدوليه ,وتحاول يشتى الطرق تجنب حدوثه ,,فالحوثي باعتباره سلطه الامر الواقع الجديد ,يطمح بان تكون له حصه اكبر من الثروه ,على حساب خصومه السياسين والقبليين ,الذين باتوا في وضع اضعف منه ,بعد تربعه هرم القبيله . اما في الجنوب فهناك مشروع وطني استقلالي تحرري ,يسعى الى عوده الدوله الجنوبيه ,دوله النظام والقانون والموسسات ,الذي لامكان للفساد والصفقات المشبوهه ,مما يعني اعاده النظر في كل العقود والصفقات المشبوهه الذي ابرمتها سلطات الاحتلال مع الشركات الاجنبيه ,من وراء شعب الجنوب وعلى حساب مصالحه الوطنيه ,وهذا امر يتعارض مع توجهات ورغبات صانع القرار الدولي والاقليمي ,خوفا من انكشاف وافتضاح كثير من .دهاليزه واسراره . ومن هنا تنبع حاجه الاقليم والعالم ,للتمسك بالصيغه اليمنيه القديمه ,وايقاء كل شئي كما في السابق ,لان مصالحها اصبحت على ترابط وثيق بمنظومه الاحتلال السابقه ,بحيث غدى معضله وعقده مستعصيه امام تطلعات الشعب الجنوبي ,تتطلب من القيادات الجنوبيه التعاطي معها يمسوؤليه وطنيه وتاريخيه ,بما يحقق لشعب الجنوب اهدافه الوطنيه المشروعه ,مع مراعاه هواجس القوى الدوليه والاقليميه . ان مانشهده اليوم من صراعات ,او ماعرف بالربيع العربي ,هو اختزال لصراع القوى الكبرى على الطاقه ومواردها ,الذي ليس بالمصادفه ان تقود مشروع الاسلام السياسي دوله قطر ,صاحبه ثاني اكبر احتياطي للغاز في العالم ,لان ماسمي بالربيع العربي ,هو حروب بالوكاله ,للسيطره على حقول النفط والغاز بالمنطقه . وراينا كيف تم تمكين داعش واخواتها بالسيطره على مساحات واسعه من اراضي العراق وسوريا ,وامتلاكها لثروات البلدين ,الذي جرى استثمارها من قبل الشركات العالميه ,حيث كانت تشتري النفط والغاز باسعار زهيده ,ليتم لاحقا تصديرها عبر ميناء جيهان التركي الى دول العالم باسعار السوق العالميه لتجني من ورائها اربالح خياليه ,جعل اداره الرئيس اوباما تقرر بان الحرب على داعش ستستمر ثلاثين سنه ,وهذا امر ليس مستغرب لانه يصب في مصلحه الشركات الكبرى العابره للقارات ,ونفس الامر ينطبق على ليبيا حيث استولت المليشيات على ثرورات البلاد ,الذي يتم شراء النفط منها بنفس السيناريو العراقي والسوري ,ولولا تدخل الدب الروسي ومن خلفه التنين الصيني ,استطاعا وضع حد لهذه المسرحيه الهزليه المسماه داعش ,فقد تم تقريبا القضاء على جسمه العسكري والسياسي في كلا من العراق وسوريا ,واقع اصاب الولاياتالمتحده في هيستيريه وارتباك لامثيل له في تاريخها المعاصر ,جعلها تعيش حاله من التخبط ادخلها في ازمه وجوديه وبنيويه تجتاح الموسسه الامريكيه الحاكمه . ان مايعيشه الجنوب من كوارث ونكبات لايخرج عن هذا السياق الذي اوردناه سلفا . واخشى ما اخشاه وبعد ان بات تغيير صنعاء مهمه مستحيله ,ان تعمد القوى المتحكمه بالمشهد الجنوبي الى محاوله فرض الصيغه اليمنيه القديمه او ماتبقى من حطام الجمهوريه اليمنيه ,على ارض الجنوب الطاهره وبرعايه الشرعيه الذي يقودها حزب الاصلاح بزعامه الجنرال علي محسن ,وهو ماينبغي للجنوبيين على اختلاف مكوناتهم التصدي له ومقاومته ,لانه ببساطه يعني عوده منظومه الاحتلال ولكن بلباس جديده ,الذي ترى فيه ارض وثروه وغنيمه مستباحه ,بينما الجنوب بالنسبه لشعبه هو ارض وهويه وتراث وقضيه وطنيه عادلة.