أعرف أنه سيبدو للمرء من أول وهلة يقع فيها نظره مباشرة الى عنوان مقالي هذا أو حتى بمجرد مرور هامشي بالنظر بين صفحات تعج محتوياتها بهموم الأمة وآلامها المثخنة بتحديات الواقع وما تخبئه سويعات المستقبل المطل عليها بالشؤم وخيبة الأمل، أعرف بل أكاد أجزم تمام الجزم أنه سيظنني أتحدث عن "فيسبوك" وما أدراك ما "فيسبوك" ؟، وما ألحقه بنا من ضرر بالغ الأثر، وإن كان له بعض الفضل علينا من باب ما أصابنا من مصائب اقتصرت كل نتائجها الفتاكة على مجتمعاتنا العربية دون سواها. لست منكبا هنا في سرد قضايا جانبية داخلة في كل مرحلة آنية أي كان شكلها وما حملته من تناقضات وإرهاصات باطلة زائلة طال بها الزمان أو قصر كلا ولكن دعونا نتحدث بجدية مدفوعة بقوة قهرية .. بحسرة ومرارة وحرقة قلب على وطن وشعب وثقافة وفكر ورموز نضالية سياسية وشعبية ! نعم فجميعنا اليوم بلا استثناء يعصر بالنا "تفكير" عميق وحيرة شديدة ويقض مضاجعنا قلق وتوجس وشؤم تجاه واقع الحال أكثر من أي وقت مضى !. إننا نقف اليوم على أعتاب مرحلة مفصلية لا تحتمل أية تأويلات عابرة، فإننا إما إلى نجاح حقيقي ووعي وطني مسئول تتحق من خلاله جميع الأهداف النضالية والوطنية وإما إلى فشل ذريع نقف عنده عاجزين مرتابين لا نملك حلولا لتحديات ما نحن فيه ولا نجد إجابات لأسئلة متكررة إزاء ما بات ينتظرنا على سكة المستقبل المجهول ! ليس فينا من يرضى بالفشل والإستسلام تماما كما ليس بيننا من يقبل الذل والمهانة والعبودية، وهذا بلا شك يأتي إيمانا منا بمفهوم الحرية وتماهيا أيضا مع قيم العدالة الاجتماعية ومبادئ الكرامة الإنسانية لكن حتما لن يتحقق ذلك الا من خلال وحدة الصف ونبذ مسببات الفرقة وقطع دابر مشاريع العبث الهدامة القابعة بين طياسل الحقد والمكايدات الخاسرة. إن فهم الواقع لا يتطلب اجتهادات ارتجالية من منظور ضيق لا يخلو من الطيش والنزق، إنما يتطلب رحابة صدر وسعة أفق ودقة تفكير ممحص انطلاقا من روح النضال وعملا بمبادئ المصلحة الوطنية العليا، وبقدر تفكير الناس تتحقق أهداف الأمم أو تذهب أدراج الرياح.