ظاهرة الانفلات الأمني التي يعيشها وادي حضرموت تبرز جلية للجميع ، نتيجة لغياب الدولة بأجهزتها الأمنية والعسكرية ، وإنشغالها بحربها ضد الإنقلابيين ، وقد أنعكس ذلك في ظهور العديد من المشكلات الأمنية في الوادي ، وأخطرها على وجه التحديد ،هي عمليات القتل والإغتيالات التي تستهدف مدنيين ومنتسبي الأجهزة الأمنية والعسكرية ومتقاعديها ، وكذلك أفراد قوات النخبة الحضرمية والعاملين مع قوات التحالف العربي والتي زادت وتيرتها بشكل ملحوظ ومخيف في الآونة الأخيرة ، ففي أقل من أسبوع فقط ، قتل ثلاثة مواطنين ، وتعتبر مديريتا القطن وشبام ، من أكثر مناطق الوادي إبتلاءًا بهذه الجرائم ، في ظل عجز واضح للأجهزة الأمنية والعسكرية في الوادي من الوصول إلى الجناة ، أو إيقاف هذه الأعمال الإجرامية ، وفي ظل هذا العجز الذي تبديه المؤسسات الأمنية والعسكرية ، فقد تحولت إلى جزء من المشكلة ، بل المشكلة كلها على صمتهم وسكوتهم عمَّا يجري من قتل ، وهم عاجزون عن القيام بأي إجراء لوقف نزيف الدم الحضرمي ، المفروض أن يعلنوا للملأ من يقف وراء هذه الأعمال الإجرامية ، ويعلنوا استقالاتهم إذاهم عاجزون عن وقفها ، كما إنه لايمكن إعفاء السلطة المحلية في الوادي والمحافظة من مسؤوليتهما المباشرة عما يجري من جرائم لعدم إتخاذ الإجراءات اللازمة لحفظ أمن المواطن ، الكل يدرك أن أعمال القتل هذه ، هي عمل ممنهج ومنظم تقف وراءه قوى سياسية وعسكرية منظمة ، وليس عملاً عفويا أو ثأرياً ، كما يعتقد البعض ، ولا يمكن فصله عمَّا يجري من أحداث وتطورات في الجنوب على صعيد القضية الجنوبية ، كما لا يمكن فصله بالتأكيد عن أحداث الحرب وتداعياتها بين طرفي الصراع في البلاد ، وهي مرتبطة بمايجري من إغتيالات وقتل في عدنوالمحافظات الجنوبية الأخرى ، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه وبقوة ماهو الحل لوقف هذه الجرائم التي ترتكب عيني عينك في وضح النهار وفي تحدي واضح للجميع ؟ أعتقد أن الحل هو تضافر جهود كل أبناء حضرموت واديها وساحلها ، مكوناتها السياسية ، شخصياتها الإجتماعية ، قبائلها ، رجال الدين فيها ، مثقفوها ، حلف وادي حضرموت الذي صمت بعد لقاء تاربة ، المؤتمر الحضرمي الجامع الذي لم نسمع له رأيا أو موقفا حتى اليوم عما يجري في الوادي ، وكل من يهمه أمن حضرموت واستقرارها ، في مطالبة قوات التحالف العربي أن تتحمل مسؤوليتها المباشرة ، وخاصة الإشقاء السعوديون ، لكونهم المسئولين عن ملف الوادي ، لتمكين أبناء حضرموت من تولي الملف الأمني والعسكري وتولي مسؤولية النقاط العسكرية بكاملها ، وإعفاء أفراد المنطقة العسكرية الأولى من ذلك ، وإرسال القوة كلها إلى الجبهات الأمامية لمحاربة الإنقلابيين ، كما إن توحيد حضرموت كلها تحت سلطة أمنية وعسكرية واحدة ، ساحلها وواديها ، في إطار المنطقة العسكرية الثانية ، هو الحل أيضا الذي سيضمن الأمن والاستقرار في هذه المحافظة ، ولاسيما في الوادي الذي يشهد وضعاً أمنيا في غاية السوء والتردي ، وليس تقسيم حضرموت إلى محافظتين الذي تسعى إليه بعض الزعامات السياسية والقبلية . لقد نشرت بعض المصادر والمواقع الإعلامية ،أن عدد من طالتهم يد الغدر ، تفوق التسعين ضحية ، لكن على مايبدو أنَّ العدد الحقيقي يفوق ذلك ، وكلها بالتأكيد سجلت ضد مجهول للأسف الشديد ، ونخشى أن لاسمح الله في ظل عجز الأجهزة الأمنية والعسكرية في الوصول إلى الجناة ، وغياب الخطط الأمنية الفاعلة لمواجهة هؤلاء القتلة، أن يستهدف الإرهاب القادم أئمة المساجد وخطباءها ورجال الدين في الوادي ، كما هو حاصل في بعض المحافظات ، لخلق حالة من الفوضى والرعب بين صفوف المواطنين . وما يحز في النفس حقيقة ، هي تلك الإنتقائية التي تعاملت معها السلطة المحلية في الوادي في تعاطيها مع حالات القتل الثلاث التي حصلت الأسبوع الماضي في كل من مديرتي شبام والقطن ، حيث عبرت في بيان صادر عنها عن تعازيها وأسفها عن حادثتين ، وتجنبت ذكر حالة القتل الثالثة التي حصلت في مدينة الحوطة مديرية شبام ، في موقف غريب جدا ومخجل لايليق بها ، حيث لم يكف فشلها وعجزها في الملف الأمني ، بل نجدها تعاملت بهذه العقلية تجاه عمل إجرامي مدان ، مهما كانت الأسباب والدوافع ، ممَّا جعلها عرضة لإنتقادات شديدة في مواقع التواصل الإجتماعي وبعض المواقع الإعلامية ، بل ذهب البعض بوصفها بالسلطة العنصرية ، وطالب بإقالتها ومحاسبتها ، فكيف لنا أن نُسَلِّمَ أمورنا الى سلطة تتعامل في هذه القضايا الخطيرة بعقلية تُمَيًّزُ بين مواطنيها في مثل هذه الجرائم ؟ قد يأتي من يقول إنكم تطالبون بأن يتولى أبناؤكم مسؤولية الملف الأمني والعسكري في الوادي والصحراء ، في الوقت الذي يتولى أبناؤكم قيادة أمن الوادي والصحراء ، وقيادتي الأمن السياسي والقومي ، فماذا تريدون أكثر من هذا ؟ ، نعم نريد أن تستكمل باقي العملية الأمنية بأن تتولى قوات النخبة الحضرمية الإنتشار في كل النقاط العسكرية التي تتحكم في مداخل الوادي ومخارجه ، والإنتشار في الطرقات وعند مداخل المدن ومخارجها ، لأنَّ القتلة والمجرمين يمرون عبر هذه الطرقات والمداخل والمخارج بسلام ، وان تخضع حضرموت كلها لسلطة أمنية وعسكرية وإدارية واحدة ، وأن يُعْطَى العاملون في هذه المؤسسات الأمنية حقوقهم كاملة ، بمافيها مرتباتهم ، التي كثيرا مايتم تأخيرها لشهور عدة .