كبّلت آلة الموت التي تقودها ميليشيا جماعة الحوثي الإرهابية، المدعومة من إيران، الحياة العامة في العاصمة اليمنيةصنعاء، وحوّلتها من مدينة عريقة بتاريخها وحضارتها، إلى مدينة يكسوها السواد، أشبه بمجلس عزاء، بعدما شهدته من أحداث مؤسفة ومعارك مسلحة بين الميليشيات الحوثية، وقوات حزب المؤتمر، وإفراط جماعة الحوثي المسلحة في ممارسات القتل وارتكاب الجرائم الدموية خارج إطار القانون. وتصدّر جرائم الحوثيين إقدام ميليشياتهم على اغتيال مؤسس حزب المؤتمر الشعبي العام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وإعدام عدد من قادة وأنصار الحزب، أبرزهم أمين عام حزب المؤتمر عارف الزوكا، وآخرون، وفرض حالة طوارئ غير معلنة تخللتها عمليات مداهمات طالت منازل ومقار قادة حزب المؤتمر، واعتقالات لكوادر الحزب، في مشاهد مفزعة، تجسد وتعزز مدى حقيقة فرضية اتباع الحوثيون نهج العصابات المسلحة الإجرامية التي تتنفس البارود، وتتغذى من دماء ضحاياها.
وكشفت إحصائية صادرة عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الثلاثاء، عن بلوغ حصيلة المواجهات بين ميليشيات الحوثي وقوات المؤتمر نحو 234 قتيلاً، و400 مصاب، منذ مطلع شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري، كما أفادت مصادر حزبية ومحلية في صنعاء بأن ميليشيا الحوثي الإيرانية أعدمت نحو 200 أسير من أفراد وأنصار قوات ومنتسبي حزب المؤتمر، فيما لا يزال مصير عدد من قادة وأنصار المؤتمر مجهولاً.
وقوبلت الممارسات الإجرامية الحوثية بردود أفعال ومواقف محلية وإقليمية وعربية ودولية، أجمعت على إدانتها واستنكارها لجرائم الميليشيا الإيرانية التي فاقت أسوأ التوقعات، وتجاوزت العادات والتقاليد القبلية، والمبادئ والقيم العربية الأصيلة، والشرائع السماوية، وتعهد حزب «صالح» في أول موقف له عقب اغتياله، بحمل السلاح ضد ميليشيات الحوثي الإيرانية، واستمرار الانتفاضة التي دعا إليها رئيسه المغدور، وأنه سيمضي قدماً في الطريق الذي رسمه «صالح» لمواجهة «المشروع العنصري لميليشيات الحوثي الإرهابية، وأكد تمسكه بالرئيس عبدربه منصور هادي، لكون اليمنيين يواجهون عدواً واحداً، في الوقت الحالي، هو جماعة الحوثي.
وأعرب مجلس الوزراء السعودي في اجتماعه برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، عن الأمل في أن تسهم انتفاضة أبناء الشعب اليمني ضد الميليشيات الحوثية الطائفية الإرهابية المدعومة من إيران، في تخليص اليمن من التنكيل والتهديد بالقتل والإقصاء، والتفجيرات، والاستيلاء على الممتلكات العامة والخاصة.
وجدد المجلس حرص المملكة الدائم على استقرار اليمن وعودتها إلى محيطها العربي، وعلى كل ما فيه مصلحة شعبها، وحفظ أرضها وأمنها وهويتها، ووحدتها ونسيجها الاجتماعي، في إطار الأمن العربي والإقليمي والدولي.
وبالرغم من تصاعد حِدة ردود الأفعال والمواقف المحلية والإقليمية والعربية والدولية المناهضة لجماعة الحوثي الإيرانية، إلا أن الجماعة ما زالت ماضية في المزيد من الجرائم التي يندى الجبين، من خلال فرضها على أسرة «صالح»، بعض الشروط مقابل تسليمها جثته لدفنها، بينها عدم الإعلان عن موعد تشييع جثمانه ودفنه، وألا تكون جنازته شعبية، وألا يُدفن جثمانه في حديقة جامع الصالح في ميدان السبعين بصنعاء، كما أوصى «صالح» قبل اغتياله.
بدوره، دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، المجتمع الدولي إلى سرعة التحرك من أجل احتواء التداعيات الخطيرة للأوضاع في اليمن، مؤكداً أن اغتيال علي عبدالله صالح على يد الميليشيات الحوثية الإيرانية «ينذر بانفجار الأوضاع الأمنية في هذا البلد المنكوب».
وأوضح المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، الوزير المفوض محمود عفيفي، أن أحمد أبو الغيط يعتبر أن اغتيال صالح بالطريقة التي تمت تكشف للجميع «الطبيعة الإجرامية والمجردة من كل النوازع الإنسانية».