توفير الأمن وحماية حقوق الانسان حق انساني بل يعتبر من اساسيات حقوق الانسان . ويفترض على الاجهزة الامنية توفير الامن للانسان وحمايته حياته وماله وعرضه وكرامته الانسانية من اي انتهاك وايقاف المنتهكين عن الاستمرار في انتهاكهم. حيث يعتبر الامن حق انساني لايقل اهمية عن الحق في الحياة بل يتم عادة اقترانهما معاً حيث ورد ذلك في القران الكريم ( الذي اطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) فلايكفي تمكين الانسان من حقوقه الانسانية واعلانها ونشرها بل ايضاً يستوجب حمايتها بحيث يشعر الانسان بالأمن والامان وهذا من المفترض هو صميم عمل الاجهزة الامنية . وتمارس الاجهزة الامنية عملها وفقاً لقيود قانونية ودستورية زمنية وموضوعية وان يكون اجراءاتها موجهه للشخص نفسه وعدم تجاوزها لاشخاص اخرين اقرباء او اصدقاء باعتبار عملها خطير وهام في نفس الوقت فهي تحمي حقوق الانسان اذا التزمت بالضوابط القانونية واذا تجاوزتها فانها تتحول الى منتهكه لحقوق الانسان ومرتكبه ليس فقط لمخالفة بل جريمة يعاقب عليها القانون . لم يتم منح الاجهزة الامنية صلاحيات الاحتجاز المؤقت والايقاف وغيرها من الاجراءات الادارية الا لاهمية عملها وفي حدود وضوابط محددة . اي انفلات للاجهزة الامنية وتجاوز النصوص والضوابط القانونية لايفقد الانسان فقط حقه الانسانية في حماية حقوقة بل يتحول الانسان في صراع مباشر معها وخوف من انتهاكها لحقوقه ومن العجيب ن تتحول الاجهزة الامنية الى مصدر خوف بما يتناقض مع تسميتها وبدلاً من توفير الامن تنشر الخوف . المواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان والنصوص القانونية والستورية الوطنية نصت بصراحة على ضوابط الاجهزة الامنية ومنها على سيبل المثال لا الحصر عدم احتجاز اي شخص الا عند توافر الادله على ارتكابه جريمه وتم تقييد صلاحيات الاجهزة الامنية في فترة اربعة وعشرين ساعة فقط خلالها يتم اما الافراج عن المحتجز او احالته الى القضاء لاستكمال الاجراءات القانونية وبهذا النص الدستوري تصبح الاجهزة الامنية في صدام ومواجهة مع الدستور والقانون عند انقضاء تلك الفترة الزمنية دون الافراج او الاحالة ويصبح جميع العناصر الامنية في تلك المنشأة مرتكبه لجريمة حجز حريه يستوجب المسائلة والعقاب ولاتسقط تلك الجريمة بالتقادم ويحق للضحية رفع شكواه في اي وقت دون التقيد بفترة زمنيه . من العجيب انه عند زيارة الاجهزة الامنية لمنزل احد المواطنين او توقيفه للاستماع لافادة او طلبه لشهادة يشعر المواطن بالخوف الشديد والقلق والفزع لم يحدث ذلك بسبب واقعه انتهاك الاجهزة الامنية لحقوق الانسان بل تاريخ طويل من تجاوز الاجهزة الامنية للضوابط القانونية وفقدت بسبب ذلك ثقة الشعب فيها لانها تحولت الى مصدر خوف بدلاً من ملجأ وحصن أمن وأمان . نستمع يوميا الى كلام متكرر من عدد كبير من افراد الشعب حول حصول انتهاكات لحقوقهم الانسانية ( اعتداء على سلامة الجسم او المال او العرض ) ولم يذهب الضحية للاجهزة الامنية لتقديم شكواه بسبب فقدان الثقة فيها وخوف الشعب من ان يتم انتهاكه اكثر لدى الاجهزة الامنية ويتحول الضحية الى مجرم بسبب فساد وفشل الاجهزة الامنية وبسبب ذلك يفقد التواصل المفترض بين الشعب والاجهزة الامنية وتتحول اجهزة الامن فقط اجهزة لحماية الدولة لاحماية الشعب لاحجام الشعب عن اللجوء اليها بسبب تفشي الفساد فيها وفشلها فيتم احتجاز البريء وهروب المجرمين . هناك اسباب كثيرة قامت بتغيير الاجهزة الامنية من مصدر أمن وحماية لحقوق الانسان الى مصدر انتهاك لها ونوجز أهمها في التالي : 1. تفشي الرشوة : انتشار الرشوة في جميع مفاصل الاجهزة الامنية يفقد ثقة الشعب فيها وتتحول حقوق الانسان الى سلعة يبيع ويشتري فيها الاجهزة الامنية لمن يدفع اكثر بسبب تفشي الرشوة وعدم اتخاذ اجراءات رادعة لايقاف واستئصال هذا السرطان من مفاصل الاجهزة الامنية لايقاف المتاجره بحقوق الانسان لتعود الاجهزة الامنية الى طبيعتها كحامية لحقوق الانسان لا متاجره لها باعتبار الخدمات الامنية من المفترض انها من مسؤليات اجهزة الدولة وتوفرها بشكل مجاني وبهذا يعتبر مطالبة الاجهزة الامن بمبالغ مالية من المواطنين تحت اي مبرر للقيام بدورهم جريمة رشوة جسيمة يستوجب ليس فقط ايقاف مرتكبيها في الاجهزة الامنية بل مبرر للفصل وقذف اي عنصر من العناصر الامنية المرتكبه لها خلف قضبان السجن . 2. ضعف الرقابة والتفتيش: يلاحظ ان الاختلال والفساد يتفشى في مفاصل الاجهزة الامنية بسبب غياب وضعف الرقابة والتفتيش على جميع اجزاءها وعناصرها والمفترض ان يتم تعزيز الرقابة والتفتيش المصاحب واللاحق لكافة اعمال الاجهزة الامنية للوقوف على الاختلالات ومعالجتها بلا استثناء من المفترض ان يكون لجميع عناصر الاجهزة الامنية ملفات متابعة تضم فيها جميع انجازاتهم واخفاقاتهم والمخالفات المرتكبه منهم والشكاوى المقدمة ضدهم وتقارير الانضباط والفعالية ويتم اجراء تقييم دوري للجميع وفقاً لمعايير واضحة وموحده على الجميع ولهم . ويجب ان تقوم الجهات المختصة بالرقابة والتفتيش الدوري على جميع العناصر الامنية دون الانتظار لوصول شكاوى ضدهم . 3. ضعف آليات الشكاوى والبلاغات يوجد ضعف لامبرر له في اليات استقبال الشكاوى والبلاغات على الاجهزة الامنية ولايوجد اليات سريعة تحمي الضحية وتعاقب المنتهك لحقوقه الانسانية . والمفترض ان يكون هناك تفعيل لجميع اليات التواصل بين الجهات المختصة باستقبال الشكاوى والبلاغات ومعالجتها وبين الشعب وان تكون بجميع وسائل التواصل الاجتماعي ( فيسبوك – واتس – فاكس – بريد الكتروني – صناديق البريد – وصناديق شكاوى ...الخ) حيث يتم استقبال الشكاوى والبلاغات وسرعة اتخاذ الاجراءات لانصاف ضحايا انتهاكات الاجهزة الامنية دون الاضرار بالضحية وعدم الافساح للعناصر الامنية المتهمه بمخالفة القانون وانتهاك حقوق الانسان للضغط وتخويف الضحايا من تقديم شكاويهم بحيث من المفترض ان يتم مباشرة النزول الى المكان المقدم شكوى ضده وفتح تحقيق مباشر والتحفظ على ملفات القضايا ومتابعة مدى استكمال اجراءاتها والوقوف على مخالفاتها وسرعة الضبط لها واصدار قرار التوقيف والعقاب في وقت قصير للردع . 4. الشفافية والقيد والتوثيق من اهم اسباب استمرارية اختلالات وانتهاكات الاجهزة الامنية لحقوق الانسان هو عدم وجود شفافية وتوثيق وقيد مباشر لكافة اجراءات الاجهزة الامنية حيث لايتم قيد جميع الاجراءات ورفعها اولاً بأول لتوقيف اي فرصة لتغيير البيانات وتعديلها بل ان معظم الاجراءات تتم دون توثيق وهذا خطأ جسيم . 5. ضعف التدريب والتوعية خطورة واهمية عمل الاجهزة الامنية يستوجب توافر الخبرة والكفاءة والفعالية لدى جميع عناصرها من الافراد والضباط والقيادات وبشكل دوري ومستمر لتطوير مهاراتهم ومعارفهم في مجال عملهم وتخصصاتهم وان لايتم حصر التدريب فقط في فئة محدده القيادات فقط او الضباط فقط فقط بل يستوجب ان يشمل التدريب كافة العناصر . كون فشل واخفاق الاجهزة الامنية في القيام بمهامها لا يرجع فقط الى فسادها بل ايضاً قد يرجع ايضاً الى عدم توافر الخبر والكفاءه لغياب او ضعف التدريب المستمر ويستوجب ربط اللرقابة والتفتيش مع التدريب ليتم الوقوف على مخالفات العناصر الامنية واذا كان السبب عدم الكفاءه فيتم رفع كفاءتهم وتدريبهم ليتجاوزوا الفشل . اما بخصوص التوعية القانونية لكافة عناصر الاجهزة الامنية فهي هامة ومطلوبه بحيث يتم رفع مستوى الوعي القانوني لديهم ليعرف حقوقه القانونية وواجباته والحقوق الانسانية للاخرين ليتوقف عندها ولا يتجاوزها . لان البعض ينتهك الحقوق الانسانية للاخرين ويتجاوز الضوابط القانونية لعدم المامه بان ذك مخالف للقانون بل ان البعض يعتبر تلك المخالفات والتجاوزات تطبيق للقانون وحماية للمجتمع يحدث ذلك بسبب ضعف وغياب الوعي بها. 6. الخروج عن الصلاحيات وتجاوزها من اسباب فشل واخفاق الاجهزة الامنية خروجها عن دورها القانوني بسبب فسادها او جهلها وعدم كفاءتها فتجدها تشغل نفسها في اعمال خارج صلاحيتها واختصاصاتها وتتدخل في صلاحيات جهات اخرى قضائية او ادارية وهذا يؤدي الى اخفاقها في القيام بمهامها الذي يفترض ان تتقيد بالعمل بها لا ان تتجاوزها لمهام الاخرين . فتجد عدد كبير من عناصر الامن مشغولين بقضايا مدنية او شخصية يختص بها القضاء ويتم تجاهل القيام بمهامها بسبب ذلك . 7. عدم التدوير والحركة يستمر بعض الضباط والافراد في مكاتب او اقسام شرطة او بحث او اي جزء من اجزاء الاجهزة الامنية لفترة طويله قد تصل لاكثر من عشر سنوات دون تدوير او تحريك لها الى اماكن ومواقع اخرى مما يعمق العلاقات الشخصية لتلك العناصر الامنية مع المجتمع المحيط ويتم استغلالها لتحقيق مصالح شخصية ويتضرر منها البعض بسبب صراع او خصام مع تلك الشخصيات او صداقة ويفترض ان يتم تدوير كافة العناصر الامنية من افراد وضباط وقيادات كل عامين على الاقل بحيث لايبقى اي عنصر امن في موقعه لاكثر من عامين ويتم تدويرهم وتحريكهم لتعزيز الدور المؤسسي بدلاً من الشخصي الذي يعطل عمل الاجهزة الامنية . وفي الأخير : نناشد الجهات الامنية المختصة بسرعة مراجعه كافة اجراءاتها للوقوف على المخالفات التي يتم ارتكابها من قبل عناصرها ومعالجتها بسرعة ودون اي تسويف او مماطلة وبما يؤدي الى استعادة الاجهزة الامنية لدورها وواجباتها الوطنية الهامة المتمثل في حماية حقوق الانسان وحرياته من اي انتهاك لا ان تكون هي المنتهكه لها بسبب فساد او فشل يعشعش في مفاصلها يستلزم اقتلاعه وتطوير اداء الاجهزة الامنية لاهميتها ولن يتحقق ذلك مالم يتم الحد من تفشي الرشوة فيها وتعزيز الرقابة والتفتيش عليها وتطوير وتسهيل اليات الشكاوى لديها ورفع مستوى الكفاءه والوعي لدى العناصر الامنية وتعزيز الشفافية والتوثيق لكافة اجراءاتها اولاً باول لتقييم ورصد اي مخالفة وتوقيفها وان يتم الالتزام بتدوير شامل وكامل لجميع عناصرها بحيث لايسمح ببقاء اي عنصر من العناصر الامنية في موقعه لاكثر من عامين لتعزيز الدور المؤسسي لاجهزة الامن بدلاً من الشخصنة . وبما يؤدي الى استعادة أجهزة الامن لثقة الشعب بها واعادة الاعتبار لها باعتبار الامن حق انساني لا انتهاك له .