دائماً يدفع المواطن والجندي ثمن مطامع السياسة، يقتتل الساسة في حرب، يذهب ضحيتها الجندي المسكين والمواطن البريء. تنتهي الحرب باتفاق، فيذهب الضحايا إلى القبر، ويلتف الساسة حول طاولة يتفقوا فيها على تقاسم سلطة تخضبت بدماء الأبرياء. اعتدنا على أن الخلافات التي يتسبب بها قادة، لن يكونوا سبباً في حلها. فمن كان سبباً في المشكلة، سيعمد إلى إطالة حلها في أقل الأحوال، الحل يكمن أولاً في تهيئة جيل جديد من القادة، جيل شاب متسامح، يتعامل مع اللحظة والمستقبل، دون أن ينظر للماضي ومساوئه. دائماً ما نعمد إلى إيكال الأمر لشخوص بعينهم، رُغم تكرار الفشل الذي لطالما أبدوه، الفشل المتقصد لا يمكن أن ينتج منه حل، فالأمر ليس تجربة تفشل في عشر منها، وتنجح فيها بعد تكرار. الفشل الناتج عن سبق إصرار وترصُد لا يمكن أن ينتج عنه حل، وهذا النوع من الفشل يتوافق مع الفشل الحاصل في بلادنا. فالسياسي لا يسعى لتحقيق مصلحة عامة، بل يبحث عن مصلحة خاصة، ويترك أمر العامة للفشل، وهذا فشل يُصعّب معه إيجاد حل. المشكلة التي تنتج بسبب أجندات سياسية خارجية، هي مشكلة لا يمكن أن يُبنى عليها هدف وطني، والحرب التي تُغذيها أيادٍ خارجية لا يمكن أن نسميها حروب وطنية، تلك ليست مشكلتنا. ودماء سُفكت فيها بغير حق. نحن نستخدم قوتنا في غير محلها، نستهلك وقتنا في غير فائدة، نضع وطنيتنا في غير مكانها، والكثير منا أمام هذه المعطيات تتغير وجهات نظرهم نتيجة تسخير الساسة والقادة لعواطف الشعب لصالح قضايا وأجندة ليست وطنية.
كل يوم وآخر يكون أولئك القادة أمام اختبار، يُمكنهم معه خداع الناس، لكن لا يمكنهم الاستمرار في هذا، فإما تصحيح البوصلة، وإما ستكون النتيجة وخيمة. والشعب حتى وإن لُدغ مائة مرة، لا يعني هذا أنه تكيّف واعتاد، سيأتي يوم يصحو فيه من السبات الموهوم بالوطنية.