أظهرت نشرات الأحوال الجوية المتعلقة بالعاصمة عدن ليومنا هذا الأحد الموافق 2018/2/18م، بأن الأجواء في خليج عدن سوف تشهد هدوء للرياح الشرقية، حيث تصل سرعة الرياح إلى (18) كيلو متر في الساعة، بالإضافة إلى إنخفاض أمواج البحر التي لم يتجاوز أرتفاعها المتر الواحد... وتشير مراكز الإرصاد الجوية إلى أن ذلك الهدوء والإنخفاض في سرعة الأرياح قد يستمر لغاية يوم الخميس من هذه الأسبوع، أمر كهذا سيساعد الصيادين كثير بذهاب إلى البحر والدخول لمسافات أبعد قاصدين بذلك البحث عن أسماك مثل(التمد و الفرس) وغيرها من أنواع الأسماك السطحية المهاجر عبر خليج عدن، التي يأملون تواجدها واصطيادها، حتى يتسنى لهم تعويض ما فاتهم من أيام عجاف بسبب تلك الرياح التي وقفت عائقاً أمام ذهابهم للبحر وطلب الرزق فيه.
يذكر أن خليج عدن قد شهد رياح موسمية شرقية أستمرت قرابة (15) يومنا، وبلغت سرعتها اكثر من (43) متر في الساعة مسببةً هيجان للبحر و أرتفاع بمنسوب أمواجه، أضافتاً إلى شدة وقوة التيارات المائية القاعية الناتجة عنها، والتي عملت بدورها على إثارة وإظهار (العكارة) او(الغبار) في البحر، والذي يعرف عند الصيادين والعديد من عامة الناس بمصطلح (الكروة) وهذه العكارة تصعد من قاع البحر إلى الأعلى، بحيث يتغير لون البحر من الون الأزرق إلى الون الأبيض الدكان القريب او الشبيه للون البني الفاتح.
فظهور (العكارة)هذه او (الكروة) التي تسببها التيارات البحرية الناجمة عن الرياح الشديدة والأمواج الهائجة، يكون لها تأثير سلبي على أنواع معينة من الأسماك في خليج عدن، وكذلك على البيئة والحياة البحرية فيه، فعند صعود العكارة من القاع وظهورها وتواجدها لفترة طويلة على السطح تعمل على إنخفاض في أكسجين، حيث يقوم تلك (العكارة) وذلك.من خلال الغبار الناجم عنها والذي صار يتواجد في وسط وصطح البحر حيث يقوم بأمتصاص الأكسجين في البحر كما يعمل على إنخفاض درجة حرارة البحر وتغيير لونه، الأمر الذي يجعل بعض الأسماك تغادر من ذلك المكان ولا تقترب منه، ومنها أسماك(الساردين)، والتي تفضل غالباً بأن تتواجد وتكون في مياه البحر صافية وزرقاء، وقد يلاحظ بعض الصيادين في الأونة الأخير أختفاء هذه النوع من الأسماك والذي يستخدمه الصيادين كطعم يصطادوا به أسماك (التمد) عبر طريقة صيد الأسماك بالجلب، ومن الأمور التي قد يلاحظها الصيادين أيضاً، هي أن موسم الرياح الشمالية الشرقية والمعروف عندهم بمصطلح(الأزيب او مزايب) تشتد قوته عام بعد عام، وبتالي ظهرت تغيُرات مناخية بحرية في خليج عدن جراء ذلك الأرتفاع الشديد في قوة الرياح وأستمرارها، والتي عملت على وجود ظاهرة البردة في مثل أيامنا هذه ، علماً بأن تلك الظاهرة تحدث في موسم الرياح الجنوبية الغربية والتي يكون وقتها في شهر أغسطس من كل عام.
كل تلك المتغيرات وما تبعتها من ظواهر أثرت بشكل ملموس ومشاهد على الأسماك من جهة والبيئة والحياة البحرية في خليج عدن. و من جهة أخرى ، فقد بدأت تظهر ويلاحظها الكثير من الصيادين، وذلك عقب زلزال أتسونامي الذي ضرب المحيط الهندي، إذ وصل ثأتير تلك الهزة وما نجم عنها من أمواج هائلة واضطراب شديد وملحوظ في حالة المد والجز والتيارات المائية القوية الناجمة عن الهزة الأرضية التي حدثت في قاع البحر، أضف إلى ذلك إعصار تشابالا وسلسلة الأعاصير تلك التي تبعته وضربت في أواخر العام 2015م جزر ارخبيل سقطرى ومناطق ساحلية شرقية تقع في خليج عدن، كل تلك الظواهر والأحداث الطبيعية، لها الأثر الكبير على تغيير المناخ البحري والبيئي في خليج عدن، فمنذُ حوالي العامين والرياح الموسمية المعروف عنها في خليج عدن والتي يتميز بها تشهد تغير ملحوظ وملموس فموسم الرياح الشمالية الشرقية، والذي يحدث في أشهر فصل الشتاء من كل عام بات أقوى من موسم ألرياح الجنوبية الغربية الذي يحدث في أشهر فصل الصيف، والمعرف عنه بأنه هو موسم الأرياح الشديدة والأمواج العاتية، غير انه في العامين المنصرمين شهدت تلك الأرياح إما تأخر في هبوبها او ضعف في قوتها، وكذلك انعدام ظاهرة البردة المشهور ظهورها وحدوثها في هذه الموسم من الأرياح.
ومع الغياب الواضح من قبل مراكز الأبحاث التابعة لهيئة المصائد البحرية وفي ظل السبات العميق لوزارة الثروة السمكية حول كل ما يحدث في خليج عدن من تغيير في مناخه والبيئة البحرية فيه يظل اكتشاف كل تلك الظواهر والتغيرات في خليج عدن قد تم من خلال الأحساس والمشاهدة والملاحظة لما يجري ويحدث في خليج عدن وعبر نصف عقد من الزمن، لهذا نرجوا ونأمل من الأخ معالي وزير الثروة السمكية النظر حول الأمر وتشكيل فريق خبراء من مركز الأبحاث والأحياء البحرية لنزول إلى مياه خليج عدن والقيام بعملهم عبر البحث العلمي والموثق والصادر عن هيئة وزارية لها وزنها ومكانتها، فأنا حتى هذه الحظة مازال عندي أمل بنزول فريق مختص ولم اقل بعد الله يرحم أيام زمان، ولم اقل بعد على الدنيا السلام.
رشيدي محمود إعلامي وباحث متخصص بشؤون الصيادين والحياة البحرية في خليج عدن