أنا المعلم الذي تغنى بي الشعراء، وأنزلوني منازل عظيمة، فشوقي قد قال عني : قم للمعلم وفه التبجيلا * كاد المعلم أن يكون رسولا ولكن وضعي اليوم أصبح مزرياً، فمعاشي لا يساوي رغيف عيشي، وحكومتي لم تلتفت لوضعي، وأصبح ينطبق عليَّ قول الشاعر إبراهيم طوقان عندما رد على أمير الشعراء أحمد شوقي الذي امتدح المعلم ورفع من شأنه، فقال طوقان: شوقي يقول وما درى بمصيبتي * قم للمعلم وفه التبجيلا اقعد فديتك هل يكون مبجلاً * من كان للنشء الصغار خليلاً ؟ ويستطرد طوقان بقوله عن هذا المنكوب المدعو المعلم بقوله: ويكاد يقلقني الأمير بقوله * كاد المعلم أن يكون رسولا لو جرب التعليم شوقي ساعة * لقضى الحياة شقاوةً وخمولا . ومن هذا الرد لطوقان على أمير الشعر والشعراء شوقي نقول لحكومتنا المبجلة حكومتي تقول وما درت بمصيبتي يا ويلها ماذا تقول وتدعي، هي تقول أن الوضع يسير في الطريق الصحيح، كيف يسير في الطريق الصحيح والمعلم مربي النشء ومعلم الأجيال تضربه الفاقة وتقتله الحاجة؟ كيف وأرباب القلم قد تجاوزتهم حكومة بن دغر ؟ يا بن دغر أيها الدكتور قم للمعلم وانتشل هيكله، وادعو الشعراء ساعتئذٍ ليتغنوا بهذا المعلم، فالمعلم اليوم يشكو ويئن، ويستدين ويذله التجار، يعيش منكس الرأس، ألا يكفي المعلم قول الشاعر إبراهيم طوقان: حسب المعلم غمَّة وكآبة * مرأى الدفاتر بكرةً وأصيلا مئة على مئة إذا هي صلحت * وجد العمى نحو العيون سبيلا أيتها الحكومة المبجلة لقد بلغ السيل الزبى، وطفح الكيل، والمعلمون ينتظرون ويؤملون، فبالأمس كان المعلم له الريادة وله الزيادة، وله التقدير والاحترام، واليوم أصبح المعلم هو المطرود المهان، أيعقل هذا؟!!! أيصح هذا ؟!!! وهل سيظل الوضع على هذا الحال طويلاً؟ فلو استمر الوضع على ما هو عليه اليوم، فسينفر المعلمون خفافاً وثقالاً ، ولن تجدي المعالجات وقتئذ، ولات ساعة مندم، ولكن الأمل بعد الله أن تهب حكومتنا الموقرة لمعالجة الوضع، أعني وضع باني العقول المعلم الذي يحمل أشرف رسالة ألا وهي رسالة العلم والتعليم، فأعطوا المعلم حقه، وهيكلوا راتبه، وليكن له الصدر . فلقد تعب المعلم أيما تعب، ولقد صور حاله الشاعر إبراهيم طوقان بقوله: لا تعجبوا إن صحت يوماً صيحةً * ووقعت ما بين الفصول قتيلا ولقد طلب الشاعر ممن يبحث عن الانتحار أن يمتهن مهنة المعلم، فقال: يا من يريد الانتحار وجدته * إن المعلم لا يعيش طويلا ألا يكفي المعلم مهنته المتعبه حتى تزيدوه هماً إلى همه، وحتى تجوعوه وتهينوه، فرسالتي للدكتور بن دغر مفادها: انصفوا المعلم الذي بفضله بعد الله تحملون اليوم أعلى المؤهلات، فبالله عليكم هل سيستجيب الدكتور بعد هذا الكلام؟ فإن لم تستجب الحكومة وتعالج وضع المعلم، فسيصيح المعلم صيحته وسيسمعها العالم كله، فأملوا أيها المعلمون خيراً في حكومتنا الموقرة ...