في أجواء مفعمة بروح المسؤولية والأمل والهم الوطني انعقد المؤتمر الجنوبي الأول في القاهرة في الفترة من 20 حتى 22 نوفمبر 2011 حيث شكل المؤتمر نقطة تحول حقيقية في مسيرة نضال شعبنا من اجل الوصول إلى الأهداف والغايات التي انطلق من اجلها الحراك الجنوبي السلمي. لقد كان الحضور الواضح لجنوبي الداخل الذين يعتبرون أساس وثقل اي عمل وطني حقيقي وتشاوري وكذا مشاركة العديد من الشباب والنساء ومختلف الأطياف الجنوبية هو السمة الرئيسية التي ميزت هذا المؤتمر حيث صبغته بصبغة تنوعيه وتعددية عكست الحرص الشديد للحضور و الإسهام الفعلي في النقاش وطرح الأفكار بكل شفافية ووضوح وبروح ديمقراطية وكم كنت سعيدا وفخورا وانا التقي إخواني من مختلف مناطق ومحافظات الجنوب وبلدان الشتات المختلفة الذين جاؤا تلبية للجنوب والعمل معآ من اجل إيجاد مخارج عملية وواقعية لحل القضية الجنوبية تتناسب وتطلعات شعبنا وأهدافه الذي قدم في سبيل تحقيقها قوافل من الشهداء والجرحى .
ان اي عمل وطني وأي رؤية سياسية مهما كانت صائبة ومستوفية لشروطها القانونية والتنظيمية الا أنها لايمكن لها ان تحظى بإجماع كامل وتوافق مطلق كون الكمال هي صفة الخالق عز وجل , كما أن اي عمل سياسي لا يعكس إرادة الجماهير يظل ناقصا وغير مكتمل ومصيره يئول إلى الفشل والزوال ومن هذا المنطلق حرص المؤتمر الجنوبي والقائمين علية ومنذ الوهلة الأولى على السماح لكل من حضروا بالمساهمة الفعالة والبناءة في صياغة وإقرار كل ما انبثق عنة المؤتمر من قرارات وتوصيات وذلك من خلال الملاحظات التي تم الأحد بمعظمها والحديث والنقاش وإبداء الرأي حتى ان بعض الملاحظات تكررت أكثر من مرة وان عكس ذلك إنما يعكس حرص المؤتمر الحقيقي والجاد على المشاركة الفعالة للحاضرين والوصول إلى اكبر قدر من التوافق وإزالة العوائق والشكوك التي من شأنها خلق تباعد وتنافر بين مختلف القوى السياسية مما لا يخدم قضية الشعب الجنوبي في هذا الوقت البالغ الأهمية والدقة وكم كنت أتمنى ان يحضر إخواننا الذين قاطعوا المؤتمر كي يتسنى لنا ان نستمع إليهم ونستفيد من طرحهم ومما عندهم من تجارب ووجهات نظر قد تتحمل الصواب بكل تأكيد قد يكون الجنوب في حاجه إليها وذلك من اجل الوصول إلى رؤية مشتركة تقتضيها المرحلة الراهنة والمنعطف التاريخي الهام الذي تمر به اليمن عموما و الجنوب خصوصا.
لقد شكلت الرؤية السياسية الإستراتيجية لحل القضية الجنوبية التي اقرها الحاضرون بإجماع شكلت خارطة طريق واضحة للوصول إلى حق شعب الجنوب في تقرير مصيره خصوصا بعد ان تم اخذ كل الملاحظات والآراء التي إبداءها الحاضرون وإقرارها وإضافتها إلى الرؤية وكون المؤتمر قد شكل اكبر تظاهرة سياسية جنوبية منذ عام1994 يتم فيها الحوار والانفتاح على جميع القوة السياسية التي لها وجهات نظر أخرى مهما اختلفنا معها الا أنها تظل جنوبية تنطلق من أساس الحرص وحب الوطن و كان المؤتمر قد أكد بأنه ليست لدية اي نوايا أو مواقف مسبقة تجاه اي قوة جنوبية مهما بلغت حدة التباين والاختلاف في الرأي معها وإنما كان حريص كل الحرص على حشد الطاقات وتوفير الإمكانيات والجهود من اجل ضمان إسهام الجميع في إيجاد أرضية مشتركة للعمل بعيدا عن الحسابات الضيقة ومن منظور المصلحة العليا لشعب الجنوب في تقرير مصيره واستعادة هويته .
ان من يؤمن بالعمل من اجل شعب الجنوب علية ان يؤمن بأن حق تقرير مصير الشعب الجنوبي يأتي من خلال استفتاء يقره شعب الجنوب وليس من خلال الصراعات الحزبية أو الولاءات الشخصية والمناطقية أو من خلال شعارات عاطفية لا تقرأ الواقع المحلي والإقليمي والدولي قراءة دقيقة وموضوعية , كما ان اي عمل سياسي لايلبي حاجة و تطلعات شعب الجنوب ولا يوفر علية البلوغ إلى أهدافه وغاياته بأقل التكاليف والخسائر ومن خلال رؤية سياسية واقعية شفافة تطرح الحلول الممكنة والواقعية بعيدا عن الانزلاق في مغامرات جديدة قد لا يتحمل شعبنا تكاليفها ونتائجها يظل عملا لا يخدم الا أصحاب المشاريع الناقصة والغير منطقية والتي تفتقر إلى رؤية مبنية على أسس علمية سياسية واقتصادية و اجتماعية وثقافية سليمة ومن اجل ذلك حرص المؤتمر على التواصل مع جميع القوى السياسية والفعاليات الشعبية والأهلية من أجل توسيع دائرة الحوار المبني على أساس الاحترام المتبادل والهم الوطني المشترك وفتح الباب لكل طرح يخدم في الأخير إرادة الشعب وحقه في تقرير مصيره واستعادة هويته وإبقاء التواصل مستمرا وعدم إغلاق باب الحوار واعتماده أساس للعمل الوطني المشترك من خلال القيام بتشكيل لجنة للمصالحة والتوافق صادق المؤتمر الجنوبي الأول عليها وذلك وفق مقترح الشيخ الحسني.
لقد لقيت كلمة الرئيس علي ناصر محمد ارتياح كبير من قبل الحضور حيث أكد فيها انه وزملائه ممن يشاركونه الرؤية لا يسعون إلى مطمح شخصي أو إلى أي دور سياسي في المستقبل مما يفتح الطريق أمام جيل جديد من الشباب للامساك بزمام المبادرة ورسم مستقبل الجنوب القادم ويقطع الطريق أمام كل من لايزال التصالح والتسامح لا يعني له سوى عبارات فضفاضة خالية من المعنى وقد أكد الرئيس حيدر العطاس في كلمته ايضآ على أهمية تحويل التصالح والتسامح إلى سلوك يومي نمارس طقوسه قولا وفعلا.
ختاما فأن المؤتمر وان رافق القصور بعض جوانبه التنظيمية وذلك بحجم كبر الفعالية وقياسا بالعدد الكبير للحضور الا انه قد حقق النتائج المرجوة منه وذلك من خلال القرارات والتوصيات التاريخية التي تمخضت عنه و بدلك يكون المؤتمر قد شكل نقطة تحول حقيقية للانطلاق نحو عمل جنوبي مؤسسي حقيقي يضمن للشعب الجنوبي حق تقرير مصيره واستعادة هويته وفق رؤية سياسية إستراتيجية علمية ممنهجة كان قد اقرها المؤتمر مع التأكيد على ان جميع الخيارات تظل مشروعة وممكنة وان هذا الخيار ليس الوحيد وعلية فأن نجاح المؤتمر ستثبته تحويل قراراته وتوصياته إلى واقع عملي ملموس يلبي طموحات شعبنا ويحقق أهداف الجنوبيين في تقرير مصيرهم واستعادة هويتهم.