رهان الشعوب على بناء المستقبل الآمن لمصير اجيالها يعتمد في الاساس على بناء قدراتها العلمية لمواجهة التحديات المتسارعة التي يشهدها هذا العصر. فالثورة الحقيقية هى التى نحيي القيم والسلوك الفردي للناس، وتنقل الأمم من واقع بائس إلى أفق أرحب فكريا وحضاريا، بل الثورة الحقيقية هى تلك التى تعيد بناء منظومة القيم، والسلوك الفردي، على نحو مغاير لما تؤسس له الأنظمة الدكتاتورية وذلك من أجل ضمان رقى المجتمع ونهضته ورفاهيته إلى الأبد، والتعليم هو الجسر الوحيد لتحقيق هذه الغايات الكبيرة لان التعليم هو كلمة السر الساحرة التى تمنح الأحلام دما ولحما وروحا بين الناس. وجامعة عدن هذا الصرح الذي ارتبط اسمها بالعديد من التحولات الكبيرة في الجنوب الحبيب وساهمت في ظروف جدا غاية في الصعوبة في تخريج الآلاف من الكوادر التي رفدت مؤسسات الوطن بخبرات ما كان يمكن لأيا أن يحلم بتوفرها خلال فترة قصيرة من الزمن . كل من أحب هذه الجامعة، يتمنى أن يرى ثورة فى المناهج، وثورة على قواعد التلقين والحفظ، وثورة فى البحوث الجامعية، وثورة فى الأبنية التعليمية، وثورة فى مستويات أجور الأساتذة، وثورة فى الأنشطة الاجتماعية والرياضية المصاحبة للعملية التعليمية، وثورة فى علاقة المؤسسات الاقتصادية ومساهمتها في دعم برامج التدريب ، وثورة فى ربط العملية التعليمية باحتياجات سوق العمل، و ثورة تكسر هيمنة الأحزاب السياسية على العمل والنشاط السياسي والاجتماعي لهذه الجامعة. إن الرهان على جعل جامعة عدن منارة تشع منها ثورة التغيير هو رهان الناس الخيرين الذين يؤمنون بدورها التنويري وكذلك في قدرتها على رفد المجتمع بالقيادات الجديدة التي تقود مجتمعنا، وكذلك الرهان الحقيقي على جرف بذور النبتة الشيطانية ( الفساد) التي غرسها النظام الفاشل والذي قاد البلاد إلى هذا القدر المدهش من الفشل وعمل على سقوط منظومة القيم الحديثة للمجتمع المدني خصوصا في معقل المدنية في هذا الجزء من الوطن وهي مدينة عدن، بل و يمكن الرهان عليها أن تتحول إلى قلعة لدحر ومنع الاستبداد من الظهور من جديد، وإسقاط ما تبقى من منظومة الدكتاتورية التقليدية المتخلفة ومنعها من إفقار الشعب، والإمعان في تجهيله، حتى لا نقع مرة أخرى ضحية حاكم دكتاتوري جديد ونستسلم للحكم الفردي. الإنجازات التاريخية لأي تغيير، يكتمل حين ننقض على هذه التركيبة الفاسدة التي عاثت فسادا وخربت كل القيم العلمية وحولت الجامعة إلى إقطاعيات تسودها الأفكار المتخلفة وتمتهن روحها وتحويل الولاء للحزب الحاكم وأتباعه بدلا من الوطن هي المعيار السائد في اختيار الطلاب والمعيدين وترقية الأساتذة وتقديم المنح والإجازات الأكاديمية . إن إعادة بناء جامعة عدن من جديد على أسس علمية ، وعلى أساس رؤية واقعية لمستقبلها لن يتم إلا من خلال إعادة صياغة مجموعة اللوائح والأنظمة المنظمة لعملها ووضع غايات إستراتيجية مدعومة بأهداف مدروسة تجعل الوصول إلى هذه الغايات امرأ ممكناً ، ومن هذه الغايات الأساسية أن يكون مقياس العمل الأكاديمي هو الحاكم لكل مناهج عمل الجامعة وكذلك دمقرطة العمل الجامعي من حيث حرية العمل المدني وانتخاب الهيئات القيادية في الجامعة على كل المستويات بعيدا عن المحسوبيات واللوبيات المقيتة واطلاق حرية التفكير و الخيال للإبداع والفكر، عندها يمكننا القول إننا نستطيع أن نقول إنه يمكن أن نؤسس لمشروع حضاري متكامل. إن هذه الجامعة ليست كيان مستقل عن المجتمع بل هي مصدر إشعاع ينتظر الكثير منها أن تتحمل الدور الأكبر لإنقاذ ما تبقى من وطن سليب تتخطفه أيادي الفاسدين وأصحاب المشاريع الخاصة بعيدا عن أحلام وطن تم نهبه وسلب إرادته وهو مالا يقبل به كل غيور على دور هذه الجامعة وموطنها الأصلي.