سيجارة صدحَ صوتُ أذان المغرب في أرجاءِ الكون الفسيح .. أفطر الصّائمون على تمراتٍ وشربة من ماء .. أما هو فقد فأشعلَ سيجارة !! . جيب رمضان السحري : مع إقبال رمضان .. خرجت ( بونبو ) من بيضتها .. تكالبت على الشراء بسعار شديد .. صاح الزوج على ألم المكاوي .. رمضان .. عيد .. مدارس ولا أحد يرحم .. حتى زوجته التي كانت له مخلصة ! تمنى جيب الأحلام .. السحري .. ( فحسه ) بشدة ليظهر المارد .. اكتشف خواءه المخيف . أمنية : أكَلَ وشَرِبَ في نهار رمضان .. لم يتوارَ عن أعين الناس .. جاهر بفعلته .. وتبعاً لذلك ولتماديه لقبوه ب ( كلب رمضان ) ... لكنّ الكلاب كانت خيراً منه .. كان شاباً قوياً فتياً .. لم يكن الصيام يمثل له تحدياً .. !! لم يغيّر بيئة المنكر .. لم يستمع لنصح الناصحين .. وتذكير المذكّرين حاول التغيير .. غير أن صحبة السوء أوقعته في حبائلها .. راوده بصيص الأمل .. لكنّ الصاحب ساحب .. رأى النور يشع في وجوه الصائمين .. إلا أن ظلمته أطبقت على قلبه الحزين .. دار من حيث وقف .. وعاد من حيث أتى .. مضت الحياة يوماً في إثر يوم .. اعتلّت صحته .. أصابه الوهن .. صحا من رقدته على صفير قطار الرحيل .. "هل سأعيش يوماً آخر ؟ " تساءل في نفسه .. أردف " أرجو أن يمتدّ بي العمر لأعوض ما فاتني من تقصير " .. انتهت حياته .. ولم يَنَل رجاءه الأخير . سجدة : في زاوية المسجد الرحيب .. مشى على السجاد الناعم الوثير .. انطبعت آثار أقدامه عليه. وقف قبالة رفِّ المصاحف .. سحب أحدها .. نفض الغبار عنه وراح يقرأ. أحس أن الخشوع ينأى عنه .. والفهم يستعصي عليه .. لقد طال بعده عن قراءة القرآن. حلق في سماء التفكير .. هام في أودية الخواطر .. كل ذلك أثناء ما هو يقرأ. جاءت سجدة تلاوة فأيقظته مما هو فيه .. عبأ شحنات العبودية .. خاطب نفسه بعد أن رفع "إلى متى نحن هكذا ؟" ناجى ربه بعد سجوده " تراك يا ربُّ تُعذّب وجهاً سجد لوجهك .. حاشاك .. حاشاك ".