بادئ الأمر نرجو سماحتك وسعة صدرك ورجاحة عقلك وحسن تصرفك.. ونستميحك عذراً فيما سنقول ونعلق عليك آمالاً كثر تجيش بها صدورنا وتكتظ بها دواخلنا..فقد ضقنا ذرعاً بمن حولنا وضاقت بنا الدنيا بما رحبت,فأحببنا أن نطلعك على ماتكتنزه دواخلنا علها تخمد النيران التي تستعر بين ثنايانا..فإليك رسالتنا,إليك بوح دواخلنا,ونحيب لغتنا..إليك معاناتنا ودهراً من القهر عشنا.. إليك مايفعل المتمصلحون بنا..وما يعيث الفاسدون فينا..إليك حقائق وخفايا من وليناهم أمرنا..وأمناهم على أنفسنا..ومنحنهم ثقتنا..إليك مآسي شعبٌ تجرع الحنظل..واقتات على الهم والعلقم..إليك جثث هامدةٌ لآمال وئدت بين أحشائنا.. وأحلام ترملت في دواخلنا..إليك نكتب بلغة صمتا لازمتنا أيام عمرنا,وآن الأوان لتعرف مايخفيه صمتنا.
فلتعلم أن الشعب جياع,وان من وليناهم ليسوا بشراً إنما ضباع,وأنهم خانوا الأمانة مرتين, مرة حينما ولوهم أمرنا ومرة حينما بزخرف القول ومعسول الكلام صموا آذاننا..فلتعلم أنهم يظهرون عكس مايضمرون, وأنهم يكنون غير الذي يقولون..وأنهم يدارون الحقائق عنك ويخفون.فلتعلم أنهم لأموال جيوبنا يستنزفون, ولأحلام أبناءنا يدمرون, ولحقوقنا يأكلون..فلتعلم أنهم لثرواتنا ينهبون,وبخيراتنا يتاجرون..وبلا رحمة أو إنسانية فينا يتاجرون..فلتعلم أن همهم أنفسهم والى الجحيم فليذهب الباقون..وللواقع المر فليسلمون..فلتعلم أن الجامعيون في الشوارع تائهون وعن الوظيفة يبحثون..وان المهنيون في الحواري والحافات يندبون..وان أعزة القوم في الجولات يشحتون..وان فلذات أكبادنا لضعاف النفوس يتذللون,وأنهم يمدون أيديهم يتسولون.
فتعلم أن التعليم مشلول,وان المعلمين عن مبادئ الإنسانية والضمير تخلوا,وللأمانة خانوا, فلتعلم أن الطب معلول وانه من العافية مسلوب,وان ملائكة الرحمة تحولوا إلى وحوش كاسرة تقتات على الضعفاء والمساكين والمعوزين ومن فتكت بهم الأسقام والآلام,وأصبح جمع المال هو الهدف,وأصبح الطب وسيلة للكسب حتى وان كان على حساب الإنسانية والضمير..فلتعلم أن مرافقنا دولتنا المبجلة وردهات مباني دوائرنا الحكومية السامقة تعج بالسماسرة والمتمصلحون وهمزات الوصل بين الرئيس والمر اؤس..فمن هناء معاملة تنجز ومن هناء ختم يلثم جبين ورقة ومن هناء توقيع يخضب اسطر مذكرة وبالمقابل جيوب تتقيا وكرامات تهدر..
فلتعلم أن واقعنا مزرياً للغاية و معوج ولا يقبل بأنصاف الحلول ولن تجدي معه نفعا تلك الحلول الترقيعية التي توضع بين الفينة والأخرى والتي لأتزيد طين واقعنا إلا بلة وتصب زيت اللامبالاة على جمر المعاناة.. اليوم بات واقعنا مشلول كلياً ويتطلب وقفة جادة لانتشاله من جب المعاناة وتغييره واجتثاث أسباب انزلاقه إلى الحضيض والتخلي عن الحزبية والمناطقية والمصالح الذاتية والتعامل بضمير وإنسانية..
فلتعلم أن السجون تعج بالمظلومين وتكتظ بالمقهورين وبمن أزرت بهم سياسة المستبدين..فلتعلم أن هناك حقوق مغتصبه وقضايا مجمده وأن المحسوبية هي السارية وأن القوة هي النافذة .. فلتعلم أن تراب الوطن قدر أرتوى بدماء الأبرياء الذين لا ناقة لهم ولا جمل في المناكفات السياسية والمكايدات فأكتظت بهم المقابر وشبعت من جثثهم الجوارح.. فلتعلم أنه أن طال أمد الأزمات وان توسعت رقعات النزاعات وكثر المندسون المخربون فلن تكون للوطن قائمة..
فلتعلم سيدي أن الأقلام قد جفت,والصحف قد طويت,وان الكتًاب قد نفيًوا والى البعيد رحَلوا..فلتعلم أننا فئتان فئة غنية تمشي دون خوف ولا تخشى في النصب اللوم,وفئة تمشي خائفة حذار القوام..فلتعلم أن هناك مشاريع متعثرة خطها القائمون على الورق, وأخرى تندب حظها وتشكوا سوء حالها..فلتعلم أن الوعود كثيرة,وخطابات المنابر اكثر,ولغة المهرجانات والمناسبات بمعسول كلامها وحلاوة السنة مقيميها مثل سيل عرمرم,,ألا أننا لم نلمس منها شيء..بل جعل منا هؤلاء سُلم يصعد عليه كل من أراد الوصول لكراسي السيادة والفخامة والسلطة المسلوبة الإرادة والفاقدة للضمير والأخلاق.. أتدري لم كتبت إليك خطابنا لأننا لم نعد نثق بأحد, فقد بٌحت أصواتنا وتكسر الدمع في أحداقنا..وكم نادينا ولكن لاحياة لمن ننادي فالكل نفسي,,نفسي..فهل لأنفسنا عند سيادتكم معنى وقيمة..