عامان ونصف قضاها الدكتور أحمد عبيد بن دغر على رأس حكومة الشرعية منذ تعيينه خلفا للمهندس خالد محفوظ بحاح، وكم كانت هذه الفترة مليئة بالمماحكات والأزمات والتردي العام للخدمات وصولا إلى قطع شعرة معاوية ما بين إدارة الشرعية والإدارة الإماراتية بعدن ومن ثم الصدام المسلح مع المجلس الانتقالي الجنوبي. تراكمت القضايا دون حل، وتمدد (الإخوان) بأريحية في مفاصل الدولة كافة وعاد أتباع المخلوع (صالح) إلى عدن، ودفع المواطنين في عدن وباقي محافظات الجنوب المحرر قبل أربع سنوات فاتورة باهظة نتيجة الانهيار غير المسبوق خدماتيا وأمنيا واقتصاديا، والسبب استنساخ (بن دغر) لسياسة صناعة الأزمات واختلاق العداوات وتفجير الصراعات التي اكتسبها من (المخلوع صالح) بامتياز.
على النقيض من (بن دغر) انبرى (المهندس أحمد بن أحمد الميسري) منذ الأيام الأولى لعودة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى عدن عقب تحريرها في 2015م لمعالجة ملفات ثقيلة، وعلى الرغم من كونه حينها وزيرا للزراعة إلا أن الرجل تمكن باقتدار من النجاح بمهام إعادة ترتيب أوضاع القوات المسلحة والأمن ودمج المقاومة الجنوبية فيهما وانجاز قاعدة بيانات جديدة وصرف المرتبات الشهرية للجهازين العسكري والأمني، واتبعها بإنهاء فساد مالي كان يستنزف خزينة الدولة عبر آلاف الأرقام العسكرية المزدوجة والوهمية والاستقطاعات غير القانونية من مرتبات الجنود التي كانت تذهب إلى جيوب قادة متنفذين، فقام الميسري بسحب صرف المرتبات من قادة الألوية وتسليمها بحوالات مالية تسلم يد بيد للقوات الفعلية، وهو ما أعاد مئات الملايين من المال العام التي كان يتم الاستيلاء عليها شهريا دون وجه حق.
وبرز نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية أحمد الميسري مؤخرا بقوة على الساحة السياسية بحلحلته لملفات أزمات سياسية معقدة أوجدتها سياسة الصدام التي ينتهجها بن دغر، وها هي إدارتي الشرعية بقيادة الرئيس هادي والإدارة الإماراتية بعدن يخطوان خطوات واسعة من التقارب والتعاون بفضل الصفحة الجديدة التي فتحتها زيارة (الميسري) إلى أبوظبي ونجاعة سياسته في كسب الأصدقاء والحلفاء وعدم تحويلهم إلى خصوم وأعداء.
يعالج الميسري الأزمات التي خلفتها سنتين من سياسات بن دغر، وهذا ما يحتاجه الرئيس هادي لإنجاز مشروعه الوطني.
ويعمل الميسري أكثر مما يتحدث، وذاك ما تحتاجه إدارة الشرعية للنهوض بأوضاع العاصمة عدنوالمحافظات المحررة.
ويمتلك الميسري الجرأة السياسية للانفتاح على الآخر والتوجه مباشرة صوب الخصم وتحويله إلى صديق وشريك ومعين، وتلك هي العقلية التي تسهم بإيجابية في إخراج البلاد من دائرة صراع بالإمكان حله متى ما وجدت العقليات المنفتحة على الغير والقادرة على العمل أكثر من الحديث والبعيدة كل البعد عن الولاءات الحزبية الضيقة التي تضر الوطن والمواطن أكثر مما تخدمهما.
وينطلق الميسري من مبادئ وطنية تكسبه الحضور على مستوى اليمن كافة، ولم يخفي في ذات الوقت انتمائه الجنوبي ما منحه القبول من قبل القوى الجنوبية، ويرفض جملة وتفصيلا تمكين موالي الانقلاب من الإخوان ومؤتمريي المخلوع وهو ما يضعه بمكانه متميزة لدى التحالف العربي الداعم للشرعية بما يخدم الرئيس هادي ويبعد عنه خطر المتدثرين كذبا وزورا برداء الشرعية.
(الميسري) حكومة قائمة بحد ذاتها.. وعقلية ستعود حتما على الرئيس عبد ربه منصور هادي بكثير من النجاحات والإنجازات السياسية والإدارية والأمنية والتنموية إن تم وضعها على رأس حكومة جديدة لإدارة الشرعية، وستنهي عامين ونصف من الأزمات والتأزيم المصطنع من قبل حكومة بن دغر خدمة لأجندات حزب الإصلاح ونجل المخلوع صالح (أحمد)، وتشرع في بناء دولة العدالة والمواطنة.. فهل يفعلها الرئيس هادي للدفع صوب تحقيق مشروعه الوطني الذي طالت عرقلته من أتباع الإخوان والمخلوع؟..