لأن شعب الجنوب يحب الألمان من زمن بعيد .. حتى أن كاتب هذه السطور زار ألمانيا الغربية ولم يزر الشرقية وفي ظل شيوع الإشتراكية .. والإشتراكية العلمية .. الزيارة الأولى كانت عام 1978م والثانية 1984م بدعوى من شركة ( نوبل Nobel) . وكانت هذه الزيارات تتعلق بنشاط وزارة الإنشاءات والطرق ( حينها ) وما كانت عليه المعاملات التجارية الإستيرادية من نشاط عال المستوى ؟! فإن حب شعب الجنوب للألمان بشطري أرضيه وبلده كانت ولا زالت هي السمة الأبرز في العلاقات الرسمية والإنسانية ؟!.. لأن الألمان فيهم الشبه الكثير لما في شعب الجنوب من صبر وتحمل المعاناة وقسوة الظروف السياسية .. لكن ( صديقي العزيز / فيليب ) لماذا ذهبت في حكمك على شعب الجنوب الثائر في صورة ( الحُمَّى أو الموت ) !! أريد أن ألفت انتباهك إلى أن هذه المقولة قد كانت عنواناً لمقال لي في صحية ( الأمناء ) العدد (132) بتاريخ 11/يناير/2012م .. فقد كان العنوان لذلك المقال (( فجّعهم بالموت يقبلوا بالحمى )) ؟!... وكنت قد وضّحت حينها أن الموت هو الإنفصال .. أما الحمى فهي الفدرالية ؟! لكن متى كتب هذا المقال .. وفي أي وقت كانت فيه تلك المقولة تعبر عما كان يعتمل في ساحة ثورة شعب الجنوب ؟!.
إن خوفي يتجسد في الطابع الدبلوماسي الذي تضيع فيه قضايا مصيرية وحقوقية وشرعية لا يعطيها الطابع الدبلوماسي حقها وفي حينها يكون الحل والمعالجة ؟!.. فلم تعد هذه الأيام ( الحمى ) مجدية وذات فائدة للمطلب الحقوقي والشرعي لشعب الجنوب .. والموت أصبح هو اللغة التي أصبحت ذات أقدام مجلجلة لرجال الأمن القومي والعسكر والملثمين الذين يخفون وجوههم ولا يخفون أسلحتهم القاتلة والمميتة لشعب الجنوب الثائر والمُطالب بحقه الشرعي في استعادة دولته وحقوقه المهذورة ؟!
أود أسألك أيها الصديق العزيز وأنت تعلن أن هناك حقائق وإن كانت مُرّةْ إلا أن الأصدقاء المخلصون عليهم مصارحة أصدقائهم بالحقيقة وإن كانت مرّة ؟!.. لذا فإني أسألك بحق الصداقة الطيبة بين شعب الجنوب هنا .. والشعب الألماني هناك ..هل تلمس في وحدتكم الناجحة تمايز بين الألماني الشرقي والألماني الغربي ؟!.. وهل وصل المسئول القيادي من ألمانيا الغربية إلى سدة الحكم ليضطهد ابن ألمانيا الشرقية ؟!.. لم نسمع حتى يومنا هذا من قيادي ( غربي ) نهب أرض ألمانيا الشرقية ولا تم تشريد ألماني ( شرقي ) ولا .. ولا .. فلماذا أغفلت هذه المسألة وأنت ( بعظمة لسانك ) تقول أن شعب الجنوب ظلم في ظل الوحدة اليمنية الفاشلة ..ولكنك أحجمت وصمت ولم تقل ما هو الحق الذي لا بد من نصرته ومؤازرته وأنتم الأصدقاء الأقرب لنا ؟!.. فالحوار الذي جعلته كالجزرة أمام حصان الثورة الجنوبية .. لم يعد فيه ما يمكن له أن يحقق شيء للجنوب وأنت تسمع ما يقوله (أباطرة) النفوذ في الشمال .. ألم تسمع فتاوى رجال الدين ؟ .. وألم تسمع صرعات وتصريحات قادة القبائل والمشايخ .. أن جميعهم يقولون .. الحوار تحت مظلة الوحدة ؟!.. حتى – ما ذهبت إليه – بأن فخامة الرئيس المحترم / عبد ربه منصور هادي قد حدد بأن الحوار الوطني بدون سقف ؟!.. لكن ونحن نحترم هذا الرجل الصادق والمخلص لشعب الجنوب والشمال .. هل بيده ما يؤمن لأبناء الجنوب حقهم وهو الذي يصرح أن منزله ( يمسي ) على أصوات الرصاص .. وأن زيارته لدولة عربية قد ألغيت لأسباب أمنية ؟!.
نحن نقدّر هذا الرجل وسجله النظيف والناصع .. لكننا ندرك حدود القدرة التي يمتلكها .. فهو يعرف أن منزله هو واحد من منازل أبناء الجنوب الذين ينامون مثله على أزيز الرصاص .. والواحد منا يخرج من منزله ويحمد الله إذا عاد إليه سالماً ؟!.. ونحن وفخامة الرئيس في خندق واحد .. هو مستهدف .. ونحن مثله مستهدفون ؟!.. والجهات التي لا تريد لليمن الإستقرار هي معروفة لكم مثلما هي معروفة لفخامة الرئيس وشعب الجنوب معه ؟!..
الحديث طويل .. ولأننا لا نريد تحويل قضايانا إلى أحاديث وكلام مكرر .. أرجو سعادة نائب السفير أن تعيد خط كتابك نحو الكفة المايلة في ميزان العدالة .. هنا في الجنوب شعب مدني يريد الحياة والإسقترار .. ويواجههم قتله لا يريدون الحياة لأحد سواهم حتى وإن كان ذلك على أشلاء شعبهم وأهلهم ؟! والصورة أصبحت أكثر وضوحاً ، فمن يقتل الشباب الثائر سلمياً في الجنوب .. مظاهرة سلمية تتعرض للرصاص الحي .. ونسمع منظمات حقوقية إنسانية تطالب بالتحقيق في هذه الجرائم .. فمتى سيصل إليكم صوت الحق .. وتعترفون بالحق والشرعية الثورية ؟! .
لا أعتقد أنك قد وفقت عندما قلت أن الإنفصال الذي دعى إليه السيد الرئيس / علي سالم البيض للجنوب عن الشمال في ظل الحرب الظالمة على الجنوب من قبل الشمال عام 1994م .. صحيح أنه لم تجد الدعوة للإنفصال أي اعتراف من أي دولة حينها .. وصحيح قولك هذا .. لكنك تناسيت أن هناك حرب طاحنة وظالمة .. وشعب الجنوب كان حينها لا يمتلك ما كان يملكه الشمال من عتاد وعدة بل وعلاقات مؤثرة على الدول حينها . وزيادة على كل ذلك أن القيادات العسكرية الفاعلة في الميدان ( ميدان المعركة ) كانوا من أبناء الجنوب . وهم الذين يمسكون بخيط الوحدة المتبقي بين الشمال والجنوب ؟!.. فأنت ( عزيزي فليب ) قلتها بصدق .. ( أن هذه الوحدة التي كان الجنوبيين قد طلبوها بحماس قبل سنوات قليلة صارت الآن مفروضة عليهم وقد أصبح الكثير من الجنوبيين من خلال السنوات التالية يكرهونها ) ؟!.. فعلاً .. لقد صورت الوضع بصدق عندما قلت أيضاً .. ( فبدأوا يطلبون استعادة حقوقهم وبعد إنشاء الحراك الجنوبي السلمي أشتد النضال من أجل إستعادة حق تقرير المصير ) ؟!..
هذا الكلام قد كان الركيزة الأولى في مسيرة الثورة السلمية الجنوبية .. فبدلاً من أن تلتفت السلطة السابقة في صنعاء إلى مظالم شعب الجنوب قوبلت مطالبة الشرعية بالرصاص والقتل والتنكيل ؟!.. .. لكن .. ما رأيك بما نسمعه هذه الأيام من ( صقور ) النظام الشمالي القمعي الذين يعترفون بأنهم استعمروا الجنوب .. وأنهم نهبوا الجنوب .. وأنهم شردوا أبناء الجنوب !! هذا الكلام يعرفه أبناء شعب الجنوب جيداً .. ولماذا يقال ويتردد على ألسنة ( صقور ) النظام الشمالي القمعي هذه الأيام ؟! فهم الذين حسوا بأن (الحمى) لم تعد مطلب لثوار الجنوب .. والفدرالية لم تُعد ذا فائدة ورجال السلطة السابقة لازالوا يؤمنون بأن الوحدة مفروضة ( كما تفضلت في بداية مقالك ) وهي (وحدة مفروضة بالدم) .. وهي أيضاً وحدة أو الموت ؟! فإيش عاد باقي لكي تلتفتوا إليه وأنتم الأقدر .. وأنتم من لديكم الحجة والأمثلة التي يمكن لها تصوير الواقع كما هو عليه .. والله المستعان ؟!!