الكل في اليمن مشدود ومترقب ما ستسفر عنه نتائج المفاوضات (اليمنية-اليمنية) والمقرر لها أن تنطلق مطلع الشهر القادم وبالتحديد يوم 6 سبتمبر.. الجميع يحذوه الأمل المحفوف بالحذر في أن يتوصل الفرقاء للتسوية وإنهاء الحرب المستعرة في اليمن منذ أكثر ما يزيد عن ثلاث سنوات.. كنت اتمنى أن تستضيف هذه المفاوضات عاصمة اوروبية أخرى غير المدينة السويسرية جنيف، فهذه المدينة قد تكون نذير شؤم . فجنيف كانت المكان المخصص لعقد المباحثات لحل الأزمة السورية القائمة بين النظام السوري والمعارضة، وحقيقتآ لم أعد أتذكر إلى كم جنيف وصلوا الأخوة السوريون في مفاوضاتهم هل جنيف 3 أو جنيف 4!! وكل الذي اتذكره بعد عودة المتخاصمين من كل جولة مباحثات إلى سوريا نشاهد ضراوة ووحشية في الحرب. اخشى أن ندخل من نفس الباب ونسلك الطريق ذاته ونصبح ندور في دائرة مفرغة بداية من جنيف1 وإلى ماله نهاية!!! فهل توفرت لطرفي النزاع في اليمن الظروف الذاتية والموضوعية لنجاح هذه المفاوضات؟؟! لقد سعى كثيرآ المبعوث الأممي لدى اليمن مارتن جريفث لتقريب وجهات النظر وخلق بيئة وأرضية مناسبة لإستئناف الحوار المتعثر منذ مفاوضات الكويت التي أمتدت لأشهر دون أن يتوصلوا لإتفاق يرضي الطرفين. لقد كان الهدف الواضح من التحذيرات الأممية للمقاومة الجنوبية المسنودة من التحالف العربي بعدم إسقاط مدينة الحديدة ومينائها الرئيسي لكي يدخل الحوثي مفاوضات جنيف وهو لازال يمتلك أوراق قوية وكذلك دخولة المفاوضات الند بالند والعمل على كسب المزيد من التنازلات .. أن المتابع للدور الأممالمتحدة في ملف الازمة اليمنية سيلاحظ عدم الحيادية في التعاطي معها، بل منحازة تمامآ للحوثي!! أن دموع التماسيح الذي تذرفها الأممالمتحدة والتحذير من كارثة إنسانية في حال سقوط الحديدة هي تنصب بالدرجة الأساسية في مصلحة الحوثي، فأين كانت إنسانيتكم مختفية عندما إجتاح الحوثي المحافظات الجنوبية!! وأين كانت ضمائركم عندما تم قصف المدنيين الهاربين من التواهي وبتعمد مع سبق الاصرار وهم في قوارب النجاة!!! لذلك لايجب على الشرعية أن تعول كثيرآ من هذه المفاوضات لأن الحوثي لا يرغب في السلام وإنهاء الحرب بل يريد أن توصل اليمن وشعبها إلى الحضيض، فتلك المليشيات لا تمتلك مشروع دولة وكان لديهم الفرصة سانحة بعد سيطرتهم على صنعاء وإجبار الرئيس هادي للتوقيع إتفاقية السلم والشراكة ولكن هدفها وفكرها المتخلف لايمكن تطبيقها في اليمن ومن المستحيل أن تعود عجلة الزمن للوراء.. فلو سمعنا تصريحاتهم الرنانة وأنهم ذاهبون لجنيف ليس لتقديم التنازلات يجعلنا نستنتج من ذلك أننا سنكون في حاجة ماسة لعقد المزيد من المفاوضات وجنيف1 غير كافية لرضوخ الحوثي بسبب التعنت والمراوغة التي يجيدها بكل مهارة!! المستغرب في الأمر هو الخطابات القوية ومواقفهم المتعنتة لجماعة الحوثي رغم خسائرهم الكبيرة وتقهقرهم في بعض الجبهات!! وعلى النقيض من ذلك تمامآ نلاحظ تصريحات ومواقف الشرعية ركيكة جدآ وتشعر بضعفهم في التعاطي مع المتغيرات على أرض الواقع حيث يفترض بالشرعية ان تكون في موقف قوي وشجاع وليس كما الظاهر أمامنا حيث يخيل لنا إنهم الطرف المهزوم وذلك من خلال بحثهم الدائم على أي تسوية وهذا بحد ذاته خطأ فادح قد ترتكبه الحكومة الشرعية!! بينما نشاهد االأممالمتحدة تسعى بدون كلل او ملل للترضية جماعة الحوثي للموافقة وقبوله للجلوس على طاولة الحوار!! لقد كان يفترض على الحكومة الشرعية الضغط على الحوثي من خلال المطالبة بإطلاق سراح عدد من المعتقلين والذي هو بمثابة جس نبض للحوثي لمعرفة جديته لخوض هذه المفاوضات وبنفس الوقت يكون تأكيدآ لحسن النوايا وإعادة بناء جسور الثقة التي أصبحت مفقودة بسبب عدم التزام وتنفيذ الحوثي للكثير من العهود والمواثيق التي كان يلتزم بها في السابق!!. وكما يجب على الحكومة الشرعية أن ترمي بكل ثقلها في جنيف متسلحة بقوة المرجعيات الثلاث :- 1-المبادرة الخليجية.. 2-قرار مجلس الأمن رقم 2216 الذي يلزم بموجبه جماعة الحوثي بتسليم السلاح وكذلك الأنسحاب الفوري من جميع المحافظات التي سيطر عليها.. 3- مخرجات الحوار الوطني.. كل هذه المرجعيات تصب في مصلحة الحكومة الشرعية وعليها حشر جماعة الحوثي في زاوية ضيقة وعدم إعطاؤه فرصة جديدة للتلاعب والمناورة كما حدث في مفاوضات الكويت وغير ذلك فمعناه أننا وقعنا في متاهة وربما سنحتاج لاكثر من جنيف1و2.و..آلخ وبذلك نكرر السيناريو السوري ولكن هذه المرة بنسخة يمنية طبق الأصل!!!