يوم أمس في العاصمة اليمنية صنعاء إشهار المجلس الوطني، المنبثق عن الجمعية الوطنية لقوى الثورة السلمية في تجمع سياسي ضخم يهدف إلى إسقاط النظام ورحيل الرئيس علي عبدالله صالح، الذي شن يوم أمس من العاصمة السعودية الرياض عبر كلمة متلفزة هجوماً شرساً على المعارضة، التي قال إنها تمثل لفيفاً من مخلفات الماركسية والانفصال وطالبان . وفي أجواء من التشديد الأمني وحماية من جنود الفرقة الأولى مدرع التي أعلنت انضمامها إلى المحتجين في شهر مارس/آذار الماضي، حضر المئات من أنصار المعارضة والقوى السياسية المستقلة والمنتمية لمنظمات المجتمع المدني فعالية إشهار المجلس في إحدى قاعات جامعة صنعاء، حيث انتخبت الجمعية أعضاء المجلس الوطني للثورة، المكون من 143 عضواً، إضافة إلى إقرار مشروع المجلس الوطني بعد مناقشته وإبداء الملاحظات عليه .
وضم المجلس الوطني عدداً من الشخصيات السياسية المعارضة والمستقلة في الداخل والخارج، من أبرزهم اللواء علي محسن صالح الأحمر ، قائد الفرقة الأولى مدرع، والمنشق عن الرئيس صالح، وزعيم قبيلة حاشد الشيخ صادق الأحمر وشقيقاه حميد وحمير، ورئيس الهيئة العليا لحزب التجمع اليمني للإصلاح محمد اليدومي وأمينه العام عبدالوهاب الآنسي، والأمناء العامون للحزب الإشتراكي اليمني الدكتور ياسين سعيد نعمان والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري سلطان العتواني، وأمين عام حزب الرابطة عبدالرحمن الجفري، إضافة إلى الرئيس السابق علي ناصر محمد ورئيس الوزراء الأسبق حيدر أبوبكر العطاس ووزير الدفاع الأسبق هيثم قاسم طاهر والشيخ طارق الفضلي والشيخ ناجي الشائف وعدد كبير من القيادات السياسية المختلفة .
وأكد رئيس اللجنة التحضيرية للحوار الوطني محمد سالم باسندوة في كلمة له في أول اجتماع للجمعية إن المجلس الوطني “يمثل خيار البداية لمطالب الثوار في الساحات، والحائط الصلب في وجه قوى الثورة المضادة التي أصبحت ظاهرة للعيان”، وقال إن “وحدة قوى الثورة في هذه اللحظة الثورية التاريخية الراهنة كفيلة وحدها بالعبور بالثورة إلى شاطئ الأمان والتأسيس لليمن الجديد والسلطة الجديدة التي سترفع عن اليمنيين البؤس والمهانة، وتؤسس لدولة آمنة مستقرة يسودها العدل والقانون والمواطنة المتساوية، وخالية من الفساد والفقر والبطالة والإرهاب”، معتبراً أن هذا الاجتماع يعتبر “لحظة فاصلة في مسار العملية الثورية التي فجرها شباب وشابات اليمن في عموم محافظات البلاد” .
وأشار باسندوة إلى أن إشهار المجلس الوطني “فرضته اللحظة الثورية والتاريخية الراهنة لتوحيد قرار مكونات الثورة وتوحيد جهودها في مواجهة وإسقاط بقايا الحكم الفردي الأسري المستبد ويضع الجميع أمام خيار الانتصار لدماء الشهداء والجرحى الذين بذلوا دمائهم رخيصة في سبيل عزة وكرامة اليمنيين” .
وأكد باسندوة أن تحديات جمة تنتصب أمام المجلس الوطني، قائلاً إن “التغيير الشامل والمنشود لن يتحقق بمجرد الأماني والتغني بالشعارات الجميلة والعاطفية وإنما يتطلب التحلي بالإقدام والتضحيات”، معبراً عن أسفه لمواقف المجتمع الدولي التي قال إنها لا ترقى إلى مستوى فظاعة السلطة واستخدامها المفرط للقوة ضد المطالبين سلمياً بإسقاط النظام .
وأوضح أن من بين التحديات الأخرى التي تقف أمام المجلس الوطني وقوى الثورة “الدخول في خيارات تفكيك بقايا النظام ومهمة المحافظة على الدولة بمعناها التاريخي والسياسي”، مؤكداً أن “الفعل الثوري ليس مربوطاً بخيار نقل السلطة ونتائجه، وإنما وضع خيارات تصعيد العمل الثوري وإسقاط بقايا النظام كاملة”، كما أشار إلى أن من أهم القضايا التي سيقف أمامها المجلس الوطني بعد إسقاط النظام معالجة القضية الجنوبية بما يجسد الشراكة الحقيقية في السلطة والثروة وحل مشكلة صعدة حلاً جذرياً في إطارها الوطني، حسب قوله .
من جانبه هاجم رئيس الملتقى الوطني الشيخ حسين الأحمر في كلمة له الرئيس صالح والخطاب الذي ألقاه أول من أمس، وقال عن سعادته بتشكيل المجلس الوطني وقال: “ما زال صالح يتوعد في كلمته الأمس ويبدو أنه ما زال لديه عرق ينبض”، واعتبر أن تشكيل المجلس الوطني “يثلج الصدر، إلا أن المطلوب هو العمل والجدية من الجميع لانجاز ما تبقى من أهداف الثورة” .
وفي نهاية الاجتماع تم مناقشة بعض المقترحات من قبل أعضاء الجمعية، وأقر عقد اجتماع لأعضاء المجلس الوطني في وقت لاحق يتم خلاله اختيار رئيس للمجلس وهيئة تنفيذية مكونة من 23 عضواً تتولى القيادة المباشرة للثورة السلمية .