فك الارتباط هو فك الوحدة الهيكلية والوظيفية لمؤسسات دولة ما ، تم توحيدها وفقاً لمعاهدة وحدة موقعة من طرفي دولتين أو أكثر ، لإلقاء تلك المعاهدة . ويعني أيضا رسم الحدود الفاصلة بين تلك الدول المتعاهدة تمهيدا للانفصال حتى تتحقق لكل دولة سيادتها على حدودها ، فيكون لها نظام حكمها الخاص ورقعتها الجغرافية الخاصة ؛ بينما الاستقلال هو تحرر شعب ما من نير الاحتلال الذي فُرض بالقوة المسلحة ، أو بأي وسيلة أخرى ، على دولة ما ، والخروج عن سيطرته .. ويعرف الاحتلال العسكري بأنه : " عملية استيلاء جيش دولة ما على جميع أو بعض أراضي دولة أخرى خلال فترة غزو أو حرب ، أو الاستيلاء على أراضي الدولة بعد ذلك الغزو أو الحرب ، وهو أهم أشكال الاستعمار وأكثرها وضوحاً وإثارة ً للشعوب المستعمرَة ". هناك مثالين عربيين للوحدة وفك الارتباط ، أهمهما وحدة مصر وسوريا لتكوين "الجمهورية العربية المتحدة" عام 1958 ، وانتهت بانقلاب عسكري في دمشق عام 1961 ، عندما أعلنت سوريا قيام الجمهورية العربية السورية بينما احتفظت مصر باسم دولة الوحدة حتى عام 1971م ، رغم البيان الذي اصدره الرئيس عبد الناصر لإلقاء عضوية اليمن في تلك الوحدة العربية التي لم يكتب لها النجاح ، حيث أن الجمهورية العربية المتحدة كانت قد قبلت طلب الإمام أحمد للانضمام إليها .
والمثل الثاني هو وحدة الضفتين (الضفة الغربية والضفة الشرقية لنهر الأردن) عام 1950 ، حيث أصبح مواطنو الضفة الغربية مواطنين أردنيين بعد اجراء الانتخابات بالمناصفة بين الضفتين ، وظل الأردن يعتبر الضفة الغربية جزءاً من أراضية حتى عام 1988م إلى أن اعلن ملك الأردن فك الارتباط بين الضفتين بعد اعلان دولة فلسطين .
ويمكننا اعتبار قرار فك الارتباط الذي اعلنه زعيم الطرف الجنوبي علي سالم البيض في الوحدة اليمنية التي تم الإعلان عنها في 22 مايو 1994 مثالاً ثالثاً لقرارات الوحدة وفك الارتباط العربية ، إذا ما اعتبرنا أنه تم إعلانه قبل أن يكتمل غزو الطرف الآخر (نظام صنعاء) لعموم الأراضي الجنوبية ، وأهمها العاصمة عدن ، حيث أعلن علي سالم البيض في 21 مايو 1994 عن قيام " جمهورية اليمن الديمقراطية " دولة عربية اسلامية مستقلة ذات سيادة ، وعاصمتها عدن ، في ظل حرب طاحنه بين الطرفين ، سقطت فيها معظم المواقع الجنوبية وتفككت الوحدات العسكرية الجنوبية فأصبحت القوات الغازية بالقرب من عدن التي عانت حصاراً عسكرياً شديداً ، وقطعت عنها المياه والكهرباء والغذاء والأدوية والاتصالات .. فسقط الآلاف من الضحايا نتيجة الحصار ونيران القوات الغازيَةِ .
وبإعلان قيادة صنعاء في 7 يوليو 1994 عن سقوط عدن بيد قواتها العسكرية مع النزوح الجماعي لقيادة الدولة الجنوبية والحزب الاشتراكي إلى خارج البلد ، وبدء ممارسة سلطة الاحتلال بإقصاء ما تبقى من العناصر الإدارية والكوادر المدنية والعسكرية الجنوبية واستبدالها بعناصر الطرف المنتصر ، وتدمير كل ما له علاقة مادية أو ثقافية أو معنوية بمكتسبات الثورة والدولة الجنوبية ، بما فيها الممتلكات العامة والخاصة ، فلم يعد لمفهوم " الوحدة " وجود ، ولا لمفهوم " فك الارتباط " أي قيمة سياسية ، مهما حاول البعض أن يجعل من مفهوم فك الارتباط تبريراً لأخطاء سياسية سابقة ، أو تدعيماً لأي حسابات وأوهام تاريخية ! .. فشعب الجنوب يدرك تماماً بأن النقيض الطبيعي لواقع الاحتلال هو مطلب واحد ، ومعروف هو الاستقلال ، وأن القضية المعترف بها هي " قضية الجنوب " ، ليست القضية الجنوبية .. وعليه لا بد أن يكون الاعتراف ب " الاستقلال " وليس بالقضية !! .