ما أن وضعت الفتنة أوزارها وانتصر فصيل من السلطة واستولى على مقاليد البلاد حتى بدأ يلاحق كل من ينتمي إلى الفصيل المهزوم ويتعقب القيادات من العسكريين والسياسيين من خلال المداهمات للمنازل عن طريق شبكة من المخبرين التي كلفت بتعقب وملاحقة كل الاماكن التي قد يتواجد فيها القادة، فاستشعرت الزوجة الطبيبة بالخطر وباحتمال مداهمة المنزل من قبل قوات الخاصة بالفصيل المنتصر حتى أعلنت الحداد على الزوج الذي عثر عليه قتيل وبدأت بتجهيز موكب الدفن ونقله إلى قريته كي يدفن هناك إلى جوار أبيه كما أوصى وبعد حقن الجريح بمخدر حتى يبدو كميت ، تتسأل الصغيرة : أمي ما الذي حصل لأبي .. هل هو مم ميت؟ تهدأ الأم من روع صغيرتها بصوت دافئ حنون: لا تقلقي صغيرتي بعد أن يخرج أبوك من البيت سيكون في امان عندما يصل قريتنا تبدأ الأم وبعض الأهل المقربين بتجهيز الحي الميت لا ظهاره بهيئة الميت والسفر به من المدينة صوب قريته في الريف ، تفوح رائحة الحنوط ليعبق برائحتها المنزل الصغير ويجتمع الجيران وينقل الجسد المتعب إلى صندوق السيارة ويقف المشيعون في ذهول وتعجب من تكفين الميت في سرية وكل الجيران تخفي دهشتها إلا ذلك الفضولي المتسلق يحول البحث والتنقيب في أسأله تبعث على الشك في كيفية الوفاة: كيف توفى ولم نعلم بوفاته يحاول أحد الأقارب الاجابة والهروب من أسئلة الفضولي: لقد فارقت روحه الجسد منتصف ليلة البارحة بعد اسعافه إلى المشفى جراء نوبة قلبية يعود الفضولي لاستفساراته الفضولية المشككة واسئلته التجسسية : هو عسكري متى عاد من وحدته والحالة الامنية غير مستقرة لبرهة يقع استفساره كسيف نزل على صدور أقارب القائد وبسرعه تتفطن الزوجة لمكر السؤال فتجيب: هو في حال غيبوبة منذِ أسبوع يظهر الفضولي اقتناعه بما تقول المرأة وفي عينيه بريق من الشك والاتهام، تغادر السيارة ومجموع من الجيران ما زالوا في محيط منزل القائد ، تتنفس الزوجة الصعداء كلما ابتعدت السيارة عن الحي والطفلة تتحسس أباها فتقع أصابعها على جرحه فتتضمخ بالدماء تنادي الصغيرة أمها: أمي .. الدماء تسيل من أبي تهرع الزوجة نحو جسد زوجها تقلب أماكن جراحه لتضمدها وتتجه صوب صغيرتها لتطمئنها: لا تقلقي صغيرتي سيكون أبوك بخير تنطلق السيارة نحو وجهتها الريف القريب من مدينتهم ولا تقف إلا عند نقاط التفتيش فسرعان ما تعرض تصريح الدفن الذي أعدته الزوجة الطبيبة مسبقاً قبل الانطلاق في السفر
