عندما تفقد الثورة ، أية ثورة ، شرط التنظيم كعامل ذاتي حتمي فستفقد وضوح الهدف والقيادة المخلصة الكفوءة والمتماسكة ، وتفتقر إلى التخطيط الثوري الاستراتيجي و...الخ .. ومن هذا الفراغ وسيولته تمر المؤامرات وتلغيم الثورة بما يربك أداتها الثورية التحررية ويجعلها عرضة للاحتواء وحرف مسارها ، من خلال ارتداء ثوبها .. ( من قبل نخاسي الأوطان وأدوات شرعية الاحتلال والإقليم ) ،، بحيث يفقد الحاضن الشعبي للثورة قدرة التمييز بين الغث والسمين .. وها نحن اليوم .. للسبب إياه لم نفقد بوصلة الحركة باتجاه اقتناص الفرصة التاريخية المؤتية فحسب ، بل جرى ويجري سباق محموم لتصدر المشهد بآلية تزيد الحالة سوءا .. لكن شعب الجنوب الأبي كان ولما يزل صمام الأمان لقضيته وثورته ومن العسير خداعه بعدما قدم أغلى التضحيات في سبيل التحرير والاستقلال واستعادة دولته " دولة المواطنة والمؤسسات " ( لا دولة القبيلة ولا العشيرة ولا المنطقة ولا الحزب ولا الطائفة أو المذهب )، كخيار لا رجعة عنه .. وأكد شعب الجنوب الأبي طوال مرحلة نضاله ضد منظومة الاحتلال على إيصال مجموعة من الرسائل في مليونياته أهمها التأكيد على تمسكه بالهدف الإستراتيجي لثورته وعدم قبول أي مشاريع تنتقص من حقه الشرعي والعادل في تحرير أرضه من المحتل والحصول على الاستقلال واستعادة دولته ( دولة المواطنة والمؤسسات ) على كامل ترابها الوطني بحدودها الدولية المعروفة ما قبل 21 مايو 1994م .. كما أكدت اللوحة الجماهيرية التي ارتسمت في كل مليونياته على وحدة الشعب وتلاحم أبنائه .. وواهمون من يظنون أنهم سيحرفون سفينة التحرير والاستقلال إلى مرفأ كيان " الإقليم والفدرالية " .. ونؤكد بأنه .. لا يمكن بناء بيت جديد بحجارة قديمة مهما حملت هذه الحجارة من رائحة المشاعر .. إذ لا بد من حجارة جديدة لبناء بيت جديد .. كذلك بناء الأوطان والدولة المدنية الوطنية الحديثة التي تحتاج إلى شباب جدد لهم علاقة بالغد أكثر مما نحمله من الماضي .. وبالتالي .. إذا كان المشهد السياسي يبدو للبعض اليوم كأنه ظلام دامس نتن يهاجم جلنا أحلامنا .. وضوء دماء فرسان عزتنا .. من بين أصابع إرادتنا ،، يخرجون كقيح متعفن هم نخاسوا قضيتنا .. فلابد لنا من امتلاك تصورات واضحة كي نرسم غدنا .. ولكي نملك ذلك .. علينا أن نمارس نقدا جريئا للتجربة بكل مراراتها .