يدور الحديث هذه الأيام عن تشكيل حكومة مصغرة تعتمد على التكنوقراط وتختزل الوزارات إلى أقل من النصف . مفهوم الحكومة المصغرة بحسب ماتم الإعلان عنه من قبل مسؤول في رئاسة الوزراء ، هو في الأساس تدوير الزوايا . الذي يأتي موازيا لرؤية ضبابية متعلقة بالإقتصاد والخدمات وعدم إستيعاب لمعنى السيادة والوزارات السيادية . على الرغم من الصعوبات والظرف الإستثنائي الذي عملت في ظله الحكومه خلال السنوات الأربع الماضية إلا أنه رافق عملها قصور واضح لايخطئه أحد . ويبقى السؤال هل سيأتي تكنوقراط جدد يمتلكون مؤهلات كافية ؟ أم سيرتدي وزراء المحاصصة الثوب الجديد بالمسمى الجديد . وإذا كان الغرض من تشكيل حكومة مصغرة تتكون من 16وزارة بدلا عن 36 وزارة هو الحد من النفقات الضخمة على المسؤولين وتابعيهم فإن هذا الغرض لن يتحقق كون الوزراء الذين سيتم تقليصهم ستظل أرصدتهم مفتوحة وسيظلون في الفنادق ولن يعودون إلى الداخل ، وسيمارسون مهامهم لمساعدة زملائهم الوزراء التكنوقراط ولكن بمسميات جديدة تبدأ بنائب ولا تنتهي بمستشار وسيظل الإنفاق كما هو عليه . إن اليمن في حاجة الى استراتيجية فعالة للتنمية، ومعالجة الاختلالات التي يعاني منها الاقتصاد، وإعادة البناء والإعمار، بخاصة في المحافظات المحررة ، وذلك عبر البدء بإعطاء صلاحيات كاملة للمحافظات تمكنها من بناء نمط معيشي يوازي المسمى الذي أطلق على تلك المحافظات ( محررة ) . كما يجب إعتماد الشفافية وتفعيل عمل منظومة مكافحة الفساد . إن اليمنيين يترقبون حكومة مصغرة قوية قادرة على تغليب الهوية الوطنية، وقبر المحاصصة الحزبية "سيئة الذكر " ومحاربة الجريمة السياسية، والحد من القتل اليومي ، والدفاع عن حقوق المواطن ، بغض النظر عن منطقته أو مذهبه أو انتمائه السياسي أو الحزبي أو اتجاهه الفكري. إن من اولويات الحكومة المصغرة وضع برنامج عمل مزمن ، تعمل بموجبه على إخراج البلد من دوامة الفشل والأزمات المتواصلة ، والعمل على بناء اقتصاد متعاف والتزام منهج سوي لبناء النموذج المعبر عن توجهات الشرعية إلى يمن إتحادي من ستة أقاليم يعاد صياغة واقعه المجتمعي وفق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني مستفيدا بالشكل الأمثل من إيرادات المحافظات المحررة ومن مساعدات الأشقاء والأصدقاء . أما على المستوى الخارجي والدبلوماسي، فقد أصبحت السفارات مركزاً لأقارب الوزراء والشخصيات الإعتبارية إضافة إلى طاقم مترهل يعمل على الجباية . لذا لابد من إعادة بناء الهيئات الدبلوماسية بالشكل الصحيح القادر على عكس السياسة الخارجية التي تخدم قضايانا المحورية . السؤال الأهم هل ستتمكن القيادة الجديدة من زرع الأمل في نفوس اليمنيين وإعادة الكرامة المفقودة إليهم ؟ التحديات كبيرة والضغوط الداخلية والتدخلات الخارجية أكبر. ولا أحد ينتظر من رئيس الحكومة الشاب تحقيق المعجزات خلال الفترة القريبة المقبلة، لكن الكل يترقب عملاً جاداً لجهة إصلاح النظام السياسي وتعزيز الاستقرار - أحد الأركان المهمة في طريق تعافي الاقتصاد، واتخاذ حزمة من الإصلاحات في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والأمنية، وترميم البنية التحتية وتحسين قطاع الخدمات، بما في ذلك توفير الماء الصالح للشرب وتأمين الكهرباء، والاهتمام بالصحة والتعليم والضمان الاجتماعي .