قد لا يكونوا من أشهر الإعلاميين في اليمن ، ولكنهم أكثرهم تفانياً في العمل ، بدأوا عملهم بمنطلق إنساني بعيداً عن أي انتماء او توجه ضيق ، لم يحملوا السلاح يوماً أو يتبعوا لأي فصيل مسلح او لواء أو جبهة ، همهم الوحيد العمل على كشف الحقيقة وإظهار الزيف ، يساعدون الجميع دون استثناء ، لهم نصيب في كل مأساة تحِلُّ باليمن ، تتقاذف بهم سخونة الأحداث والمعارك الدائرة إلى بوتقات التحريض والتخوين بسبب مواقفهم المتباينة ، يحملون عدساتهم وأقلامهم وينطلقون في شوارع الوطن بابتسامتهم يكتبون عن الحياة والحركة والوجوه المتعبة وشقاء الأطفال . تتشابك في أذهاننا صور الذين رحلوا ,نسير ,نتوقف ,نتألم ,نمعن في التأمل ,ونقارن بين ما نختزنه في الذاكرة ,ونصدم بما نراه ماثلا أمام أعيننا من وقائع وانتهاكات بلغت ذروتها ضد الصحفيين بسبب خصومات واطماع سياسيه ، لم يدُر في خلدِهم أن وقوفهم مع المظلومين والمطالبة بالحقوق المشروعة لأكثرية أبناء الشعب اليمني لاستعادة أملاكهم المغتصبة من قِبل مسؤولين معتدين بأنه في يومٍ ما سيصدر في حقهم أمر قبض قهري مخالف للشريعة والقوانين الدولية لتغييب حريتهم قسرياً وسط ضُعف الضمانات المؤمنة لحقوقهم . يشهدُ الجميع مهزلة الضمير السياسي تتجلى في ثلةً تم تدويرها من نظامٍ بائد اعتاد على الحكم بقوة السلاح الجنونية ، ثلةً اعتاده على قمع وتكميم الأفواه واعتقال كل قلم حر يكشف عبثهم ، ثلة لا تعي ان الزمان تغير وان الشعب اصبح اكثر وعيا وادراكاً لما يحدث ولم تعد تنطلي عليه اساليب من عبثوا وطغوا قبلهم ، فملاحقة الاعلامين ومحاولة تكميم أفواههم أسلوب لم يعد الشعب بغافاً عنه ، فمع اعتقال صحفي سيولد الف صحفي ومع كسر قلم إعلامي ستأمر الأرض أشجارها ان تتهيئا لتحويلها لأطنان هائلة من الأقلام لن يقدر احد على محيها من الوجود. لن تُفارقنا إحزاننا مادامت مهزلة الضمير السياسي تجدد نفسها في أكثر من صورة ، تلازمنا إلى أن طفحت مهزلته إلى السطح كمهزلة الضمير السياسي السابق الذي أضاع أحقية الدماء عبثاً فتم هدرها وثروة شعب تم حصرها في شخصهم فقط ، فاستباحوا وطنً بأكمله ، وهشموا دولةً بكل أركانها ، الى ان أصبحت حياة المواطن تصاغ حكايتها بطلقة ناريه من سلاح تنهي حياة الجوعٌ والفقر التي كان يعيشها. فحين يموت الضمير تصبح الإنسانية كلمة لا معنى ولا مرادف لها , تغفو العقول وتثور الأحقاد وتتعطل إنسانية الإنسان , تفقد الحواس قيمتها ويصبح صاحبها عقلاً لا يفقه ، وعيناً لا تبصر وأذناً لا تسمع ، وقلباً اسوداً ينبض باللا ضمير ، فمع موت الضمير يموت معه كل شيء .