جبهات كثيرة تتحرك هذه الأيام من صعدة إلى ميدي إلى حرض، وكذا البيضاء ودمت ومريس، والحديدة .. في تعز تبدو الأمور مختلفة، حالة ركود عجيبة، تتخللها بعض المناوشات هنا وهناك. نعلم يقينا حجم الضغط على تعز، ونعلم كذلك عدم رضا التحالف عن تحرير المدينة، أما الشرعية فبالنسبة لها لا قول إلا ما يقوله التحالف.. الجميع يعمل على "ترقيد" تعز . لكن ما عهدناه جميعا هو يقظة هذه المدينة، حين يطال النوم ما سواها.. تغيرت هذه النظرية مؤخرا، تحديدا منذ حلت "لعنة المناكفات" على تعز.. صار كل شيء عرضة للتصنيف، وصارت "الاتهامات المتبادلة" أكثر الأشياء رواجا، لدرجة تمويل صفحاتها بالدولار! قادة عسكريين يخوضون غمار السياسة، وساسة يتحكمون في شؤون العسكر، وأحزاب لا تمل من ممارسة لعبة "صراع الديكة" ، بما في ذلك "الكتاكيت" الصغيرة التي وجدت نفسها فجأة تخوض السباق مع "الديكة" وحين لم تجد في نفسها القدرة على المشي فضلا عن العدو والسباق، عادت لممارسة "الخربشة" على الأرض وإغراق الميدان بالروث والمخلفات، وإن على هيئة أشخاص ! نسي البعض ضميره الذي غاب مستترا تحت غطاء المال اللاعب بحمران العيون، ، فيما بعض آخر صار بلا موقف، ليصبح دائما منسوب لمموله و"مضاف إليه" . لم تتوقف المشاكل، ولم يتوقف كثيرون عن ابتكار المزيد منها، فيما غاب صانعي الحلول، وصارت أصواتهم لا تبارح حناجرهم في زحمة الصراخ، والصراخ المضاد ! بين فترة المقاومة الأولى وما بعدها تغيرت أمور كثيرة، انتظمت صفوف الجيش والأمن كما لم تنتظم في أي محافظة أخرى، لكن الجيش لم يعد يهاجم. عادت السلطة المحلية وبقي المحافظ في المدينة، لكن هذه السلطة في مرات كثيرة صارت جزءا من تعقيد المشهد، لا انفراجه، وغدا الحضور أبأس من الغياب ! أعلن المحافظ فور تعيينه وبخطاب تلفزيوني قوي ابتداء عملية التحرير وتوفر الدعم اللازم، لكن من بعدها توقفت كل الهجمات، ومعها الدعم، وبقيت المناوشات الصغيرة، ربما من جهة الحوثي حتى لا يمل أفراده! أخلص الرجال تجدهم يشتكون خذلان الجميع، والعائدين من مناطق الحوثي مؤخرا، صاروا يقررون كل شيء ! الجرحى في كل واد وسفارة ورصيف ودولة يهيمون، يشتكون وجع الجرح ومرارة الخذلان، والجميع يتهرب منهم، لدرجة الهروب من جروب "واتس آب" تنبعث منه رائحة جريح ! الأوراق الرسمية ومذكرات القيادات "السرية" ومراسلاتهم الخاصة صارت تنتشر على حوائط "فيس بوك" قبل أن تصل للموجهة إليهم! حمى الكاميرات والإعلام أخذت الجميع، فصار حتى بائع البطاط لديه مكتب إعلامي، ومصورين، يلتقطون كل تفاصيل يومه منذ الصباح حيث يذهب الى سوق الخضار، ويتحدثون عن عبقريته في "نقوة" البطاط، ووصولا إلى صورته وهو يعمل ب" 400 بطاط، كل 100 لحاله" مش كذا وبس، ويزيد السحاوق !! حالة مؤسفة، اختلط فيها الجد بالهزل، والتراجيديا بالكوميديا، والثقافة ب"قلة الإلف" حتى غدت الصورة بائسة، بعد أن كانت تعز أكثر من يصنع صور الأمل، حتى في أشد لحظات العناء !