اليمن تضع إمكانياتها تحت تصرف قطر وتطلب من المغتربين عدم العودة لسوء أوضاع وطنهم    حان وقت الخروج لمحاصرة معاشيق    عدن على حافة الانفجار: انهيار شامل وخيوط مؤامرة دولية تُنسج بأيدٍ يمنية    "العليمي" يفرض الجزية على حضرموت ويوجه بتحويل 20 مليار ريال شهريا إلى إمارة مأرب    بوساطة قطرية.. اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران    بالتعادل.. إنتر ميامي وبالميراس يحلقان إلى دور ال16    أوساكا.. انتصار أول على العشب    هلال الإمارات يوزع طرود غذائية على الأسر الأشد فقرا بشبوة    كفى لا نريد دموعا نريد حلولا.. يا حكومة اذهبي مع صاروخ    الفريق السامعي: المنطقة على موعد مع حدث خطير    مسئول ايراني كبير: تصريحات ترامب حول اتفاق وقف النار "خدعة"    إب .. تعميم من مكتب التربية بشأن انتقال الطلاب بين المدارس يثير انتقادات واسعة وتساؤلات حول كفاءة من اصدره    حين يتسلل الضوء من أنفاس المقهورين    الخارجية اليمنية: الهجوم الإيراني على قطر انتهاك صارخ للقانون الدولي    مسؤول امريكي يعلن انتهاء الهجوم الايراني وإيران تكشف عن موقفها من قطر بعد استهداف قاعدة العيديد    تحركات مشبوهة للقوات الأجنبية حول مطار المهرة ..    السقلدي: هناك شحن وتعبئة لقوات الامن تجاه المواطن    بطولة عدن الأولى للبلولينج تدخل مرحلة الحسم    - من هو رئيس تحرير صحيفة يمنية يلمّح بالزواج من إيرانية ؟ أقرأ السبب !    عربة خدمات ارضية تخرج طائرة لليمنية عن الخدمة    إيران تفرض حرب استنزاف باهظة على الصهاينة ..!    خامنئي: لم نعتد على أحد ولا نقبل ان يعتدى علينا    - الأوراق تكشف كيف رحل رجل الأعمال الشيباني وقلبه مثقل بخيانة نجله؟ صراع على التركة وفضيحة مدوّية داخل العائلة!    مليشيا الحوثي تكشف ارتباطها المباشر بإيران.. هل انتهت خدعة "التضامن مع غزة"؟    وزير الخارجية يلتقي مدير مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع    17 لاعبا مهددون بالرحيل عن مانشستر سيتي بأمر من غوارديولا    اجتماع في تعز يناقش إجراءات إنهاء أزمة الغاز وتزويد المحافظة بكميات إضافية    هيئة الآثار والمتاحف تسلم 75 مخطوطة لدار المخطوطات بإشراف وزير الثقافة    الخدمة المدنية تناقش استكمال تصحيح الاختلالات في كشف الراتب    بعد المونديال.. بيلينجهام يغيب عن ريال مدريد 3 أشهر    دوامة الأزمات التي تخنق العاصمة عدن إلى متى؟    الرئيس المشاط يعزي في وفاة عبد الله عبد الوهاب قاسم    النفط يرتفع إلى أعلى مستوياته منذ يناير بسبب المخاوف بشأن الإمدادات    اجتماع موسع لمناقشة الاستعدادات الجارية لبدء العام الدراسي الجديد في مدينة البيضاء    الشعر الذي لا ينزف .. قراءة في كتاب (صورة الدم في شعر أمل دنقل) ل"منير فوزي"    ضبط مخزن للأدوية المهربة بمحافظة تعز    الفاسدون في الدولة وسياسات تخريب الطاقة الكهربائية السيادية؟!    ريال مدريد يقسو على باتشوكا    الحرارة فوق 40..عدن في ظلام دامس    فصيلة دم تظهر لأول مرة وامرأة واحدة في العالم تحملها!    الصين.. العثور على مقابر مليئة بكنوز نادرة تحتفظ بأسرار عمرها 1800 عام    الكاراز يعادل رقم نادال على الملاعب العشبية    خواطر ومحطات حول الوحدة اليمنية (الحلقة رقم 43)    المنتخب الوطني تحت 23 عامًا يجري حصصه التدريبية في مأرب استعدادًا لتصفيات آسيا    إيران تنتصر    قطاع الأمن والشرطة بوزارة الداخلية يُحيي ذكرى يوم الولاية    بين عدن وصنعاء .. شهادة على مدينتين    مرض الفشل الكلوي (9)    توقيف الفنانة شجون الهاجري بتهمة حيازة مخدرات    إشهار الإطار المرجعي والمهام الإعلامية للمؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم    كشف أثري جديد بمصر    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الدكتور الأفندي بوفاة شقيقه    من قلب نيويورك .. حاشد ومعركة البقاء    الحديدة و سحرة فرعون    خبراء :المشروبات الساخنة تعمل على تبريد الجسم في الحر الشديد    شوجي.. امرأة سحقتها السمعة بأثر رجعي    علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن: صراع آخر بالوكالة

مع توالي الصراع في اليمن فصولاً، طالت يد العنف شطراً كبيراً من سكان البلاد. لكن وحدها محافظة المهرة، الواقعة بمحاذاة الحدود اليمنية مع عُمان، تبقى استثناءً ملحوظاً، فهي تشهد إلى حدّ ما صراعاً مخفف الوتيرة. ففي تشرين الثاني/نوفمبر العام 2017، نشر التحالف الذي تقوده السعودية قوّات عسكرية استولت على المرافق العامة في المحافظة، وسط حالة من التوتر المستمر بين السعودية والإمارات العربية المتحدة من جهة، وسلطنة عُمان من جهة أخرى.
لكن قبل نشر الجيش السعودي في المهرة، حاول المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو كيان مدعوم من الإمارات، قوامه فصيل من الحراك الجنوبي الذي يسعى إلى استقلال جنوب اليمن، إقناع المحافظ آنذاك، عبدالله كده، بالانضمام إليه. لكن هذا الأخير رفض، مؤكداً أنه يؤيد سلطة الحكومة الشرعية التي يترأسها الرئيس عبد ربه منصور هادي، الأمر الذي أزعج التحالف، ولاسيما الإمارات، التي تريد الترويج للمجلس الانتقالي الجنوبي باعتباره الكيان الوحيد الذي يمثّل الحركة الجنوبية. فالمجلس كان قد احتضن أجندة دولة الإمارات في الجنوب.
وخلال السنوات القليلة الماضية، تصاعدت وتيرة التوترات بين السعودية والإمارات من جهة وعُمان من جهة أخرى. إذ أن هذه الأخيرة تبنّت مواقف سياسية لاتتفق مع السياسات السعودية- الإماراتية في المنطقة، خاصةً في مايتعلق بقطر وإيران. تجدر الإشارة هنا إلى أنه ومنذ قيام دولة الإمارات في العام 1971، كانت هناك خلافات بينها وبين سلطنة عُمان حول الحدود المشتركة بينهما. وقد تأزّمت العلاقات الثنائية بشكل أكبر في العام 2011 عندما كشفت عُمان النقاب عن شبكة تجسس إماراتية زُعم أنها كانت تخطّط للإطاحة بنظام السلطان قابوس بن سعيد آل سعيد، على الرغم من نفي الإمارات وجود أي صلة لها بهذه الشبكة. ومؤخراً، ومع اندلاع الحرب في اليمن، برزت دلائل دفعت بالتحالف الذي تقوده السعودية إلى الاعتقاد بأنه يتمّ تهريب الأسلحة الإيرانية عبر عُمان إلى المهرة، لدعم الحوثيين.
تظهر معالم المنافسة بين السعودية والإمارات وبين سلطنة عُمان صارخة خصوصاً في المهرة. في أوائل تشرين الثاني/نوفمبر 2017، انتشرت ملصقات ولوحات إعلانية في شوارع الغيظة، مركز محافظة المهرة، تشكر السلطان قابوس على المساعدات الإنسانية التي يقدّمها منذ فترة طويلة إلى المحافظة. وكانت هذه الحملة، وهي مبادرة من قادّة المجتمع في المدينة، موجّهة في الدرجة الأولى ضدّ السعودية والإمارات، وتحمل ضمنياً تحذيراً لهما بعدم التدخّل في المهرة.
ترى سلطنة عُمان، نظراً إلى التقاليد المشتركة التي تجمعها مع المهرة، أنه من المهم الحفاظ على روابط قوية مع المحافظة. وفي الواقع، بإمكان هذه العلاقة التأثير على السياسة الداخلية العُمانية، لأن المهرة والمحافظة العُمانية ظفار، حيث اندلع تمرّد ضد النظام العُماني بين العاميْن 1965 و1975، يحملان الكثير من أوجه الشبه. فهما متصلتان اجتماعياً واقتصادياً، حتى أن السكان المقيمين في المنطقتين يتحدثون اللغة نفسها، سواء المهرية أو الجبالية. علاوةً على ذلك، يحمل العديد من سكان المهرة الجنسية العُمانية، فأبرز قادّة القبائل في المحافظة، مثل الشيخ عبدالله آل عفرار، رئيس المجلس العام لأبناء المهرة وسقطرى، يعيش في عُمان.
ووفق مصادر قبلية في المهرة، فإن "التأثير العُماني المتنامي على قبائل المهرة دفع التحالف بقيادة السعودية إلى التحرّك، وكان أحد الأسباب الرئيسة الكامنة وراء إرسال السعودية تعزيزات عسكرية إلى المنطقة".
استولت القوّات السعودية، منذ دخولها إلى المهرة، على المرافق الحيوية للمحافظة، بما في ذلك مطار الغيظة وميناء نشطون، ومعبريْ صرفيت وشحن الحدوديين مع عُمان. كما نشرت عديدها في أكثر من 12 موقعاً على طول ساحل المحافظة، وصرفت موظفي المطار قائلةً إن رواتبهم ستصلهم بشكل منتظم بغض النظر عن تواجدهم في مكان العمل. إضافةً إلى ذلك، عمد هادي، المقيم في السعودية، إلى صرف كده من منصبه، عازياً السبب إلى أنه وقف في وجه الوجود السعودي في البلاد. وعيّن مكانه راجح باكريت الذي تربطه علاقات وثيقة مع الإمارات.
وبحلول شباط/فبراير 2017، باتت المطالب ثقيلة الوطأة على سكان المهرة. فقد منعتهم القوّات السعودية من صيد الأسماك في العديد من المناطق الساحلية، في حين تمّ حظر دخول حوالى 100 سلعة من عُمان إلى المهرة، بما فيها الألواح الشمسية والمواد الكيميائية وبعض الضروريات الأساسية.
إضافة إلى ذلك، رُفعت الرسوم الجمركية على العديد من الواردات، في آب/أغسطس 2018، بنسبة 80% في المعدل، وصدرت تعليمات تقضي بعدم قبول المستندات الجمركية الصادرة في منطقة التجارة الحرة العُمانية. وفسّر المحللون هذه الإجراءات بأنها تهدف إلى إضعاف اعتماد القطاع الخاص اليمني على عُمان، إذ إن رجال الأعمال اليمنيين يفضّلون إرسال شحناتهم عبر ميناء صلالة في سلطنة عُمان، بعد عبورهم منفذ شحن.
أثارت هذه التطوّرات مخاوف سكان المهرة، مادفع الآلاف إلى النزول إلى الشارع، في نيسان/أبريل 2018، في تظاهرة مفتوحة في مدينة الغيظة، مطالبين القوات السعودية بمغادرة مرافق ومؤسسات المحافظة وتسليمها إلى السلطات المحلية. حتى أن شخصيات بارزة وصفت السعوديين بأنهم "قوة احتلال" تسعى إلى الاستيلاء على موارد المحافظة.
انتهى الاعتصام الذي استمر شهرين في تموز/يوليو باتفاق بين المحتجين وممثلي الحكومة اليمنية، يقضي بأن ينسحب السعوديون من منشآت ومؤسسات المهرة ويسلّمونها إلى السلطات المحلية. بيد أن قادة الاحتجاج أفادوا بأنه لم يتمّ تنفيذ الاتفاق، بل على العكس، أقدم هادي بعد ذلك على إقالة المسؤولين الذين وقفوا إلى جانب المحتجين واستبدلهم بآخرين موالين للسعودية والإمارات. في الوقت نفسه، برزت مزاعم بأن عُمان دعمت المحتجين، مشجعةً أيضاً قبائل المهرة على مقاومة السعوديين.
كما ساهمت التسريبات حول نوايا السعودية في المهرة في مفاقمة الاستياء الشعبي. وفي آب/أغسطس 2018، نُشرت رسالة في وسائل إعلامية عدّة موجّهة من شركة سعودية تدعى هوتا للأعمال البحرية إلى سفير السعودية في اليمن محمد آل جابر، شكرته فيها على ثقته، إذ إنه طلب منها إعداد اقتراح لبناء ميناء نفطي في منطقة نشطون، على أن تكون المنشأة محطة لخط أنابيب سعودي ينطلق من محافظة الخرخير في منطقة نجران السعودية.
إضافة إلى ذلك، ثمة خطة لبناء قناة تصل الخليج الفارسي ببحر العرب تمرّ عبر المهرة، وتهدف إلى إنشاء منفذ بديل لصادرات النفط السعودية عن مضيق هرمز، الذي يمكن أن تعيق إيران الأعمال فيه في أي وقت. أما بالنسبة إلى سكان المهرة، فتكشف هذه المشاريع عن أن الوجود السعودي في المحافظة يتعدّى مجرد التصدّي للتهريب والأنشطة الإرهابية، كما أكّد سابقاً متحدث باسم التحالف.
مايجري من أحداث في المهرة، ليس سوى فصل من فصول الصراعات بالوكالة المندلعة في اليمن. فسلطنة عُمان نشطة في المحافظة، ولن تقبل ببقاء السعوديين والإماراتيين على الحدود العُمانية مع اليمن. ومن ناحية أخرى، يحاول التحالف الذي تقوده السعودية تقليص النفوذ العُماني في المهرة. ويبقى أن سكان المهرة هم الذين يدفعون أفدح الأثمان في هذا التنافس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.