بناء على ما سبق ذكره في الجزء الأول من هذا المقال، ولكون المكونات الجنوبية الإسلامية أصبحت واقعا ملموسا، لا يستطيع أحد تجاوزه أو تهميشه، فإن تلك المكونات أمام تحد مستقبلي، يحتم عليها أن تكون أكثر فاعلية وحضورا على الساحة الجنوبية، وألا تقف عند هذا الحد مما انجزته. إلا أن ما ظهر من مؤشرات على الساحة الجنوبية، توحي بما أشرنا إليه من تجاوز لدور علماء ودعاة الجنوب، ومن ذلك على سبيل المثال ما ورد في ميثاق الشرف الذي وقعت عليه عدة مكونات جنوبية في عدن ونشرته عدن الغد بتاريخ 16/12/2012م وجاء في أحد فقراته الخاصة بمنهج المشاركة (( .. الشخصيات الوطنية والاجتماعية من رجال فكر وسياسة، وأعيان وشيوخ وسلاطين وأمراء سابقين، ..) ومن خلال هذا النص نلاحظ بجلاء عدم وجود أي ذكر لعلماء ودعاة الجنوب، سواء في هذه الفقرة أو باقي فقرات الميثاق. وما هذه إلا واحدة فقط من تداعيات تباعد علماء ودعاة الجنوب، وهذا في المرحلة الحالية التي يفترض فيها الاستقطاب لأكبر قدر من القوى الفاعلة على الساحة الجنوبية، فما ظنك في مرحلة مستقبلية "قد" يصفوا فيها الجو للساسة، كيف سيكون حال المكونات الإسلامية. ومن هنا ومن أجل الإعداد للمستقبل المنشود لتلك المكونات، فإنني أتمنى من الله على تلك المكونات الجنوبية الإسلامية، وكذلك المشائخ والدعاة الجنوبيين كخطوة أولى نحو المستقبل المنشود للمكونات الإسلامية التنادي إلى عقد مؤتمر جامع لهذه المكونات، بأقرب وقت، يضمهم جميعا تحت سقف واحد، لتدارس جملة أمور منها: 1 مستقبل هذه المكونات وتحديد آليات وسبل التقارب فيما بينها تمهيدا لتوحيدها في مكون إسلامي واحد إن أمكن أو وضع آلية عمل مشترك، يحفظ لهذه المكونات ثقلها ومكانتها على الساحة الجنوبية على الأقل، وبما يمنع تجازها في مثل ميثاق الشرف المذكور أعلاه. 2 بحث سبل حل القضية الجنوبية، وسبل المشاركة الفاعلة في ذلك، ووضع التوصيات والنصائح الإسلامية، لأبناء الجنوب في كيفية التعاطي الشرعي مع قضيتهم العادلة. 3 بيان الحكم الشرعي في ما حل بالجنوب من نوازل مستحدثة كالجماعات المسلحة المتدثرة بغطاء الشريعة، سواء كانت تمارس أعمالها بدوافع عقدية، أو سياسية نفعية. 4 ما يرونه من مواضيع تكتسب الأولوية في نظرها. وصحيح أنه سوف يكون هناك تباين في وجهات النظر، فمن الصعوبة تأطير هذه المكونات تحت لواء مكون واحد، ولكن إذا لم يكن ذلك ممكن، فعلى الأقل أن يكون بينها تنسيق وتفاهمات، على صعيد العمل المشترك لهذه المكونات. أما على صعيد القضية الجنوبية، فإن كان بعض المشائخ والدعاة يرفض وبعضهم يتحرج من الدعوة إلى فك الأرتباط كحل للقضية، مستندا في ذلك إلى عالمية الشريعة الإسلامية التي تدعو إلى التوحد، وهذا هو الأصل الذي ينبغي على كل المسلمين بمختلف انتمائاتهم السعي إلى تحقيقه. كما أن هناك بالمقابل بعض المشائخ والدعاة يرون، إباحة الدعوة إلى فك الإرتباط أو الفيدرالية باعتبار أن ذلك ضرورة وإن كانت الضرورة تقدر بقدرها نتيجة لما تعرض له الجنوب، خلال السنوات الماضية، وما زال. فإنني أجزم أن هناك "حداً أدنى" سوف يتوافق عليه جميع المؤتمرون، كرفض وحرمت كل ما تعرض ويتعرض له الجنوب والجنوبيين، وضرورة رفع تلك المظالم بأسرع وقت، وحق الجنوبيون في أختيار النظام السياسي الذي يناسبهم ويمنع تكرار ما حدث، وتحريم سفك الدماء تحت أي مبرر كان من دون حكم قضائي. وختاما فإن ذلك الحد الأدنى مهما كانت حدوده الدنيا جدير بشكل كبير جدا أن يجتمع المشائخ والدعاة الجنوبيون له تحت سقف واحد وفي أقرب وقت، لاعتبارات سقنا مضمونها في الجزء الأول من هذا المقال. أسأل الله لنا ولهم التوفيق والسداد.