مما لاشك فيه أن مكونات الجنوب الإسلامية على اختلاف مشاربها، ورؤيتها المستقبلية للجنوب، شاركت ولا تزال تشارك في العمل الثوري الجنوبي السلمي (الحراك الجنوبي) الرافض للظلم والقهر والنهب والسلب والإقصاء والتهميش، إذ أن كل تلك الممارسات مرفوضة شرعا، ولا يقر بها مسلم بسيط ناهيك عن مشائخ ودعاة الإسلام. مؤخرا بدأ عمل المكونات الجنوبية الإسلامية غير المرتبطة بصنعاء يتبلور على شكل أطر إسلامية أكثر تنظيما، تؤمن بعدالة القضية الجنوبية، وأنخرطت أكثر في العمل النضالي الجنوبي، إيمانا منها بعدالة القضية الجنوبية كما أسلفنا القول، ومن تلك المكونات حركة النهضة الجنوبية، والهيئة الشرعية الجنوبية، واتحاد علماء ودعاة المحافظات الجنوبة، فأصبحت المكونات الإسلامية الجنوبية شريكا فاعلا في مسيرة الحراك الجنوبي. ومثلما ظهرت هذه المكونات الجنوبية، إلى أرض الواقع وأصبح لها مكانتها واحترامها بين أبناء الجنوب، فإن هناك شخصيات إسلامية جنوبية من مشائخ ودعاة، لها وزنها وثقلها واحترامها على الساحة الجنوبية، إلا أنها بعيدت نوعا ما عن دائرة الضوء الجنوبية، وجنحت إلى السلم والسكون، رغم أنني أجزم أنها لا تقر مطلقا ما تعرض ويتعرض له الجنوب، إلا أنها بعيدة عن وسائل الإعلام، ربما من دافع الورع والزهد لا أكثر، إلا أن الظروف الحالية الراهنة تحتم عليها الصدع بالحق وطرح رؤيتها لمستقبل العمل الإسلامي وعلى رأس أولوياته القضية الجنوبية. وإذا كانت مكونات الجنوب الإسلامية تتميز بكونها متقاربة الفكر الإسلامي والمذهبي، من حيث أنها كلها سنية وتتبنى منهج أهل السنة والجماعة مع تباين طفيف بما فيه من وسطية واعتدال، لا غلو فيها ولا تشدد، وتؤمن بالعمل الديمقراطي. إلا أن حالها، لا يختلف عن باقي مكونات الجنوب السياسية من التشتت والتباعد، رغم أن ما يجمعها أكثر مما يفرقها. ومن هذا المنطلق فجدير بهذه المكونات الإسلامية أن تجتمع وتتقارب لاستشراف مستقبلها في إطار مستقبل الجنوب عموما، تجتمع لتحديد مستقبل مكونات الجنوب الإسلامية، في ظل تسارع وتيرة حل وشيك للقضية الجنوبية، أيا كان ذلك الحل الذي سوف يرتضيه أبناء الجنوب، وعليها توقع السيناريوهات المستقبلية ودورها المستقبلي، لأن في تشتت العلماء والدعاة فرصة لتهميشهم في المستقبل، وفي تهميشهم أو تجاوزهم فرض أجندات السياسيين وتوجيه الرأي العام باتجاهها. كما أن دور هذه المكونات لا ينبغي أن يكون مرحلي مؤقت فقط، ينتهي بانتهاء السبب الذي الذي لأجله تكونت، بل إن الدور الأكبر سوف يبدأ بعد الوصول إلى الغاية المنشودة، فمن غير المعقول أن تترك الساحة الجنوبية للساسة فقط يصولون فيها ويجولون من غير أي ضوابط شرعية، بينما علمائنا ودعاتنا، في معزل عن العمل السياسي، أو تم تخطيهم وتجاوزهم. *خاص لعدن الغد