بمناسبة الذكرى ال 51 لثورة ال 30 من نوفمبر المجيدة، عيد الجلاء والتحرر من الاحتلال البريطاني، فإننا سمعنا ونسمع من يتندر ويحن لتلك الأيام سواء عاش جزء من حياته فيها أو لم يعش، بل وسمعنا من يصفها بأيام الزمن الجميل، والبعض الآخر يصفها بأيام الاحترام البريطاني. وبمناسبة هذا الطرح السمج أيضاً الذي لا يقيم أدنى وزن لدماء شهداء الجنوب الزكية التي روت أرض الجنوب لتحريره من دنس الاحتلال البريطاني تذكرتُ مقولة شهيرة للمفكر المصري مصطفى محمود التي يقول فيها ((هناك من يناضلون من أجل التحرر من العبودية .. وهناك من يطالبون بتحسين شروط العبودية)). ما يجمع عفاش وبريطانيا أن كلاهما أنظمة احتلال، وما يفرق بينهما هو أن أحدهما أسوء من الآخر، والمقارنة بينهما هي مقارنة بين سيّء وأسوء. ومن يعتذر لقوة احتلال ما، سيعتذر لغيرها من قوى الاحتلال، لأنه ببساطة لا يريد ان يكون حراً ذو كرامة، بل يريد تحسين شروط عبوديته فقط. وإذا كان نظام عفاش أسوء من نظام بريطانيا، فذلك لا يعني أن نظام بريطانيا أفضل، وأنه نظام الحرية والكرامة، وإذا كان نظام الحوثيين أو غيرهم من الجماعات أو القوى، أسوء من نظام عفاش، فذلك لا يعني أن نظام عفاش أفضل، أو أن أيامه تعد أيام زمن جميل. فالشعوب الحرة تثور من أجل خلع أطواق الوصاية، من أجل حريتها وسيادتها وكرامتها، وليس لتحسين شروط العبودية. ومن الغباء والسذاجة تمني العودة للماضي، فالشعوب الحرة تثور من أجل الحرية والكرامة، ومن أجل المستقبل ومن أجل اللحاق بركب العالم المتقدم الذي سبقنا بما لا يقل عن مئة عام. ومالم يكن على رأس أهدافنا وشعارنا "لن ترى الدنيا على أرضي وصياً" من أي جهة كان ذلك الوصي، فسنبقى في نفس الحلقة المفرغة من العبودية جيلاً بعد جيل، بل وأن الأجيال التي ستولد في ظل العبودية والوصاية، ستكون أشد استكانة وخضوعاً من الأجيال التي اًستعبدت بعد أن ولدتهم أمهاتهم أحراراً. نوفمبر اليوم جانا * عوّد لنا من جديد فيه استعدنا الكرامة * وأصبح الكل سيْد أسياد في الأرض نحيا * نحيا على ما نريد حياة نصنع جديدة * في مجتمعنا الجديد