بعد عصر اليوم بينما كنت متجها إلى مديرية المنصورة لمراجعة طبيب اختصاصي في عيادته وبينما كنت مع صديق لي في سيارته بجولة كالتكس المزدحمة في ذاك التوقيت .. أطل على نافذتي في السيارة طفل صغير لم يتجاوز الثامنة من العمر يبيع الماء .. وبينما كنت أحدثه عن اذا ماكان يرتاد المدرسة أم لا .؟ اقترب من نفس النافذة رجل يبيع المناديل وقال لي مجيبا : لايذهب للمدرسة .. فهو ابني .!! قلت له ولماذا : اجابني بجواب صادم اذا كنت تريده أن يذهب للمدرسة خذه وربيه انت فأنا لا استطيع اطعامه واخوته ولا أستطيع على مصاريفهم وتعليمهم .؟؟؟!! قلت له هل أنت جاد فيما تقول : أقسم على أنه جاد وأنه كأب يريد ضمان حياة كريمة لولده ولو كان ذلك مقابل بيعه ...؟؟؟!!!!! نظرت إلى صديقي بذهول .؟! صديقي الذي بدوره صرخ : وقال لي وما شأنك يا أكرم بذهابه للمدرسة أو من عدمه ؟! اضطررت أن أنزل من السيارة مستغلا الزحام وتوقف السيارات في طوابير طويلة لأقف مع الأب والطفل الصغير في قارعة الطريق محاولا إقناع الأب بأن هذا الطفل واخوته نعمه من الله لايقدرها إلا من حرم منها .. وأنه لابد أن يحمد الله عليها ولا يعيد عرض ولده هذا أو اخوته للبيع مهما اشتدت به الظروف وقساوة الحياة فذلك سيجعل هؤلاء الأطفال ضحايا وعرضة للاغتصاب والانتهاكات الجنسية والقتل وتجارة الأعضاء والمخدرات . وبينما كان يأذن المغرب قلت له بحق هذا الأذان استحلفك بالله بأن تستغفر ربك الذي أكرمك بهم واذا بعينيه تنهمر بالدموع .. وانصرف مع ولده بعد أن قطع وعدا بعدم تكرار حواره هذا وعدم عرضه لأولاده للبيع لأي أحد .؟؟؟!!