وبرغم المؤامرة المحلية وبالتعاون مع الإقليم وتدخل العالم و بايعاز من الأشقاء في المنطقة ظل الحظر قائم والمتعلق بعدم استخراج ثروات الجنوب الطبيعية وحتى إشعار آخر وبالفعل بعد توقيع اتفاقية الوحدة مع الشمال في العام 1990 فورا ظهرت الثروات وتقاسموها اعداء الجنوب الكبار والصغار وأصبحت كلمة اليمنية تردد على كل لسان ذات مصلحة خاصة في الشمال. وهذا حق من حقوقهم الشرعية والقانونية تاريخيا وليس لنا علاقة نحن الجنوبيون بهذه التسمية لأن تاريخنا يحدثنا منذ وقت بعيد وحتى مع ما تعرض له الجنوب من احتلال قبل الإسلام وبعده ومن بعض الدول التي كانت تطمح إلى ضم الجنوب ليس إلى اليمن فقط ولكن الى جهات أخرى في المنطقة لها مصالحها وقواسمها المشتركة فيما بينها البين وحيث كانت على علم ودراية بموقع الجنوب الهام والاستراتيجي الرابط بين أهم قارتين في الشرق والغرب آسيا وأوروبا إضافة إلى قارة أفريقيا وعلى معرفة تامة بمخزون الجنوب النفطي وثرواته الطبيعة الأخرى ولو فعلا تحقق هذا الهدف وخرجت ثروات الجنوب في ذلك الوقت كانت المعادلة لها شأن آخر مع أن الإنجليز حكموا الجنوب 130 عاما وخرجوا كما دخلوا والرفاق الروس حكموا الجنوب 51 عاماً وسقطوا مثل اوراق الخريف دون أن يحققوا للجنوب حلم أو تطلع للاسف واخيرا سلموها الى صنعاء بسلام آمنين. ولقد حاولوا في السابق كثيرون الهيمنة على مقومات الجنوب ثم فشلوا لأن الاستعمار البريطاني كان آخر مستعمر مكث في الجنوب مايقارب 130 عاما يتحدث بأن الجنوب العربي ذات استقلالية كاملة اسما وارض وشعب ويعترف بأن الجنوب أرض يحكمها سلاطينها ومشائخها تحت شعار اتحاد الجنوب العربي الغطاء القش ويقول لا سلطة له على الجنوب لكنه كان محتلا للجنوب من أقصاه إلى أقصاه. ولكن وبرغم هذا الاستعمار الطويل لماذا لم يستخرج الثروات في الجنوب ويطور إدارته الأمر معروف ولغرض في نفس يعقوب والا ماذا يعني التعنت والتعصب على اخفاء حقيقة ما يحتويه الجنوب من ثروات هائله ؟! وكيف يتم في نفس العام الذي غادر فيها الاستعمار البريطاني أرض الجنوب في العام 1967 متوجها إلى دول الخليج ومنها سلطنة عمان القريبة من الحدود الجنوبية وفي نفس الوقت والتاريخ يدشن أول مشروع استخراج نفطي في الإمارات العربية وهنا تظهر كثير من علامات الاستفهام حول لماذا لم يستخرج الإنجليز ثروات الجنوب بينما في كثير من مناطق تواجده تم التنقيب والاستفادة هؤلاء من ثرواتهم ؟؟ وهنا عندما اراد شعب الجنوب تقرير مصير ومطالب العالم دعم استقلاله وإعلان ثورته خرج المندوب السامي البريطاني في عدن ليعلن تحديد وقت الجلاء بعد موافقة صاحبة الجلالة الملكة. وبدأ التفاوض مع أصحاب الحقوق والملاك الحقيقيون من أبناء شعب الجنوب والنخب السياسية والثوار من الذين أداروا الحوارات مع رجالات السياسة من ابناء شعب الجنوب الذين صنعوا ثورة خالدة وضعت الاستعمار أمام خيارات صعبة وفتحت كل أوراق اللعبة السياسية والاقتصادية ولكن لم يسعف الحظ قيادات الجبهة القومية الحقيقيون بقيادة اليمين الرجعي من الذين كانوا على علم بما يحتويه الجنوب من ثروات وطنية كان على مصاف ومسار النفط والأسماك والزراعة وفيها من الثروات الأخرى ورفضوا بيع الجنوب وثرواته وموقعه الاستراتيجي الى الإنجليز والروس ثم دفعوا الثمن غاليا . وهنا أثبتت التجربة بأن المؤامرة كانت اقوى من إرادتهم فسقطوا صرعى واتوا الإنجليز بالروس كمنتقمون من الرجال الذين صنعوا استقلال وأقاموا دولة ثم اعطوا الضوء الاخضر للطفيليون الذين صنعوا تنظيم جديد أسموه الحزب الاشتراكي اليمني ومن طراز جديد ومن هنا نجحت المؤامرة ودفنت أدوار المناضلين والسياسيون وضاعت الأهداف وتبخرت طموحات وأحلام وتطلعات القيادات وكل اطقم الفهم والإدراك لمصالح الجنوب خاصة بعد الإعلان عن استقلال الجنوب العربي الأصل والمنشأ ولم يكن هنا الاستعمار البريطاني قد سلم الجنوب مزاجيا أو توصل إلى قناعة بالخروج ولكن يعتبر اعترافا ضمنيا بأن الجنوب أرض جنوبية غربية وكما كان ينصب السلاطين والمشائخ على كافة المشيخات والسلطنات إلا أنه اضطر إلى تسلم الجنوب تحت ضغط حركة النضال وجذوة تصاعد العمل الفدائي وبروزها على الساحة الجنوبية سياسيا و نضاليا وفدائية وما حققته من انتصارات على طول كل الجبهات داخليا وخارجيا وفعلا الاستعمار اختار أحد الخيارات الذي هو خيار المغادرة للجنوب العربي وتسليمه إلى قيادات من ابنائه وخلال فترة وجيزة حصل الجنوب على استقلاله و دولته وسيادته على كل شبر من أرضه ورفع علم الجنوب الخفاق في مبنى الاممالمتحدة وعلى سارية مجلس الأمن ومعظم دول العالم ونال الاعتراف من كل دول العالم والأغلبية من دول الاقليم عدا دويلات صغيرات لم تعترف وكان لها عذرها ولخوفها من أن تصل رياح التحولات الى دولهم وكان ليس سببا لكن لكل دولة الحق في اختيار ما تراه مناسب في رسم وتحديد علاقاتها السياسية وغيرها من العلاقات الثنائية وللاسف ظلت عوامل الحذر والحيطة تكتنف الموقف السعودي وكل فريق يعمل بحسب ما تمليه عليه معتقداته وتوجهاته وظروفه المحيطة به. واستمر الحال على هذه الوتيرة تامر هنا وآخر هناك من الداخل وشي من الخارج وسقطت كل الرهانات وفشلت كل المساعي الحميدة التي بذلت في اتجاه إصلاح الخلل الذي أصاب العلاقات الاخوية وترميم البيت العربي والإقليمي وإرساء قواعد وأسس التضامن العربي في الشرق الأوسط وفي دول الخليج والجزيرة العربية والعمل على توسيع مساحات العمل المشترك بين الأشقاء خاصة وهناك عدة متربص بالأنظمة العربية كانت تحت مظلة الأنظمة الجمهورية أو النظام الملكي حيث كان العدو لايفرق بين هذا وذاك والكل في وجهة نظره أعداء وقوى تريد اجتثاثه من الخارطة علما بأن هناك كانت مواقف لدول كبرى تدعمه وتقويته وتمده بكل ما يتطلبه من سلاح حديث ومال وتجهيزات حتى أصبح شوكة ذات مخالب متفرعة في منطقة الشرق الأوسط وبلع أرض فلسطين بالكامل وحتى وصل إلى ضفة قناة السويس في عام 1967 بعد احتلاله لجزيرة سيناء بالكامل وهنا قويت الأنظمة الملكية في المنطقة وأصبحت ذات شأن في المعادلة وقوة أخرى تكونت وتشكلت الى جانب كيان العدو الصهيوني السرطان الذي أصاب الجسم العربي بمجمله وحتى اللحظة لم يتعافى والأدلة كثيرة هناك العراق قد سقط وسوريا تشرذمت وليبيا لم تعد كما كانت ليبيا ومصر تعرضت لهزات كبيرة وأحداث عنيفة ولولا موقف مؤسساتها العسكرية كانت اليوم في خظم المحنة وتعاني من الأزمة . طبعا نحن في الجنوب تأثرنا من هذه الأحداث الصعبة والمعقدة لأننا لم نجد نظاما منفتحا على الآخرين بل وضعنا انفسنا في زاوية ضيقة وحددنا توجه فوق طاقتنا ولم نستفيد منه حتى من ناحية استخراج ثرواتنا الطبيعية وادخلنا الوطن والشعب في صراعات قضت على كل وسائلنا الذاتية ودمرت مقوماتنا البنية التحتية وفجأة ارتمينا إلى أحضان الفك المفترس الذي قال إن الفرع عاد إلى الأصل وهي مقولة مطالبة بالجنوب بأنه يمني ودارت الدائرة في الاتجاه المعاكس وحتى اليوم لم ندري من يحكمنا في الجنوب وهل فعلا خاضعين لقوى الشر في المنطقة أو الشللية والفئوية والمناطقية وكتل الزيف فهل من حقنا في الجنوب أن نحدد مساراتنا الذي نحكم فيها أنفسنا لأنفسنا ونحن من يوجه دفة الأمور في وطننا الغالي والعزيزية ..