فيصل أمين أبو راس من قتل الزبيري كان هدفه قتل أمين. ومن قتل الحمدي — قتل أيضًا أمينًا آخر، أمينًا قال عنه ناجي الأشول: «أمين استشهد أكثر من مرة». يروي اللواء يحيى جزيلان — وما زال حيًّا — أنّ أمين وصل إلى بغداد وكنا طلابًا في فندق متواضع. ومن عرف البكر هبَّ ببسالته إلى عند أمين؛ التقى به وتحدثا، وأهدى البكر أمينًا مسدَّسين. عاد أمين بعد ذلك إلى صنعاء، ووصل الحمدي بنفسه إلى بيت أمين. يقول جزيلان: «كنت معه». وبعد أن اختلا وتحدثا، قبل خروج الحمدي طلب مني أمين أن آتيه بمسدس من المسدَّسين اللذين كانا معه. أخذ امين المسدس، أخرجه من العلبة، وضع المشط فيه وخرطشه. ثم مال إلى رأس الحمدي وقال له: «اقع، رجال، وانتبه، احزم الأمور — نحن في خطر والبلد في خطر». والمعلومة الأهم هنا أن البكر سعى لإعادة العلاقات مع عدن، ووجد أن أمين جدير بالمهمة لعلاقاته مع القيادات هناك التي تثق به وتحترمه. وهذا مقلق للجوار، بعد ذلك أعاد المسدس وأهداه إلى الحمدي وودّعه حتى ركب سيارته. يقول عبده بن أمين إن والده في تلك الفترة أرسله ومعه أخوياه شاكر وزيد — وكانوا جميعًا صغارًا — إلى بيت الحمدي، الذي رحّب بهم وسألهم: «علمكم يا عيالي؟» فردّ عبده : الوالد يسلم عليك ويقلك نحن بنادق الوفاء، واضربهم قبل ما يضربوك». ويقول عبده أن ذلك كان قبل قتل الحمدي بحوالي أسبوعين. هنا يروي عبدالله الحداء — وكان طالبًا يعيش في بيت أمين — أنّ أحد مرافقي الحمدي وصل ليبلغ أمين بمقتل صديقه الحمدي. يقول عبدالله: «صعدت إلى أعلى الدار، وكان أمين خارجًا من الحمام بعد أن أنهى استحمامه، ملفوفًا بمنشفة. وأمام باب الحمام خزانة بأبواب من المرايا الزجاجية . نقلت لأمين الخبر، وما زلت أذكر صرخته المدوية التي رجّت الدار؛ انهال بجنون على تلك الخزانة بكلتا يديه حتى تهشمت، والدموع في عينيه والدماء تنهمر من يديه، وكلماته ما زالت عالقة في أذني: 'قد قلت له، قد قلت له... مكسور ناموس'». بعد اغتيال الحمدي، انضم أمين إلى جانب ابنه القبلي الشهيد في مقبرة الشهداء. من قتل الحمدي قتل أمين؛ ومن قتلهما قتل اليمن — قتل الحلم والأمل. هكذا وصلنا إلى ما نحن فيه اليوم. هذا مسلسل ممنهج، وليس صدفة.