قال الكاتب (جدعون ليفي) في جريدة "هآرتس" اليوم ما نصه: كانت القضية الفلس h ينية قد اختفت تمامًا من الأجندة الدولية. ولو تحقق سلامٌ آخر مع السعودية، لأصبح الفلس t ينيون هم الهنود الحمر في هذه المنطقة. ثم جاءت الحرب ووضعتهم على رأس الأجندة العالمية. العالم يُحبّهم ويشعر بالأسف لأجلهم. لا عزاء لسكان عْزة الذين دفعوا ثمناً لا يوصف — وربما ينسى العالم أمرهم مجدَّدًا — لكنهم الآن، ولو مؤقتًا، في صدارة العالم. وقال أيضًا في المقال نفسه: عْزة، وحتى (الحركة الخضراء)، تُنهيان هذه الحرب وهما لا تزالان صامدتين. هما مُنهَكتان، نازفتان، مُصابتان، فقيرتان، ومع ذلك تقفان على أقدامهما. أصبحت عْزة هيروشيما، لكن روحها لا تزال حيّة. ما حدث في هذه الحرب لم يكن مجرد مواجهة عسكرية، بل زلزال أخلاقي وفكري وسياسي غيّر وجه العالم. فقد انقلبت المفاهيم، وسقطت الأقنعة، وتبدلت الرؤية التي ترسخت لعقود بأن القضية الفلس t ينية انتهت أو تآكلت في ذاكرة الشعوب أ_ه. ونقول: فجأة، عاد الفلس t يني إلى الواجهة كرمزٍ للمظلوم الذي يواجه آلةً استعمارية بصدورٍ عارية، وعاد صوت عْزة ل يفضح نفاق العالم ويوقظ الضمير الإنساني من غفوته الطويلة. لم تعد القضية شأنًا إقليميًا محدودًا، بل صارت قضية أخلاقية عالمية، يعاد بها تعريف مفاهيم العدالة والحرية والمقاومة. ومن المفارقات أن هذا التغيير لم تصنعه مؤتمرات القمم ولا بيانات الجامعة العربية، بل صنعه الدم والركام والوجع، صنعه طفلٌ فقد عائلته وخرج يصرخ باسم الوطن. ولا تصدقوا المشايخ المدجّنين من المداخلة والجامية والبرهامية في حديثهم عن المقاومة والقضية، فهؤلاء لا يُنتظر منهم لا دينٌ يُنهض الأمة، ولا عقلٌ يواجه المحتل. هؤلاء تربّوا على طاعة الظالم وموالاة من بيده العصا، لا يفرّقون بين وليّ أمرٍ يحكم بالعدل، ومستبدٍ يبيع الأوطان. هم الذين أفتوا بقبول دخول الاحتلال الأميركي إلى العراق، حتى صار العراق جرحًا مفتوحًا منذ أكثر من عقدين. وهم الذين دعموا طغاة الشام (بشار وأبوه) حين دمّروا المدن على رؤوس أهلها، وسمّوا المقتولين فتنةً والمجرمين ولاة أمر. وهم الذين صمتوا في النكبة الكبرى حين طُرد الفلس t يني من أرضه، وصمتوا في معارك الجزائر والمغرب وليبيا، ولم نسمع لهم يومًا كلمة صدق في وجه محتل. هؤلاء ليسوا دعاة دين، بل أدوات في يد الاستبداد، يستخدمهم العدو ل تثبيت هيمنته من الداخل كما يفعل ب السلاح من الخارج. وبين العدو الذي يقصف عْزة ب صواريخه، والشيخ الذي يخذلها ب فتواه، لا فرق في النتيجة، فكلاهما يسعى لكسر روح المقاومة في هذه الأمة. لكنّ الله لا يخذل من صدق، والتاريخ لا يرحم من خان. وعْزة التي وصفها كاتب الكيان (جدعون ليفي) ب أنها (هيروشيما حية)، ستبقى حيّة فعلًا، لأن فيها من الإيمان ما يُفني الطغيان، وفيها من الصبر ما يُسقط الأكاذيب، وفيها من الروح ما يجعلها تُعيد تعريف معنى الحياة والكرامة. س يكتب التاريخ أن هذه الحرب، رغم فداحتها، كانت لحظة انبعاث جديد، وأن كل من خان أو برر أو سكت، س يبقى على هامش الأمة، بينما تصعد عْزة من بين الركام، تقود وجدان العرب والمسلمين نحو وعدٍ صادقٍ من الله: (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ.)