الرفض يعزز الارهابهكذا يتذكر عاموس عوز هذا اليوم، قبل 65 سنة. 'في يوم السبت، هكذا قالوا عندنا، في السبت ما قبل الظهر، سيتجمع كل مندوبي الجمعية العمومية في المكان الذي يسمى لايك ساكسس وسيقررون مصيرنا: 'من للحياة ومن للضياع!' قال السيد أبرمسكي' ('قصة عن الحب والظلام'). أبرمسكي كان محقا. لو كان حيا اليوم لكان ينبغي أن يقول امورا مشابهة عما سيحصل هذا المساء في الجمعية العمومية للامم المتحدة: من للحياة ومن للضياع. لو كانت اسرائيل دولة فهيمة ومتوازنة، لكان ينبغي لها أن تنضم هذا المساء الى اسرة الشعوب، دون ميكرونيزيا، وأن ترفع يدها بفخار في صالح اكمال التصويت السابق في 29 تشرين الثاني: دولتان للشعبين. ولو كان هناك معسكر سلام حقيقي في اسرائيل لانضم هذا المساء بجموعه الى مهرجان التأييد الصغير الذي سينعقد امام قصر الاستقلال في تل أبيب، في المكان الذي أُعلنت فيه هذه الدولة. ولكن اسرائيل، مثل اسرائيل، تقول لا. بداية تهديدات صبيانية، وقحة لا مثيل لها، ذات نزعة قوة وتسيد: سنعاقب السلطة، سنضرب جيبها، سنبني ثلاثة الاف شقة في المستوطنات. والان بصوت اكثر وهنا، 'ننزل مستوى الاهتمام' والذي لم يتبقَ منه شيء. عندما تقول اسرائيل لا، فماذا تقصد؟ إن الحديث عن دولتين هو خدعة واحدة كبيرة؛ أنها ببساطة لا تريد السلام؛ ان العالم يمكنه أن يقفز لها؛ أنه محظور على الفلسطينيين الكفاح في سبيل حريتهم، لا بالسلاح ولا حتى بالدبلوماسية؛ لا لحماس ولا لابو مازن. لا و لا، ألف لا من القدس. اسرائيل ستقول هذا المساء لا، ليس فقط للفلسطينيين، بل وايضا للعالم باسره باستثناء دولتها المرعية الولاياتالمتحدة، التي ستهان أغلب الظن مرة اخرى وستجلب الكراهية على نفسها بالرفع التلقائي ليدها الى جانب اسرائيل. معظم الاسرائيليين حتى لن يكلفوا نفسهم عناء السؤال لانفسهم، كيف وصلنا الى هذا الوضع، حيث يكون العالم كله حقا ضدنا؛ وانه لعل لاسرائيل دور في ذلك، وتصويتها المضاد سيضيف الى ذلك فقط. 'الاغلبية التلقائية'، كما تعرض اسرائيل باستخفاف الاغلبية سوية العقل في الاممالمتحدة، ستصوت في صالح الاعتراف بفلسطين كدولة مراقبة كون هذه هي الخطوة المحقة واللازمة؛ ولن تجدي نفعا ألاعيب الكلمات للدعاية الاسرائيلية. 'خطوة احادية الجانب'، تسمي اسرائيل الخطوة بوقاحة، في الوقت الذي تبني فيه المزيد فالمزيد من المستوطنات في خطوة هي متعددة الجوانب على نحو فائق. 'خرق اتفاقات اوسلو'، تتهم اسرائيل، التي لم يسبق لها أبدا أن نفذت التزامها ب 'النبضة الثالثة' التي كان يفترض بها أن تنقل بموجبها معظم أراضي الضفة الى الفلسطينيين قبل نحو 15 سنة. اسرائيل التي تعارض الخطوة هي اسرائيل التي تريد تعزيز حماس وعودة الارهاب. لا سبيل آخر لشرح رفضها. ولكن من كل مبرراتها المدحوضة والغبية يجب أن ننتبه الى واحد منها، بارز على نحو خاص: الخطر المزعوم في أن تتوجه هذه الدولة الى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي في موضوع جريمة الحرب المتمثلة بنقل سكان دولة الاحتلال الى الاراضي المحتلة. ممَ بالضبط تخشى اسرائيل؟ فأدموند سيرتب الامر. في واقع الامر سبق أن رتبه: اللجنة برئاسة القاضي المتقاعد ادموند ليفي قررت بانه لا يوجد على الاطلاق احتلال وأن المستوطنات حلال تماما. وعليه، فممَ الخوف؟ هل يحتمل ان رغم تقرير ليفي المجيد على الرأس تحترق القبعة؟ فالحديث يدور عن محكمة تكافح ضد جرائم الحرب وحظيت بتقدير العالم بأسره. وعلى أي حال، فلتبعث اسرائيل بالقاضي ليفي الى هذه المحكمة لتطرح ادعاءاتها المحقة والمقنعة. السيد أبرمسكي مات منذ زمن بعيد، وهكذا بالتأكيد أيضا السيدة توسيا كرومل، جارة عاموس الطفل من شارع عاموس في حي كرم ابراهام في القدس، تلك التي جلبت اليوم قبل 65 سنة خيطا مطولا لماكنة الخياطة الكهربائية من عيادة الدمى لزوجها كي تتمكن من اخراج جهاز الراديو الاسود والثقيل ووضعه على طاولة الشرفة كي تسمع 'البث الحي' من لايك ساكسس. هذا المساء أحد لن يستمع الى الراديو؛ اسرائيل ستواصل دفن رأسها في الرمال، وتنقطع عن الواقع، تتجاهل العالم والعدل، والتلعثم ب 'لا'. جدعون ليفي هآرتس 29/11/2012