الأمن اسطوانة طالما رددت في الآونة الأخيرة وأصبحت ملاصقة كالظل خلال الأربع سنوات التي مضت من عمر التحرير بعد حرب 2015 م . حالة من عدم الإستقرار والتخبط تشهدها محافظة عدن وخاصة في الجانب الأمني على وجه الخصوص , هناك فجوة كبيرة, وخلل أكبر لم يستوعبه الجميع وغض عنه الطرف حكوميا ولم يتحرك في سبيل إنقاذ ما يمكنه إنقاذه في أمن عدن .
يبدو جليا أن الخلل والفجوة لا يمكن ان يكون من ناحية الإمكانيات, او القدرات او الدعم المادي , ولكن قد يكون عكس ذلك تماماً وهذا أثبت طيلة أربع سنوات مضت من عمر التحرير . تشهد عدن حالة أمنية مزرية ومرعبة وأصبحت تدق ناقوس الخطر وهواجس المخاوف , فبعد حالات من الاغتيالات والعمليات الإرهابية التي تستهدف قيادات وشخصيات مدنية وعسكرية ودينية تطورت الأمور واصبحت تصل إلى هدم بيوت المواطنين فوق ساكنيها بحجج واعذار قبيحة وكل ذلك أمام مسامع وانظار الأمن نفسه وباسم القانون نفسه وذلك عن طريق قيادات أمنية نافذة تبسط على مساحات شاسعة وكبيرة جدا وصلت إلى منازل المواطنين .
كل ذلك يعكس صورة مرعبة عن أمن محافظة عدن وتحولها إلى مرتع وغابة كبيرة موحشة يسودها انفلات أمني, واغتيالات , عمليات إرهابية, بسط على المتنفسات والمرافق العامة, ومساكن المواطنين الآمنين .
إنتقل شبح الاغتيالات والعمليات الإرهابية إلى كابوس البسط وهدم المساكن على أهلها لإسباب ورغبات ونزوات قيادية حولت المدينة إلى ملكية خاصة و" قرية " تعج بالفوضى والعشوائية والتخبط والعبث .
من يعرف عدن جيد لا يستطيع ان يستوعب ما يدور بين أحياء ومديريات وازقة وحواري العاصمة المؤقتة . و أصيب الشارع العدني بحالة من الذعر والخوف وهواجس الرعب بعد ان تناقل كثير من النشطاء على وسائل التواصل الإجتماعي مقطع فيديو يحاول فيه جنود واطقم عسكرية تابعة لقيادي أمني هدم مايقارب 200 منزل على ساكنيها في مدينة التقنية أحد المدن السكنية في قلب محافظة عدن مما اثر كثير من التساؤلات والهواجس حول نقل صورة موحشة ومرعبة عن محافظة عدن .
وقد عنون الكثير من النشطاء السياسيين في وسائل التواصل الإجتماعي تلك الحادثة بعناوين مختلفة وكثيرة كان من أهمها :-
هدم 200 منزل في مستوطنة التقنية , وقال البعض الآخر أنته في عدن ولست في غزة وقال أخرون عدن من الاغتيالات والعمليات الإرهابية إلى إرهاب هدم المنازل . وقال أخرون إرهاب بأدوات القيادات الأمنية .
كل ذلك ينذر بتحول خطير قد يكون أشد وطأة وخطورة من العمليات الإرهابية وقد يصيب النسيج الإجتماعي في مقتل ونتحول إلى إرهاب باسم وعباءه وجلباب القانون الأمني . عدن من إرهاب القتل والتفجيرات إلى ارهاب الهدم والبسط على ممتلكات ومنازل المواطنين .
في عدن يدق ناقوس الخطر وينذر بقدوم إرهاب أخطر واعظم من الإرهاب القاعدي الداعشي فهل من مستجيب .
تعتبر محافظة شبوة في وقتنا الراهن من اهم النماذج الأمنية الناجحة التي يضرب بها المثل إلى جانب حضرموت ولحج في المرحلة الحالية, وقد يتساءل الكثير عن سبب نجاح الأمن في تلك المحافظات وعلى وجهة التحديد محافظة شبوة التي كانت تعج بالانفلات الأمني, والثأر , وانتشار عناصر الإرهاب وكانت أحد أوكار الإرهاب والفوضى ومنبع " الثأر " ولكن وبعد فترة زمنية قصيرة بمقارنة مع العاصمة المؤقتة عدن استطاعت شبوة ان تحقق رقم قياسي في عملية تطهير المحافظة أولا من عناصر واوكار القاعدة واختفاء وبشكل كلي تلك العناصر وانعدام العمليات الإرهابية فيها , والاغتيالات , ومنع حمل السلاح , وانتشار الأمن والأمان والسكينة فيها خلال فترة زمنية قصيرة .
واذا ذهبنا بمقارنة بسيطة بين كلا المحافظات( شبوة- عدن ) سنجد أن الدعم المادي واللوجستي والعتاد والقدرات والقيادات والخبرات الأمنية والعسكرية أفضل في عدن من شبوة ولكن العمل والفعل على الأرض تكون فيه شبوة نموذج أمني يدرس و يحتذا به على الصعيد الأمني والعسكري .
بينما العاصمة عدن تعيش حالة من الضبابية الأمنية على الرغم بأن مواصفات النخبة الشبوانية وتجربتها هي نفس تجربة الحزام الأمني في عدن , ونفس الجهات ونفس الخضوع لكل الطرفين .
ومن هنا تبقي عدن نموذج أمني سيء وتعتبر شبوة النموذج الأمثل والأفضل والرائع في المرحلة الراهنة .
لماذا إخفق أمن عدن وكتب النجاح للنخبة الأمنية الشبوانية في شبوة ومن تتقذف الأسباب وتدحرج المبررات وتطفئ الأعذار بين أمن عدن وأمن شبوة . ويرى محللين أن عدن بعد التحرير اصبحت مرتع و حضن مفتوح لكثير من المشاريع والصراعات السياسية بين القوى المتصارعة المختلفة ولم تستطيع تلك القوى ترجيح الكفة في الميزان الأمني لصالح الاخرى وانخل بذلك الوضع الامني في المحافظة نتيجة خلل الكفة الأمنية فيها . وهي مسرح ومضمار كبير لصراع ونزاع سياسي طغى وأثر على الجانب الأمني في المحافظة وأصبحت عدن مسرح للعبة تصفيات الحسابات المناطقية والعنصرية وذلك انعكس سلبيا على الحياة والجانب الامني في المحافظة .
بعكس شبوة التي عرفت تستغل الفرصة الذهبية من خلال استغلال الدعم اللوجستي والمادي من قبل التحالف العربي وأحكام القبضة ورص صفوفها تحت مصلحة المحافظة الأمنية وهي منطقة جغرافية وبشرية واحدة واستغلت ذلك العامل واثبت أهل شبوة أنهم نموذج أمني وحضاري رائع .
وعليه فإن اخفاق عدن الأمني يعود إلى عوامل وأسباب سياسية وتصارع المشاريع فيها واختلاف القوى وصراع المنطقية والعنصرية بينما شبوة يعود نجاح تجربتها الأمنية إلى توحيد المشروع وتقارب القوى مهما كان اختلافها ووحدة الهدف فيها .
في المهرجان الاحتفالي الكبير الذي نظمه المجلس الانتقالي في محافظة شبوة في ذكرى الثلاثون من نوفمبر عيد الجلاء والاستقلال الجنوبي كان العضو البارز في المجلس الانتقالي الشيخ صالح بن فريد قد القى كلمة بهذا المناسبة ولكنها كانت تحمل الكثير من الرسائل إلى الرفاق وخاصة في محافظة عدن وعلى وجه الخصوص إلى المجلس الانتقالي .
وكانت كلمة العولقي عبارة عن كلمتين ثقيلتين على الكثير وخفيفتين على البعض الآخر من الرفاق في عدن .
قال بن فريد وبصريح العبارة( لن تكون شبوة مثل عدن , ولن نسمح لكل مشاريع البلطجة والقتل ان يضع اقدامه في شبوة مثلما حاصل في العاصمة المؤقتة عدن ) . تلك رسائل مفادها فشل وتخبط تجربة الرفاق والزملاء في محافظة عدن واخفاق واضح على سوء أمني كبير وان عدن تسير إلى مستقبل مجهول وعليكم الإنتباه لذلك , وعليكم مواجهة الأمور والمعطيات والأحداث والحقيقة وعدم التهرب ورمي التهم وصكوك التخوين .
أرسل الشيخ بن فريد رسائل واضحة المعالم لمن أراد فهم واستيعاب ذلك ومعالجة الأمور الأمنية قبل حدوث الكارثة وحصول الندم فهل وصلت الرسائل واستوعب الرفاق ماذا يريد إيصاله الشيخ بن فريد من عاصمة محافظه شبوة .