قبل أيام ليست بالقليلة زأر وزير الداخلية بخطابه الناري، بارزا سيف نضاله، وواقفا مع شعبه الذي يتلقى كل يوم سهام الغدر والعداء، ووعد الميسري الشعب بالوقوف معه، وكشف عصابات الغدر، ومحاسبة مبرقي الوجوه، ورد سكان السفينة لقائدها. صفقت قلوب المجروحين لهذه العبارات، وعانقت المشاعر المكلومة عبارات الوزير، وفرحت أمهات الأسراء والشهداء. تناقلت تلك الكلمات وسائل التواصل وأحس من حس بأنها ضمدت نوعا ما من الجروح، وأن هناك من يعيش معهم ويسمع أنينهم وعويلهم، وانثالت أقلام الكتاب في الثناء على قائدهم، ودعت له القلوب قبل الألسن بالحفظ والتوفيق. ولكن الجلاد يعرف من أين تؤكل الكتف، وأن موت أو حياة الميسري لن تؤخر ولن تقدم خطتهم المشؤمة في التدمير، وحرف العقل والضمير، فتحرك عقارب الخبث في السر والخفاء للتضيق على مدينة المساكين والضعفاء، ورموا برماح الإفساد لثقب الجروح مرة أخرى، فلهم في كل منشأ حكومي عيون البوم في اختلاس النظر، ومكر الثعلب، ويد الذئب، وسن الفأر. فتارة أزمة في البنزين وتارة في الكهرباء، ووو. بدأ التأديب لأهل عدن لأجل كلمة قالها الوزير! ولن تقف المعاناة إلا بصلح مع الجلاد، أو استسلام من قبل الوزير، أو انتصار منه عليهم وهذه الأخيرة ستكلف أهل عدن الكثير والكثير، فالخصم قد نزع من قلبه أقل مراتب الرحمة، وعبيده يونفيذون له كل ما يريد، ولو طلب منهم قتل أولادهم لقالوا: طاعة وكرامة. لن يتلقى الميسري سياط الجلاد، فهو في أمن وحراسة، ولكن الشعب المسكين الذي يسابق الغربان في البكور لنيل رزقه هو من سيضرب بتلك السياط، وشباب عدن هي من ستتوجه لهم رصاص الحقد والغدر، وإني أخشى أن يطال الأمر إلى النساء، فنحن لسنا نتعامل مع قلوب آدمية. ليتك سكت ياسعادة الوزير، ومضيت في عملك صامتا، وبقي وقت الهدوء قبل العاصفة يمدد له الوقت. سعادة الوزير: ألا ترى ما حل بقومك؟ هل ستوفر لهم البنزين؟ هل ستوفر لهم الكهرباء على أحسن حال؟ هل ستؤمن رجالهم من القتل والأسر؟ هل سيحس أهل عدن أن أبنائهم هم من يحكونهم؟ هل وهل وهل...