للعام الرابع على التوالي، يأتي اليوم العالمي للمرأة على وقع استمرار تفاقم معاناة النساء في اليمن، جراء الحرب ضد مليشيات الحوثي التي خلفت عشرات الآلاف من الأيتام والأرامل والثكالى.
وتذكر تقارير محلية ودولية متطابقة أن حوالي 30 في المئة من ضحايا الحرب في اليمن البالغ عددهم أكثر من 47 ألف قتيل وجريح هم من النساء والأطفال.
هذا حالنا
صباح محمد (40) عام وهي نازحة من جحيم الحرب في الحديدة الى عدن تقول انه “لأول مرة أسمع بيوم المرأة العالمي!”، وذكرت صباح، التي كانت تجلس على رصيف شارع مطل على أطلال فندق عدن أنها تظل عشر ساعات يومياً تمد يدها على هذا الحال بحثًا عن العون والشفقة من بين السيارات المارة في الطريق لتجني ما يعادل (2500 ريال يمني)، تساعد بها زوجها في نفقات أسرتها المكونة من 11 فرداً.
“هذا حالنا اليوم في ظل هذه الظروف الصعبة”، أضافت المرأة الأربعينية ذات البشرة السمراء التي تقطن وأسرتها منزلاً صغيراً بالكاد يستطيعون سداد إيجاره البالغ 30 ألف ريال شهرياً.
آلاف النساء اليمنيات يجدن أنفسهن أمام تحدّ جديد في خضم النزاع الحالي، إذ تحمّلن مسؤولية أسرهن مع فقدان معيلها الرئيس، كما تزايدت ظاهرة التسول وعمالة الشوارع في المدن الرئيسة بشكل غير مسبوق.
وتسببت الحرب في مقتل 18 آلاف و942 رجلًا، وإصابة 70 ألفًا و800 آخرين، وفق منظمة الصحة العالمية.
محصلة جعلت معظم الأسر اليمنية تفقد معيلها التقليدي، سواء بالقتل أو الإصابة، لتجد المرأة نفسها في مواجهة تحدي تحمّل أعباء الأسرة وحدها، بل إن نحو 21 % من الإناث دون سن ال18، يتحمّلن مسؤولية أسرهن ويترأسنها.
وعلاوة على ذلك، شهدت المدن الرئيسة باليمن، في الأعوام ال4 الماضية، ارتفاعًا ملحوظًا في عمالة الشوارع والتسول.
وتلجأ مئات الفتيات إلى بيع قوارير المياه المعدنية والمنتجات اليدوية التي يُصنّعنها أحيانًا، بينما تتسول أخريات من أجل إطعام أطفالهن، وحمايتهم من المجاعة.
في ذات الوقت الذي يحتفل فيه العالم بيوم المرأة العالمي، تنهمك النساء اليمنيات في الأعمال والبحث عن مصدر رزق لإعالة أسرهن في ظل استمرار قسوة الحياة عليهن وانقطاع الرواتب، والنزوح وانقطاع الخدمات العامة، منذ اندلاع الحرب قبل أربعة أعوام.
لم تعد الكثير من النساء في اليمن اليوم يفكرن بفرصة التسوق التجاري ومتابعة أحدث التنزيلات وصيحات الموضة، بل أصبحت هي العاملة والمسوقة والبائعة في كثير من المحال التجارية بعد ان كانت هي المشتري.
مسؤولية كبيرة
أمنية حيدرة احدى السيدات العدنيات التي أجبرتها الظروف الاقتصادية على الخروج والبحث عن عمل، تروي لصحيفة عدن الغد ان راتب زوجها لم يعد يكفي لتغطية سبل العيش.
تقول أمنية بعد ارتفاع الأسعار وراتب زوجي لم يعد يكفي حيث انه لم يستطيع تسديد إيجار البيت أو توفير الطعام والشراب لنا ولأولادي وكنت مرغمة على الخروج والبحث عن مصدر رزق لإعالة أطفالي، بحثت عن أعمال عدة من إعداد البخور وبيعه على السيدات إلى العمل في حياكة ملابس وصنع مشغولات يدوية وأخيراً تنظيف المنازل.
لم تعد تريد أمنية والكثير من أمثالها معرفة أن اليوم – 8 مارس – يحتفل فيه العالم بيوم المرأة العالمي، لأنه في الواقع أصبح يذكرهن بمعاناتهن كما تحدثن.
وتقول ضياء سروري " النساء في عدن كان لهن الحق في التعليم والعمل والانخراط في الحياة السياسية، فقد اقتحمت المرأة في عدن مجال الإعلام والفن والاقتصاد والدبلوماسية والتربية والطيران والقضاء والهندسة والصناعة والعسكرة أيضًا.
وتتابع سروري " نعم لقد نجحت المرأة في الزمن الجميل بان تحقق الكثير من النجاحات وأكدت بانها لا تقل كفاءة عن الرجل في مجالات العمل العام، وهذا دليل كبير واكيد على قوة المرأة ونجاحها في كافة المجالات".
كما تميزت المرأة في عدن بعدة صفات رافقت نجاحات العمل، فهي الزوجة الصالحة والام الحنون وايضا هي الثائرة الغاضبة ضد اعداء الوطن، فالمرأة هي ميزان القوة، وجودها يدل على نجاح مجتمعها وغيابها يثبت ولا شك فشله.
وكما هو واضح فقد تغيرت بعض الأمور في العقود الثلاثة الأخيرة حيث تدخلت ثقافة القرية وبعض الأفكار والمعتقدات الدخيلة على نجاح المرأة في عدن وأثرت علية إلى حد كبير، إنها أفكار أجبرت المرأة ان تقف في طابور طويل لتبحث فيه عن دورها الوطني والمهني لهذا وجب علينا اليوم أن ندق ناقوس الخطر ونهتف بأعلى صوت "نحن كنا ويجب أن نظل هنا".
أسوأ دولة للمرأة
وصنف تقرير منتدى الاقتصاد العالمي حول “الفجوة بين الجنسين لعام 2017”، اليمن في المرتبة 144 كأسوأ دولة لمعيشة المرأة، على صعيد حقوق التعليم والاقتصاد والسياسة والصحة، للسنة الثانية عشر على التوالي.
وتُشكل النساء حوالي نصف إجمالي سكان اليمن البالغ عددهم أكثر من 27 مليون إنسان.
ضحية مباشرة للنزاع
لم تقع المرأة اليمنية تحت وطأة النزاع بشكل عَرَضي؛ بل كانت ضحية مباشرة لنيران الحرب التي تتصاعد منذ 3 أعوام؛ ما أسفر عن سقوط عشرات النساء في جميع المدن
.
ووفق إحصائيات، تسبب النزاع في مقتل 635 امرأة، وإصابة 2070 أخرى، وذلك منذ ال 26 من آذار/مارس 2015، حتى أواخر كانون الأول/ديسمبر الماضي.
ولم تحدد المنظمة الدولية، أسباب مقتل هؤلاء النساء، لكنها قالت إن” محافظة تعز -الواقعة جنوب غربي البلاد، حيث يُتّهم الحوثيون بشن قصف على الأحياء السكنية فيها بشكل شبة يومي- سَجّلت النسبة الكبرى من إجمالي عدد القتلى بالبلاد.