الإهداء: لكل روح فارقت الحياة من أجل أن تشتري لنا وطن.
أمسكت يديه بقوة ضممتهما إلى صدري..توسلته أن يسامحني على ما اقترفت مشاعري من قسوة فأنا لست عابثة, لست خائنة ..لست سوى أنثى أحبت بجنون ولا يعنيني أني محاطة بالجميع يكفيني فقط أن أكون في عينيه للأبد..قد أكون بالفعل مزاجية,متقلبة,متناقضة,مجنونة,تكمن في أعماقي كل التناقضات الغريبة لكني معه كنت وببساطة متجردة من كل زيف وخداع تلوثت به حياتنا القاسية حين تتركنا نتصارع بين مدها وجزرها..قال لي بدمعات تساقطت حاول إخفائها بصعوبة عني: - ألا تعرفين أن الحب الحقيقي يسلب الرجل منا كرامته ويكسر شموخ كبريائه ولولا أن قلبي بين يديك هاتين ولولا أن قلبك الجميل يستحق أن أسامحه لما عدت.. - ستسامحني.؟؟؟.قلتها بدموع غزيرة غرق بها وجهي الحزين.. - نعم أسامحك لكني أخافك أن تعاودي من جديد قسوتك واستهتارك بمشاعري.. - لكنهم أرغموني أن أكن قاسية..بشعة مثلهم.. - سأتزوجك؟؟ - حلم سيتعثر فأهلي سيقتلوني ساعتها.. - سأهرب بك بعيداً عنهم سنبحث سوية عن وطن جديد يحتوينا عن أرض متسامحة لا تنبذنا بل تزرعنا في أعماقها عشقاً ونزهر فوقها حباً وحرية.. - هل أذنبنا بهذا الحب؟؟؟ - ما ذنبي أني شمالي؟؟ - وما ذنبي أنني جنوبية؟؟ ألسنا كلنا بشر ننبض بالحب وننكسر به أيضاً؟؟ - لكن حبنا قد كفر بالواقع البشع , فقلبينا الصغيرين قد توحدا وحدة لا انفصام لها رغم شتات الانفصال والتشطير النفسي التي امتلأت به الأرواح.. - إذن هي الوحدة بيننا أم الموت؟؟؟ - نعم أراها كذلك..لكن ما العمل الآن؟؟ - لا أدري!! ربما علينا أن نفترق بتراضي منا قبل أن يفرقونا بالقوة.. لكن أين سأهرب بك وبهذا الحب؟؟ - وأنا كيف سأعيش دون ابتسامتك الدافئة وروحك البريئة التي أعادتني للحياة بعد سنوات طويلة من الألم والغربة؟؟ - ربما حان الوقت لتحزم أمتعتك وتدعني هنا لوجعي!! هيا أرحل قبل أن يراك أحد.. - سأرحل الآن لأرتب أموري وأعود لاخذك هناك نحو الأفق بعيداً عنهم وعن هذا الوطن الحاقد علينا أنني أكفر بكل سياسة لا تؤمن بحق قلبينا العاشقين المترعين بالأسى والحب أن يتوحدا وللأبد..سأعود انتظريني لن أتخلى عنك مهما حصل.. - سأنتظرك... لحظات أخيرة أطبق علينا فيها صمت قاتل موجع..نظرت إليه طويلاً انتابني لثواني شعور موحش بأني لن أراه مجدداً لم استطع أن أترك يديه..قلت له بحشرجة الم: - أرجوك عد سالماً من أجلي لا تشارك في أي مظاهرة هناك.. - لا أستطيع سأذهب لأشتري وطناً لنا ولحبنا الخالد سنعيش سوية في الشمس الدافئة..أنني أشعر بحرارتها الآن وأنتي تمسكين يدي بيديك الناعمتين لن أفلتك مطلقاً وأن دفعت روحي رخيصة من أجل ذلك.. - ................................. لم يترك لي سوى هذه الكلمات و ذكريات حب مزدحمة وألبوم صور قديمة ووردة أحاول عبثاً ألا تذبل كنت أعرف أنه لن يسمع كلامي وسيحزم أمتعته باتجاه ساحة التغيير,ومن يومها والوساوس والظنون تعبث بي كل لحظة إلى أن جاء يوم الأحد الماضي تصاعدت أنفاسي وتلعثمت كلماتي وأنا أشاهد جثثهم المتراصة جنبا إلى جنب , كانوا يقلبون الوجوه ليتعرفوا عليها ويدونوا أسماء الشهداء, وأنا من مكاني كنت أقلب الوجوه معهم وأحدق فيها علني لا أراه بينهم هذا ما تمنيته في أعماقي لكنهم اتصلوا بي بعدها بدقائق أنه مصاب ثم انه قد فارق الحياة ثم أنني يجب أن أكن قوية- كالعادة- لأحتمل هذه المأساة..هكذا وبكل بساطة مات حين ذهب ليشتري لنا وطناً يثمر فوقه حبنا المذبوح ومن يومها وأنا قد كفرت بالوطن واستسلمت لأنياب الحب والفراق تنهش لحمي كل لحظة..كيف سأعيش دونه وأي وطن سيهدى إلي بعد أن فقدته..تبا لرصاصتهم الغادرة التي اخترقت قلبه الطيب فأردتنا سويه نحن الاثنين قتلى على أرض تغرق بالدماء وترفل بحب أبدي يجب ألا ينسى مطلقاً...