كقطعة أثاث بالية لا أحد بحاجتها هكذا أجدني، لا قيمة لي لا أحد يعبأ بحضوري وغيابي..أشعر بالوحدة فقط هذا الشعور الذي يكبر كل يوم داخلي، وتمتلئ تفاصيل حياتي به.. لقد صرت بعيدا بعيدا جدا، لديك مشاغلك وهمومك وحياتك التي تذوب فيها يوميا، ابحث عنك كثيرا في كلماتك في صوتك لا أجدك، تتفنن في بناء أسوار عتيدة بيني و بينك.. أنت بعيد وهذا يشعرني بالوحدة والحزن والضياع، تركتني في منتصف طريق مهجور أعجز عن العودة وحدي أو مواصلتها وحدي، أعتدك ببلاهة مدمن مراهق..لم يعد كل شيء بخير ولم أعد أنا بخير، أنا اذوي وشموعي تنطفئ لا جدران ولا سقف يحميني استبدلتها بك، وصنعت منك ملاذي الوحيد وأوهمت نفسي أني تلك المرأة التي تستحق أن تبقى إلى جوارها، ولن تشعر بالبرد والخوف وهي تحتمي بك..انت تبتعد وأنا حزينة .. لا.. لست حزينة أنا تائهة ووحيدة، وحيدة هذه المفردة لها طعم إنكسار أنثى تعاقبتها الفصول الأربعة وهي تنتظر على شرفة روحها رجلها الذي باعته إياها، تنتظره بثقة ويترأى لها طيفه من بعيد يأتي حاملا مفتاح قلبها الذي أودعته إياه ذات وعد ولكنها لا تلبث أن تكتشف سرابا، تغسله بشيء من أمنياتها، وتحتضن وهمها وطيفك وتنام.
للحاف الذكريات في ليالي الشوق القسري دفء أخر، حين كانت تلك النجمة المشعة تحاول خلال شهر كامل التقرب من القمر لتسكن أحضانه، كنت أغافل العالم وأدس يدي في كفك الدافئ، وأهرب بعيني بعيدا عنك وهي تحتضن ملامحك وأحدق في وجه العالم وأنا أدعوه ضمنا ليقرأك فيّ، وأعلن له أيها العالم إن أنقى صلواتي وأكثرها خشوعا كانت بين أحضانه، وإن قمة مجدي الأنثوي كان حين يبكيني شوقي إليه وغيابه المتعمد عني، وإن حضارة روحي التي ستدهش العالم يوما ما ولن يستطيع فك شفرتها، بنيتها حين اعتنقته إله ودين ودولة.
والآن ماذا..؟لم تعد نجمتي الصغيرة تطارد القمر في دورة إكتماله الشهري ولم تعد يدك هنا لأدس كفي الصغيرة فيها، تركت الصلاة مذ حملت جنتي معك وصرت بعيدا.. لطالما اعتنقتك وأنا مؤمنة أنك الطريق الى الجنة الوحيدة التي لن يدخلها غيري.