خبطت بيديها الصغيرتين الهواء ..ضحكت بعذوبة ..شدني فرحها حملتها ..قبلتها بحرارة: ماذا تخبطين ؟ماذا تريدين التقاطه أيتها الصغيرة ؟! ابتسمت لي ..لم أكن أعرف ماتريده صغيرتي ...تحدق في السماء ..تخبط الهواء كأنها تريد الوصول إلى شيء ما ....أنا لا أعرفه ..تابعتها بنظري ماذا تخبطين؟ ماذا تريدين التقاطه من الهواء؟! تمنيت أن أفعل مثلها أخبط بالهواء وأبحث عن ظلي في السماء ونجمتي الآفلة لذهول منظري الحزين. صغيرتي تخبط في الهواء ...تريد التقاط شيء أنا لا أعرفه لم أستطع أن أفهم ما تريده...أمسكت بيديها وضعت خدي على خدها الناعم طابقتهما ..نظرت إلى السماء مثلما تنظر كان القمر بدراً إنه نظرها ..وجهتها أتريدين التقاط القمر؟ ماذا ترسمين في مخيلتك الصغيرة ياصغيرتي ؟؟؟؟؟ أوجه الرجل الذي تركنا ورحل؟ آحزاننا ووحدتنا القاتلة؟ آمالنا الذابلة؟ أخبريني أيتها الصغيرة ماذا تريدين أن تفعلي بالقمر؟! احتضنتها .. وضعتها على سريرها المفعم بالالعاب التى أبتعتها لها من حزني وحلمي الغارب خلف صخرة الفرح البعيدة ..كانت صغيرتي تذكرني بطفولتي حين اختفى القمر فجأة وفي منتصف الليل كانت السماء لاتوجد فيها أية غيمة لكي يحتجب خلفها ..ولكنه اختفى ظننت انه خسف ولكنه لم يخسف .. كانت النجوم تنتظره وأنا أنتظره بلهفتي نقلت صمتي وحلمي إلى حضن والدتي احتضنتهما ..قبلتهما بدلاً مني دعتني لأدخل حجرة نومها الصامتة ولكنني وقفت عند الباب بفزعي عندما رايت رجلاً آخر غير الرجل الذي اعتدت أن أراه في حجرتها ينام بقربها ...لم أعرف ماذا يعني أن يدخل رجل غريب حياتنا التي عشتها معها دون أن يشاركنا أحد ..حتى رجلها الحر كنت لا أعرف ملامحه لم تمر علي ..لم أره ..كبرت وأنا أحاول معرفة أين اختفى القمر تلك الليلة ومن اختطفه من السماء ووضع بدله قمراً آخر ... إيتها الصغيرة نامي لكي نفكر غدًا بمسألة القمر ولكي نستطيع أن نلتقطه من السماء لأنني مللت من الانتظار ..هل تعديني أنك ستساعديني على التقاط القمر ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ أظنها ستوافق.. إذاً لاتفتحي فمك لتتكلمي ابقي كما أنت بلا صوت ..بلا لغة ..لأن يوم تنطقين ستحاولين سؤالي :_((أين بابا؟))مثلما فعلت أنا عندما بدأت أتعلم أساليب الكلام فاجأت والدتي بسؤالي عن رجلها الحر ..ولماذا يعيش رجل غريب معنا ؟! لم تجب بكت وكأنني أقتلها وأنتزع قلبها لكي تعيش بلا قلب ...بلا إحساس نامي أيتها الصغيرة لكي نستيقظ مع شروق الشمس ونلتقطها هي الأخرى من السماء لكي تنير لنا طريقنا المظلم ..عندما تستيقضين لاتحاولى أن تخبطي بالهواء لأن يديك لاتصلان إلى السماء دعيني أنا أمد يدي اليها لعلها تسقط بيدي شهيدة اوميتة ..او مقيدة في طفولتي كان القمر الذى رأيته تلك الليلة مختلفاً وقمر صغيرتي اليوم مختلف عن قمري ..كان أشد حزناً وألماً وقمرها هي لم ينضج بعد لكي يكون قمراً: انتظري نضجه مثلما انتظرت نضجه وعندما نضج كرهت يوم فكرت بالانتظار نامي ياصغيرتي ...نامي ولاتخبطي الهواء بيديك الصغيرتين أخاف أعليك إذا جاء القمر ويختطفك مني ..نامي ..نامي.. لن أبدل قمرًا آخر بقمرك أعدك بذلك.............