كثيرة وفضيعة هي صور الحزن والموت والقهر والفقر في بلدي .. بالفعل كثيرة وفضيعة، بيد ان الافضع من ذلك كله ان ثمة اناس من بني جلدتنا يعيشون حياة الترف والبذخ وحتى المجنون، يحدث هذا التناقض الغريب والمفارقة العجيبة في ظل حرب هوجاء تعصف بشعبي منذ سنوات وربما قبلها حتى. شكلت سنون الحرب هذه... الصورة الاشد ظلما وقهرا، عندما تشاهد في تفاصيلها من يفترض بهم قيادة شعبهم الى بر الامان وانتشال رعيتهم من براثن الالم والجوع والخوف، وهم يهيمون غيا بنعيم الحرب فيما يكوى شعبهم المكلوم ذاك بجحيمها.. حقا يالشناعة الصورة تلك التي اشاهدها اليوم.. وفي الحقيقة يبدو ان معظم الشعوب العربية قد آثرت اخذ صورة جماعية لها طالما وان الحال واحدة والمآساة ذاتها تتكرر في كل قطر عربي ... من المؤسف جدا، انه وبالرغم من نضالات تلك الشعوب بغية تحسين احوالها المعيشية ورفع الظلم عن عاتقها فحسب.. إلا ان الفشل في ذلك يلازمها في كل مرة تقريبا، بل وتسوء حالها اكثر عندما تجد دائما من يحسن الالتفاف على نضالها ومبتغاها ذاك، راكبا الموجة ومستغلا الفرصة في تمكين بقاءه آمدا اطول اعلى هرم السلطة والنفوذ وان كان على حساب سيادة وطنه وآهات شعبه. فليس مستغربا ابدا ذلك النوع من البشر وذلك الاناء المقيت في اخلاقهم، وإلا ما رآيتهم يتمتعون ويلعبون ويعمرون بعيدا عن بلدهم الذي جعلوا عليه راعاة مسألون وقادة محاسبون يوم لاينفع مال ولا بنون.. نحن لانطلب منهم ان يكون "عمرا " قطعا لا، فشتان بين الثرى والثريا، وشتان ايضا من عنف نفسه ان اصاب دابة بغداد شيء من آلم، ومن اتخم كرشه وادلى شفتيه نعيم الفنادق تاركا شعبه تحصده الاوبئة وازيز البنادق! بالفعل لا مجال للمقارنة هنا حتى مع خفي الفاروق عمر رضي عنه وارضاه .. ومع كل ما يسوم شعبي من عذابات ونكبات، حين يعيث قادته ورعاته بامواله فسادا وتلذذا بالشهوات، لا يسعني الا ان اطلب منه الصبر .. فلربما نلنا بعد صبرنا هذا عيشا افضل وحياة اكرم تنسينا فضلات ذلكم الرعاع عندما ظنوا يوما بانهم رعاة .. لاتحسب الارض عن إنجابها عقرت من كل صخر سياتي للفدا جبل فالغصن ينبت غضنا حين نقطعه والليل ينجب صبحا حين يكتمل ستمطر الارض يوما رغم شحتها ومن بطون المآسي يولد الامل صبرا شعبي ، فليس في القوم "عمر "...