لم يحدث أبداً أن ذكرى أي عيد في العالم كان يحتفل به شعب من شعوب الأرض يتحول إلى ذكرى أليمة، وحزن عميق، وإنتكاسة مزرية، إلا ما حدث مع شعب الجنوب العربي، ذلك الشعب الطيب، والودود الصادق ، الذي ذهبت أرضه وأحلامه أدراج الرياح بسبب ذلك التاريخ المشؤوم . لقد كان شعب الجنوب العربي عاطفياً إلى أبعد الحدود ، مندفعاً بمشاعر جياشة نحو تلبية أحلام وتطلعات الأمة في وحدة عربية شاملة من المحيط إلى الخليج ، وكان يعتقد بأن اللبنة الأولى لتحقيق ذلك الحلم الكبير هو تحقيق الوحدة اليمنية أولاً، حيث سكت شعب الجنوب العربي الأصيل عن إدخال (اليمن)إلى إسم دولته الذي لايمت بصلة إلى شعب الجنوب لا من بعيد ولا من قريب ، ظاناً منه بسكوته عن ذلك بأنه يخدم الحلم العربي الشامل بتحقيق الوحدة اليمنية التي ستكون الخطوة الأولى على طريق تحقيق الوحدة العربية الكبرى. وبعد إن تمت (يمننة) الجنوب بطريقة خبيثة كبداية للنوايا الشريرة للضم والإلحاق، كان الشعب ﺍلجنوبي ذو النوايا الطيبة والقلوب السمحة ، يتفائل ويتباشر بقرب تحقيق الوحدة اليمنية حيث كانت شعارات النضال من أجل تحقيق الوحدة اليمنية وتحقيق الوحدة العربية تردﺩ كشعارات وطنية في المدارس وفي الحفلات والمناسبات وكافة منصات الإعلام الوطني والسياسي في الجنوب. ذهب الجنوب إلى الوحدة بنوايا طيبة ومشاعر صادقة لبناء دولة يمنية قوية يسودها العدل والنظام والقانون وينعم فيها الجميع بالأمن والإستقرار، على غرار ما كان يعيشه الجنوب ماقبل تحقيق الوحدة سابقاً. وبنية طيبة (الى حد السذاجة) ﺳﻠﻢ الجنوبيون أرضهم بمساحتها التي تضاعف مساحة الشمال وبكل ثرواتها النفطية والمعدنية والبحرية والزراعية والصناعية فالتقم الحوت الشمالي المفترس والجائع الفريسة بكل أريحية وسهولة، بعد أن كان يتظاهر بأنه حمل وديع يبحث عن الأخوة والمحبة والسلام والمرتع ﺍﻵﻣﻦ. فهم الجنوبيون اللعبة والنوايا الخبيثة للشماليين بالضم والإلحاق ، والهيمنة والإحتلال للجنوب ولكن بعد فوات الأوان ، فقد تغلغل المرض الشمالي السرطاني داخل الجسم الجنوبي بعد أن سيطر على مفاصل الدولة ومصادر القرار مباشرة وعن طريق العملاء وبائعي الضمير والذمم من الجنوبيين الذين ساعدوا وساهموا الشماليين على إحتلال الجنوب وإجتياحه في العام 1994 م. ومنذ ذلك الوقت والجنوب يعاني كل أصناف وأشكال القهر والعذاب والظلم والإضطهاد ، حتى وصل الأمر حداً لايطاق على إثره ثار الشعب الجنوبي مطالباً بالحرية والإستقلال وإستعادة الدولة الجنوبية الحرة والمستقلة ذات السيادة الكاملة على كل شبر من أراضيها المعترف بها دولياً ما قبل إعلان الوحدة اليمنية المشؤومة وقدم وما زال يقدم الكثير من الشهداء حتى اليوم لتحقيق ذلك الهدف المقدس والمنشود مهما كلف الثمن. وما الثاني والعشرون من مايو اليوم إلا مجرد إحتفال شمالي بمولود ولد ميتاً يحاولون إقناع العالم عبثاً بأنه ما زال حياً وأن بإستطاعتهم إعادة نفخ الروح فيه بسحرهم وكذبهم وخداعهم. وبالنسبة للجنوبيون فما ذلك التاريخ إلا مأتماً لمولود ولد ميتاً يجب دفنه إلى الأبد فهو رمزاً للآلام والأوجاع والمآسي التي ذاقها شعب الجنوب العربي خلال فترة الوحدة اليمنية الميتة فلا داعي للتذكير بها بل يجب طمس كل مايذكرنا بها نهائياً والإلتفات إلى مايخدم قضيتنا ودولتنا الجنوبية القادمه.