منذ زمانِ ولادة المدن شربت عدن ترياق الشباب الأبدي فلم تشخ. لم تشخ رغم الأعوام الثقيلة بأيامٍ صبَّارية جرتها على وجهها الجميل، رغم المسامير الصدئة التي حاولت كل يدٍ آثمة زرعها في كبدها، ظلت تصاب بحَب الشباب النابض بالأمل فيزول عن وجهها الجميل كلما غسلته ببحرها الصافي فيحل محله وردُ ميلادٍ جديد على وجنتيها فيصبيها مرةً أخرى . مازالت دماؤها في دورة جريان مستمرة بين شريانها اليافع و وريدها الشاب، ليتبادلا ثورةَ مرحلتين لاتعرفان السكون، فيضج جسدها بالحياة وتمتلىء أوصالها بالعنفوان، ويعتلي محياها جمالٌ آسر عجزت عن دثرهِ كل عوامل التعرية، فيعشقها كل عابر ويقع أسير هواها كل من عانقها، يصاب بداء الشوق إليها ولا يبحث عن دواءٍ منه إلا بين أحضانها. هي عدن كما ولدت أول يوم... تنضح حباً عذرياً وتُنبت جمالاً لايأفل...بقلبٍ ينبض الرقي ليصنع إيقاعاً متناغماً مع عزف الحياة فنعيش في كنفها سيمفونية السلام الأزلي، وإن رقصنا بعض حينٍ على الركام.